Menu

الصراع وعناصره

سعاده مصطفى أرشيد

سعادة مصطفى أرشيد.

خاص - بوابة الهدف

 

 

كتب سعادة أرشيد*

 

تؤكد الأحداث والأخبار على حد سواء أن حرب تشرين الثانية (طوفان الاقصى) هي حرب إقليمية وعالمية سواء بقي ميدانها محصوراً في الاشتباك الدائر بين غزة ودولة الاحتلال أو انتقل إلى أماكن أخرى في الإقليم.

تشارك الولايات المتحدة والغرب وبعض الدول العربية في هذه الحرب إلى جانب دولة الاحتلال وكل منهم يقوم بدوره ووظيفته ومساهمته في هذه الحرب، الولايات المتحدة تقوم بدورها من خلال دعمها المطلق لدولة الاحتلال في السلاح والسياسة والدبلوماسية وصولاً إلى مشاركة ضباطها وإدارتهم للعمليات العسكرية فيما باقي الغرب بين مشارك على ذات الطريقة وبين داعم أقل ظهوراً في الإعلام ولكنه يعبر عن الفكرة الغربية الأساسية في الثقافة والسياسة، وبأن دولة الاحتلال هي امتداد لهذا الغرب، أما الشريك العربي فيمارس دوره ووظيفته من خلال الحصار وتجويع أهل غزة والضغط على المقاومة في سبيل أن تقبل بمطالب (الإسرائيليين)، وأولها إطلاق سراح الأسرى الذين تحتجزهم منذ السابع من تشرين الأول الماضي، ثم في تحميل المقاومة الوزر والمسؤولية عن الجرائم التي ترتكبها (إسرائيل) ضد المدنيين وإبراء ذمة الاحتلال من هذه الجرائم.

في مقابل ذلك، دعمت إيران ولا زالت المقاومة بالتسليح والتدريب والسلاح والمال وفي فتح آفاق علاقات لها مع المقاومات التي تدعمها وتشكل معها محوراً مقاوماً، من الحليف اليمني الذي قدم مشاركة من العيار الثقيل في البحر الأحمر أرعبت لا إسرائيل فحسب وإنما العالم الغربي بأكمله وجوارها العربي الشريك مع ذلك الغرب، والمقاومة العراقية برغم تركيزها على التواجد الأميركي في العراق وشرق الفرات السوري، ثم المقاومة اللبنانية التي تشاغل جزءاً وازناً من جيش الاحتلال وتضرب مواقعه في الشمال وتتحمل ضرباته بصبر، عدا أنها هجرت ما يقارب من نصف مليون مستوطن من الجليل يبدو أن قسماً كبيراً منهم لن يعود أبداً. تشارك في الحرب إلى جانب المقاومة دول أخرى عبر العالم امتلكت الإرادة لتحدي الولايات المتحدة والغرب وعلى رأس هذه الدول البرازيل والأرجنتين التي تشاغل دولة الاحتلال في أميركا اللاتينية وفي منظمات الأمم المتحدة، ودولة جنوب أفريقيا من خلال الدعوى التي رفعتها لدى محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد دولة الاحتلال، تتهمها بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية.

تشارك الجماهير في هذه الدعم للمقاومة، في الأردن وسوريا ولبنان والعراق كما في مصر والعالم أجمع، ومن اللافت حجم المظاهرات في الأردن المجاور لفلسطين المحتلة والتي تطالب جماهيره الحكومة بطرد السفارة (الإسرائيلية) ووقف تصدير البضائع إلى دولة الاحتلال وهي مظاهرات وضعت الدولة في موقف بالغ الحرج بين التزاماتها تجاه الولايات المتحدة والاتفاقيات المائية وتلك المتعلقة بالطاقة مع دولة الاحتلال وبين توجهات شعبها وضرورات سيادتها واستقلالها الذي انتقصت منه تلك الاتفاقيات.

هذا ما يمكن ملاحظته أيضاً من خلال أخبار الأسبوع الماضي من الجانب المعادي، إذ يفترض أن يجتمع اليوم الإثنين في واشنطن عسكريون (إسرائيليون) مع نظرائهم الأميركيين لبحث تفاصيل معركة رفح ووضع الخطط من أجلها بعد أن عاد الأميركيون عن موقفهم الرافض لهذه المعركة وهو الموقف الذي سبق أن تحدثت عنه بشكل مباشر نائب الرئيس الأميركي وكبار المسؤولين في واشنطن. لكن اليوم، الأميركي هو من بدل موقفه ويبدو أنه هو من سيدير المعركة بوجود مباشر لضباطه وعساكره فيما يناقش قادة الأمن (الإسرائيلي) في مصر موضوع الأسرى في ضوء هذا التهديد.

بالمقابل لا تبدي المقاومة ضعفاً أو خوفاً من معركة رفح مع إدراكها لحجمها وفداحتها وقسوتها، فالمقاومة لا زالت تقارع الاحتلال في كل سنتيمتر من أرض غزة، فيما تفيد أخبار الضفة الغربية و القدس عن ارتفاع مستوى المواجهات وعمليات المقاومة على أرضها، وكان الحدث الأهم هو في زيارة طويلة لرئيسي المكتب السياسي لكل من حماس والجهاد الإسلامي لطهران ومع أن المعلومات والتفاصيل عن تلك الزيارة لا تزال محدودة وفي نطاق البيانات العامة إلا أن طبيعة الجولة التي قاما بها والزيارات التي شملت كل أطياف الدولة في طهران تفيد بأنها زيارة ناجحة وأنهما سمعا ما يعزز من موقفهما ويصلب من إرادتهما.

من يتابع تفاصيل الحرب بدقة يستطيع أن يؤكد أن الطريق نحو نهايتها لا زالت بعيدة، فالولايات المتحدة والرئيس بايدن يعتبرونها حربهم بالدرجة الأولى ولدرجة نكاد أن نقول معها أن بايدن يعطي الأولوية لانتصار إسرائيل على أولوية فوزه في السباق الانتخابي الرئاسي، بالمقابل تتعاطى أطراف محور المقاومة مع الحرب أيضاً على أنها حربها التي تريد خوضها حتى النهاية. إنها حرب يخوضها فريق يملك كل عناصر القوة المادية من عدد وسلاح واقتصاد، مقابل فريق لا يملك إلا القليل من تلك العناصر المادية و لكن كثير من عناصر القوة المعنوية وإرادة الانتصار.

 

*كاتب فلسطيني