Menu

إنقاذ إسرائيل من نفسها

حلمي موس

خاص - بوابة الهدف

 

 

كتب حلمي موسى*

 

ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه كان مقرر أن يجتمع كابينت الحرب ليلة أمس للبحث في توتر العلاقات الأميركية الإسرائيلية في ظل تصريحات بايدن وعدد من كبار المسؤولين الأميركيين وردود نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين عليهم. وقد تفاقمت حدة الخلافات العلنية بعد تصريحات بايدن الأخيرة حول أن نتنياهو، وليس فقط وزراءه المتطرفين، يشكل ضرراً على إسرائيل أكثر من نفعه. وقد رد نتنياهو عى هذا التصريح بتخطئة بايدن وإصراره عى أنه يمثل المصلحة الإسرائيلية ويدافع عنها.  وواضح أن إدارة بايدن صارت تفصل بين إسرائيل (شعباً) وجيشاً وبين حكومته ضمن محاولتها "إنقاذ إسرائيل من نفسها".

وفي مقابلة مع شبكة MSNBC الأميركية الليلة، قال الرئيس الأميركي جو بايدن أن "لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ضد حماس، لكن من وجهة نظري فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يضر إسرائيل أكثر مما ينفعها، عندما لا يتحرك للحد من الوفيات بين المدنيين في غزة، وأعتقد أن هذا خطأ، ولهذا السبب أريد أن أرى وقف إطلاق النار، والذي سيتم فيه إطلاق سراح الرهائن مقابل هدنة مدتها ستة أسابيع". وأشار بايدن إلى العملية المحتملة للجيش الإسرائيلي في رفح، وشدد على أن هذا "خط أحمر"، لكنه أضاف أنه لن يتخلى عن إسرائيل أبداً، ولن يوقف توريد الأسلحة، بما في ذلك صواريخ القبة الحديدية الاعتراضية".

وأضاف بايدن أنه "لا تستطيع قتل 30 ألف فلسطيني إضافي في ملاحقة حماس وهذا مخالف لما تمثله، وأعتقد أنه خطأ كبير"،  كما أشار إلى قضية "اليوم التالي" للحرب، قائلاً أنه كان قد تحدث مع العديد من القادة العرب، بما في ذلك قادة المملكة العربية السعودية، وقال أن هناك رغبة في الاعتراف الكامل بإسرائيل، في خطة من شأنها أن تغير وجه الشرق الأوسط. وبحسب قوله: "نحن بحاجة إلى التركيز على ماذا سيحدث بعد الحرب، هذا هو المهم".

وقد رد نتنياهو على كلام بايدن في مقابلة مع صحيفة "بوليتكو" الأميركية قائلاً: "لا أعرف ماذا كان يقصد الرئيس (بايدن)، ولكن إذا كان يقصد أنني أقود سياسة ضد غالبية الجمهور الإسرائيلي وأنها تضر بمصالح إسرائيل، فهو مخطئ في كلتا الحالتين". وأضاف أن "معظم الإسرائيليين يفهمون أننا إذا لم نفعل ذلك فسنعود إلى مجزرة 7 أكتوبر". "ولهذا السبب فإن سياستي هي سياسة غالبية الإسرائيليين. فالأغلبية العظمى متحدة أكثر من أي وقت مضى، وهم يفهمون ما هو جيد وما هو مهم بالنسبة لإسرائيل، وهم على حق".

وحذرت مصادر في المؤسسة الأمنية نتنياهو من أن التوترات مع الولايات المتحدة يمكن أن تكلف إسرائيل ثمناً باهظاً للغاية. وبحسب التقرير، تحدثت المصادر مع نتنياهو وأعضاء كابينت الحرب، وقالت إن "الوضع مع إدارة بايدن حساس للغاية، والتوترات معهم تشتد. وهذه التوترات تتزايد مع حلول عام الانتخابات في الولايات المتحدة". الولايات المتحدة تتقدم، وقد يلحق الأميركيون المزيد من الضرر بالمساعدات العسكرية لإسرائيل".

وفي مقابلة إذاعية قال المراسل السياسي لموقع "والا"، باراك رافيد أنه "عندما يقول بايدن "خط أحمر"، فهذا يعني أنه، على سبيل المثال، حتى اليوم، منع الأميركيون قراراً بشأن وقف إطلاق النار في غزة في مجلس الأمن، أو عملية في رفح. في تقديري، وليس مجرد تقدير، هذا سيجعله لا يمتنع عن استخدام الفيتو الأميركي".

وأشار رافيد إلى التوترات بين بايدن ونتنياهو، وقال: "إن سياسة الرئيس واضحة تماماً، من ناحية فك الارتباط مع نتنياهو، ومن ناحية أخرى مواصلة دعم إسرائيل. ترى كيف في المقابلة التي أجراها بايدن MSNBC أمس، من ناحية يقول أن نتنياهو يسبب ضرراً لإسرائيل والعملية في رفح هي خط أحمر، ومن ناحية أخرى يقول أنه لا يوجد خط أحمر عندما يتعلق الأمر بدعم إسرائيل". وشدد على أن "ما يحدث هنا هو أن بايدن وصل إلى النقطة ذاتها التي وصلها ثلاثة من أسلافه، ممن عمل كل منهم مع نتنياهو ووصل لوضع سئم منه ببساطة. وبايدن الآن في وضع قبل رمضان في معركة انتخابية وهذا ما يجعل من التعقيد والخطورة بمكان إحداث قطع من ناحيته مع نتنياهو والتوضيح أنه يواصل دعم إسرائيل".

وكان رافيد قد كتب في موقع "والا" أن سلسلة من الأحداث والقرارات التي اتخذها نتنياهو في الأسابيع الأخيرة قادت إلى يأس الرئيس منه. وإذا لم يغير نتنياهو اتجاهه، فإن الانفجار مع البيت الأبيض يبدو لا مفر منه. وقد تكون النتيجة قيام الولايات المتحدة بالضغط على مكابح الجيش الإسرائيلي في طريقه إلى رفح.

ومعروف أن نائب الرئيس كامالا هاريس أوضحت لشبكة CBS يوم الجمعة، الاتجاه الذي ينحو إليه الرئيس: "أعتقد أنه من المهم خلق تمييز، أو على الأقل عدم الخلط، بين حكومة إسرائيل والشعب الإسرائيلي". ويرى مراقبون أنه لم يكن هناك حدث واحد دفع بايدن إلى البدء في تغيير الاتجاه فيما يتعلق بنتنياهو الذي يعرفه منذ 40 عاماً. وحسب مسؤولين أميركيين كبار فإن تراكم الأحداث والقرارات التي اتخذها نتنياهو في الأشهر الأخيرة هو الذي تسبب في يأس بايدن منه. وذكر المسؤولون الأميركيون أن بايدن ومسؤولين آخرين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية في واشنطن يشعرون بإحباط شديد بسبب ما يعتبرونه نكران جميل من جانب نتنياهو. إذ قدم بايدن لإسرائيل دعماً غير مسبوق خلال الأشهر الخمسة الماضية، على حساب انتقادات شديدة من داخل حزبه في عام انتخابي. كما كان الرئيس الأميركي يأمل في استخدام الحرب لدفع خطته للتوصل إلى صفقة شاملة مع المملكة العربية السعودية كجزء من استراتيجية اليوم التالي. وإلى حد كبير، يرى بايدن أن نتنياهو ورفضه هو السبب وراء ابتعاد هذه الصفقة أكثر فأكثر.

وقد برر رئيس حزب المعارضة، عضو الكنيست يائير لابيد (يش عتيد)، انتقادات الرئيس الأميركي جو بايدن، لتنياهو وقوله أنه "يضر إسرائيل أكثر مما ينفعها". وقال لابيد: "الرئيس بايدن محق في قوله إن نتنياهو يضر إسرائيل أكثر مما يساعدها، وللأسف علي أن أتفق معه". وقال لابيد في مقابلة مع إذاعة الجيش: "بن جفير يرسل متظاهرين إلى كيرم شالوم لوقف شاحنات المساعدات، نحن في وضع غريب ومجنون حيث يقرر قسم من الحكومة إرسال المساعدات إلى غزة، ويقرر القسم الآخر منع وصولها إلى غزة". والنتيجة هي أن الأميركيين والأردنيين تمكنوا من نقل المساعدات ويريدون الآن بناء ميناء عائم. وهذا يعني أن الحكومة الإسرائيلية تحاول تجاوز نفسها".

وأضاف لابيد: "إن بيان (بايدن) لا يتعلق بالحاجة إلى القتال. هناك أربع كتائب لحماس في رفح، ويجب القضاء على هذه الكتائب الأربع. وهذا سيكمل العملية الضخمة ضد القوة العسكرية لحماس. ولكن هناك 1.3 مليون شخص في رفح اليوم، ربما أكثر قليلاً، معظمهم من اللاجئين الذين أتوا إلى هناك لأننا دفعناهم إلى هناك، وهي عملية معقدة سيتعين عليك إجلائهم من هناك ثم شن الحرب. قال، "لا يمكنك تجاهل حقيقة أن هناك الكثير من الناس هناك."

 

*كاتب صحفي من غزة