Menu

لا خيار الا الانتصار

سعادة مصطفى ارشيد

خاص - بوابة الهدف


كتب سعادة أرشيد*


مع الفشل غير المفاجئ في الوصول الى هدنة او تهدئة بذل من اجلها مدير وكالة المخابرات الامريكية اقصى ما يمكنه ان يفعل، الا ان القرار الكبير في واشنطن يبدو انه كان اقل اهتماما بالهدنة و بالضغط على تل ابيب لقبولها و التي ردت عليها بالشروع في معركة رفح لتعود الحرب الى ضراوتها الاولى فيما يأتي اغلاق معبر رفح الحدودي مع مصر بشكل كامل ليزيد من حدة الحصار والتجويع الذي لن تسعفه اعمال الإغاثة البهلوانية، تلك التي تقوم بها دول عربية وغير عربية محاولة ان تدرأ عن نفسها تهمه المشاركة في الحرب وفي اعمال الإبادة التي يعتبر التجويع سلاحا من اسلحتها، فتلك الدول متهمة بالمشاركة في الحرب بالحصار و بالسياسة و بالأمن وتريد ان تكتفي بإلقاء المواد الإغاثية بالمظلات التي يسقط قسم منها في البحر، وهي بكل الاحوال لا تتعدى زنة الواحدة منها 18 طن وبما يعادل حمولة شاحنة متوسطة الحجم.

مع ان المتغيرات في هذه الحرب تكون باللحظة احيانا الا اننا نستطيع القول والتوقع ان الحرب ذاهبة نحو التوسع والامتداد في اكثر من جبهة وفي حين تدور رحاها اليوم في رفح دون ان تتوقف في كامل ارجاء قطاع غزة الذي يقاوم بضراوة و (الاسرائيلي) الحائر و فاقد التركيز يعود للقول بانه سيعيد اجتياح جباليا في شمال القطاع ثم يريد اعادة اجتياح خان يونس التي يدعي ان الشيخ يحي السنوار قد انتقل اليها من رفح، و لكن هذا لا يكفي فانه يريد اعادة فتح جبهة الضفة الغربية و يرى ضرورة العودة للعمل على برنامجه القديم في الضفة الغربية، لن يكتفي بالتصعيد الحالي في شمال الضفة الذي يأخذه شكل الاجتياحات اليومية والاعتقالات المتواصلة والقتل والاعدام بدم بارد، وانما سيتجاوزه بمصادرة اربعه اخماس الارض ومحاولات طرد السكان او قسم كبير منهم الى الاردن وهي خطة الحكومة (الإسرائيلية) المعلنة منذ تشكيلها قبل سنتين والتي تم نشرها وترجمتها للغة العربية كي لا تبقي مجالا لمن يقول انني لم اكن اعرف، اما الجبهة الثالثة فتكون في القلق و الصداع الدائم الذي يمثله التهديد المتحفز بالشمال، والذي استطاع ان يهجر قرابة النصف مليون مستوطن من الجليل الى اماكن اخرى وهذا التهجير قد اخذ يبدو امام اولئك المستوطنين وكانه تهجير دائم وانهم لن يعودوا الى بيوتهم ولكن الحرب قد لا تقتصر على جنوب لبنان وانما قد تشمل الاراضي الشامية ايضا المحاذية للجولان.
في غمار هذه الحرب الوجودية المجنونة والأطول في تاريخ الصراع مع الكيان الغاصب فإنها تتطلب ولا شك حشد كامل للطاقات خلف المقاومة واعتبار ان لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ولا يستطيع المواطن الصالح ذو الاتجاه القومي او الاشتراكي او غيره الا ان يقوم بدوره بغض النظر عمن يقود الحرب كحزب او كعقيدة يتفق معها او يختلف، فالأساس هو الاتفاق على العمل من اجل الانتصار الذي سيكون انتصارا للامه جمعاء لا للحزب او المنظمة التي تقود المعركة.

وإذا كانت الحرب ستتوسع في البارود والاشتباك القتالي في الجبهات المذكورة فإنها ستتسع ايضا في السياسة، اذ ان طول امد الحرب لم يبقي لاحد من ذوي المواقف المزدوجة قدرة على اللعب على حبال متعددة فهي تدفع الجميع باتجاه اتخاذ موقف حاسم اما ان تكون مع المقاومة او ان تكون مع دولة الاحتلال.

يخشى اصحاب المواقف المزدوجة من انتصار المقاومة فهذا الانتصار لا يفقدهم شرعياتهم على زيفها وتهافتها فحسب، وانما يفقدهم كراسيهم ووظائفهم التي عجزوا عن القيام بها امام المشغل الاكبر لهم والحافظ لمواقعهم وهو الولايات المتحدة الأمريكية.
في الايام الماضية اعادت قوى محور المقاومة التأكيد على انها مستعدة لكل الاحتمالات و انها لا و لن تسمح بهزيمة غزة ادراكا منها ان الهزيمة ان حصلت و لن تحصل، هي هزيمة لكامل المحور و غزة بدورها تشارك في هذه القناعة كشعب صامد قادر على التحمل و كقيادة واعية تعرف طريقها و بان لا مجال و لا خيار امامها الا الانتصار او الانتصار.