Menu

عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الرفيق أحمد أبو السعود يوجه رسالة في الذكرى السادسة والخمسين لانطلاقة الجبهة.

على مدى أكثر من نصف قرن من عمر جبهتنا تواجد لدينا قيادات وكادرات وأعضاء معتقلين وأسرى لهم إسهامات كبيرة في تحويل السجون

أحمد أبو السعود

خاص - بوابة الهدف

 

ذكرى الانطلاقة المجيدة

دائماً ما تشكل ذكرى الانطلاقة وقفة نستذكر فيها ما قدمته الجبهة بكل مكوناتها السياسية والحزبية والجماهيرية والكفاحية... إلخ من أعمال تتراكم في مسيرة نضالنا وكفاحنا ضد العدو، وفي عملية البناء الحزبي وتطوره، وكذلك الإسهام في عملية البناء الوطني.

وقد جاءت الانطلاقة الـ 56 للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أثناء اشتعال معركة طوفان الأقصى التي تخوضها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وحرب الإبادة التي يرد بها العدو الصهيوني على شعبنا ومقاومتنا.

إن الجبهة في ذكرى انطلاقتها تجعلنا نقف على الهدف الأساسي الذي انطلقت لأجله وهو تحرير فلسطين، وراكمت الجبهة في تاريخها أعمالاً نوعية وبطولات ميزتها وحفظت اسمها في سجل الأحزاب الثورية في العالم، وكل حرب أو صراع من أجل تحرير الأوطان يكون له أثمان غالية، فقد قدمت جبهتنا الآلاف من الشهداء على طريق تحرير فلسطين، وما تزال، كما قدمت عشرات الآلاف من الأسرى خلال مسيرتها، وماتزال.

وقد تميزت الجبهة بتواجد أمينها العام أسيراً في السجون الصهيونية إلى جانب العديد من القيادات والكادرات، ما يعني أن رفاقنا الأسرى جنباً إلى جنب مع إخوانهم ورفاقهم ساهموا وما زالوا يساهمون في بناء أوضاع حزبية وثورية خلف قضبان العدو داخل السجون.

فعلى مدى أكثر من نصف قرن من عمر جبهتنا تواجد لدينا قيادات وكادرات وأعضاء معتقلين وأسرى لهم إسهامات كبيرة في تحويل السجون من مراكز للقتل والموت البطيء - كما يخطط عدونا - إلى مراكز ثورية ومراكز للتعبئة الوطنية والثورية.

لقد شكّلت معركة طوفان الأقصى عملاً غير مسبوق، فجاء الإجرام الصهيوني غير مسبوق، ما قلب الرأي العام العالمي لصالح قضية شعبنا ومشروعية نضالنا، وهي المرة الأولى التي يتحرر فيها غالبية الرأي العام العالمي من الدعاية الصهيونية والإمبريالية الغربية إلى رأي مؤيد لفلسطين وحقوق شعبنا.

كذلك جاءت إجراءات السجان الصهيوني على الأسرى الفلسطينيين والعرب غير مسبوقة وعبرت عن حقد لا نظير له، ونحن لطالما أظهرنا موقفنا من أن الصراع مع العدو الصهيوني هو صراع وجود وصراع تاريخي لن ينحسم إلا بزوال أحد طرفيه، وحتماً شعبنا سوف ينتصر.

فقد أعلنت قيادة المقاومة وفي طليعتها كتائب القسام أهداف معركة طوفان الأقصى، وكان أحد الأهداف تحرير الأسرى، ما يؤكد على أهمية الأسرى في الوعي الفلسطيني، حيث أن العشرات بل المئات منهم مضى على وجودهم خلف القضبان عشرات السنين، وجاء موقف قيادة المقاومة بتحرير الأسرى كخطوة على طريق تحرير فلسطين ليبرهن على مصداقية المقاومة التي أنجزت عمليات تبادل للأسرى في سياق الصراع مع العدو، وشكل الأسرى طوال سنوات الكفاح حالة إجماع وطني، ولم يتأثروا بالصراعات السياسية بين القوى والفصائل ، ولم يتأثروا بالانقسام الذي أضعف حضورنا المقاوم، بل على العكس عملوا على إعداد وثيقة هدفت للحيلولة دون الانقسام ولإنهائه.

كما أن الأسرى خاضوا معارك الجوع والمواجهات وقدموا عشرات الشهداء في سياق كفاحهم ضد السجان، وحققوا إنجازات ما كان لها أن تتحقق دون دماء ومعانيان، فقد حولوا السجون إلى مدارس حقيقية تعلم فيها كل من دخلها، تعلموا معنى الوطن وأهمية الدفاع عنه، تعلموا الروح الوطنية والتعالي على الذاتية ونبذ الفئوية، وفرضوا على سجانيهم شروط حياة تليق بهم كمناضلين ومجاهدين، فتخرج من السجون قادة سياسيين، وكادرات ثقافية وأدبية وقيادات ميدانية وشخصيات مجتمعية، فحافظوا على احترام أبناء شعبهم لانهم أفنوا  سنوات أعمارهم من أجل فلسطين وشعب فلسطين.

كان الأسرى ما قبل معركة طوفان الأقصى في حالة انتظار لصفقة تبادل لتحرير ذوي الأحكام العالية وفي المقدمة المؤبدات والمرضى والقادة وكبار السن... إلخ، وكانت أعداد الأسرى تتزايد مع اشتداد المقاومة وبخاصة في الضفة الفلسطينية، حيث كان قوام الحركة الأسيرة حوالي 5300 معتقل وأسير وأسيرة، والآن بعد حوالي شهرين ونصف على معركة طوفان الأقصى يرتفع العدد إلى ما يقارب العشرة آلاف حيث تم اعتقال ما يزيد عن أربعة آلاف لغاية الآن خلال معركة طوفان الأقصى، ونحن على ثقة أن مبدأ "الكل مقابل الكل" سيتحقق ونرى شارات النصر بأيدي أسرانا الذين غيبتهم جدران السجون لسنوات طويلة.

منذ أن أفاق الصهاينة من المفاجأة الكبرى على طوفان الأقصى مارسوا نازيتهم بالإجرام في قتل الأطفال والنساء والشيوخ، ولم يتركوا مستشفى أو مدرسة أو جامع إلا ودمروها، فهم أعداء لشعبنا بكل فئاته فما بالنا بالأسرى المتواجدين في قبضتهم، فقد مارسوا بحقهم تنكيلاً أدى لإرتقاء عدد من الأسرى شهداء جراء الضرب، وعشرات الجرحى إن لم يكن المئات، وكل من وقف بوجههم أو لم يقف طاله الضرب وتكسير الأطراف، عداكم عن منع الماء عنهم وقطع الكهرباء، وزجهم في زنازين بأعداد كبيرة، ومصادرة كل أغراضهم من ملابس وأغطية وحرمانهم من أي شكل من أشكال التواصل مع العالم الخارجي، وتقديم كمية طعام سيئة ومحدودة ما يجعل الأسرى في حالة جوع وعطش تحت البرد وبلا دواء للمرضى ولا علاج.

أنهم يعيشون أوضاع لم يسبق لهم أن عاشوها، ولكنهم سوف يتحررون حتماً ويرسمون البسمة على وجوه كل أبناء شعبنا كتتويج لانتصار معركة طوفان الأقصى.

 

عاشت الذكرى..  وعاشت فلسطين

وعاشت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين