Menu

لبنان: الجبهة الشعبية تنظم اعتصاماً في ذكرى النكبة وتسلم الصليب الأحمر الدولي في بيروت مذكرة في المناسبة  

بوابة الهدف - لبنان

 

نظمت المنظمات الجماهيرية للجبهة الشعبية اعتصاماً بمناسبة ذكرى النكبة وتضامناً مع أهلنا في قطاع غزة، وذلك يوم الإثنين في ١٣ أيار ٢٠٢٤، أمام الصليب الأحمر الدولي في بيروت، بحضور مسؤول دائرة اللاجئين للجبهة للشعبية أبو جابر اللوباني، ونائب مسؤول الجبهة في لبنان عبد الله الدنان، وقيادة الجبهة في لبنان، وحشد من الرفاق والرفيقات في بيروت، وفصائل المقاومة الفلسطينية، والأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية.
 بعد الترحيب بالحضور، والحديث عن المناسبة التي قدمها نائب مسؤول المكتب الاعلامي للجبهة الشعبية في لبنان فتحي ابو علي، تحدث أمين عام الحزب الديمقراطي الشعبي الرفيق محمد حشيشو عن عام 1948 الذي تجسد من خلاله المشروع  الصهيوني كياناً استعمارياً على أرض فلسطين، غير أنه شكل للفلسطينيين مرحلة جديدة من صراع البقاء والوجود امتدت حتى الآن لأكثر من قرن من الزمن.
وأكد حشيشو أن معركة غزة نقلت الرأي العام العالمي، وخصوصاً في الغرب الاستعماري من ضفة إلى ضفة، وخلقت جبهة أممية متضامنة مع فلسطين وشعبها ومقاومتها ومناهضة للامبريالية والصهيونية والرأسمالية المتوحشة.
بدورها تلت مسؤولة المنظمات الجماهيرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان هالة أبو سالم المذكرة الموجهة للجنة الدولية للصليب الأحمر وفيما يلي نص المذكرة:

رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر السيدة ميريانا سبولياريتش إيغر،

رئيسة البعثة الدولية للصليب الأحمر في لبنان السيدة سيمون اشلمان،

أنهى الاحتلال الإسرائيلي شهره السابع من الحرب الشعواء التي يشنّها على شعبنا الفلسطيني في غزة، تلك الحرب التي وصفت بأنها الأطول والأعنف في تاريخ الحروب التي خاضتها إسرائيل منذ العام 1948.

لقد عهدنا الإجرام والوحشية لدى الغاصب المحتل بحق أبناء شعبنا الفلسطيني وارتكابه المجازر ضد المدنيين العزّل في زمن الحرب، كما عهدنا أيضاً تجاوز هذا الإحتلال العنصري للقرارات والمواثيق والأعراف الدولية كافة، وقرارات الشرعية الدولية المتمثّلة بالجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التي تفرض تأمين حماية المدنيين، وتجنيبهم المخاطر الناتجة عن الحرب، متجاهلاً إرادة المجتمع الدولي ومختلف المنظّمات الدولية المعنيّة بحقوق الإنسان، التي طالبت ولاتزال بوقف الحرب على غزة وتأمين المساعدات الإنسانية بأسرع وقت.

وبالرغم من أن المجتمع الدولي الذي واكب هذه الحرب، يتضامن مع الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة وحقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أراضيه وعاصمتها القدس الشريف عموماً، ويعارض محاولات إسرائيل في اقتلاع وتهجير شعبنا من غزة خصوصاً، إلا أن الاحتلال لا يزال مصمّماً على ارتكاب جرائم الحرب بحق المدنيين متخطّياً قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف لا سيما الاتفاقية الرابعة منها والبروتوكولات الإضافية الملحقة بها ، تلك الاتفاقيات المعتبرة أساساً للقانون الدولي  وصلباً للقانون الدولي الإنساني الذي ينظم سلوك الأطراف في النزاعات المسلّحة ويعمل على الحد من تأثيراتها ، حيث تدعو هذه الاتفاقيات وبروتوكولاتها إلى منع كافة الإنتهاكات الخطيرة ومحاسبة المسؤولين عن ارتكابها وتقديمهم للعدالة الدولية لمعاقبتهم، خاصّة أمام محكمة الجنايات الدولية كمرتكبي جرائم حرب وأمام محكمة العدل الدولية لمحاكمة دولة الاحتلال عن جرائم الإرهاب المنظم الذي مارسته ولازالت بحق شعبنا الفلسطيني في غزة  .
      فالمادة الثالثة من اتفاقية جنيف الأولى لعام 1949 تفرض حماية الأشخاص المرضى والجرحى ومعاملتهم معاملة إنسانية، وتحظر الاعتداء على حياتهم وسلامتهم البدنية سواء بالقتل أو التشويه أو بالمعاملة القاسية والتعذيب، وبما أن العالم أجمع يشاهد اليوم مايقوم به  جيش الاحتلال من ارتكاب لمثل هذه الأفعال، ندعو اللجنة الدولية للصليب الأحمر المخوّلة بموجب هذه المادة إلى التدخل من أجل تأمين الحماية لهؤلاء المعتدى عليهم.

كذلك تفرض المادة 12 من الإتفاقية عدم قتل الجرحى والمرضى وعدم إبادتهم أو تعريضهم للتعذيب أو تركهم عمداً دون علاج ودون رعاية طبية ، وتفرض أيضاً المعاملة الحسنة والإنسانية للنساء، ويشمل ذلك حماية الأشخاص المعتبرين أعضاء في حركات المقاومة المنظمة في ظل الاحتلال وفقا للمادة 13 من نص الاتفاقية

كذلك تمنع المادة 19 الهجوم على المنشآت الطبية أو تعطيلها في زمن الحرب وأن تكون بمنأى عن أي خطر تسببه لها الأعمال الحربية، في الوقت الذي قام فيه الاحتلال بقصف وتدمير المستشفيات والمنشآت الطبية كافة في قطاع غزة وارتكب فيها أبشع المجازر بحق الجرحى والمرضى واللاجئين إليها للإيواء والمثال الحي على ذلك ماجرى ولايزال يجرى في مستشفى الشفاء أكبر مجمع طبي في غزة حيث تحول بمجمله إلى ركام اختلطت فيه أنقاض البناء بجثث الأطفال والنساء والمسنّين ولم يبق من المستشفى شيء يذكر .

وفي ظل هذا الواقع المرير الذي يعانيه شعبنا ندعو اللجنة الدولية للصليب الأحمر وفقاً لنص المادة 23 من الإتفاقية إلى تقديم مساعيها الحميدة لتسهيل مناطق ومواقع خاصة للاستشفاء ومعالجة المرضى .

إن احترام وحماية أفراد الخدمات الطبية في سبيل معالجة المرضى خلال الحرب مفروض بموجب المادة 24 من الإتفاقية، بما في ذلك أفراد الجمعيات الوطنية للصليب الأحمر وجمعيات الإغاثة، حيث لم يتوانى الاحتلال في التعرض لهم وتعذيبهم ثم قتلهم وتدمير وسائل النقل وسيارات الإسعاف ،التي تحظّر المادة 35 من التعرض لها.

وفي الوقت الذي تفرض المادة الرابعة من إتفاقية جنيف الثالثة حماية أسرى الحرب، بمن فيهم أعضاء المقاومة المنظمة في ظل الاحتلال، قامت سلطات الاحتلال بتعذيب الأسرى من المدنيين وجردتهم من ملابسهم في ظل البرد القارس، ضاربة عرض الحائط أبسط معاني حقوق الإنسان، لذلك ندعو اللجنة الدولية للصليب الأحمر بحكم المادة 9 من هذه الاتفاقية إلى القيام بتأمين الحماية والإغاثة لأسرى الحرب في غزة والضغط على إسرائيل من أجل معاملتهم معاملة إنسانية وعدم القيام بأعمال غير مشروعة تؤدي إلى وفاة الأسير أو تعريضه للتشويه البدني وفقاً للمادة 13 من الإتفاقية، كذلك المادة 14 التي تفرض احترام شخص الأسير وشرفه ومعاملة النساء الأسيرات بكل الاعتبار لجنسهن وإغاثتهم بدون مقابل وتقديم الرعاية الطبية لهم وفقاً للمادة 15 من الاتفاقية.

إن إتفاقية جنيف الرابعة المتعلّقة بحماية المدنيين في وقت الحرب وبحكم المادة الثانية منها تطبق في جميع حالات الإحتلال ،وهي تفرض في مادتها الثالثة المعاملة الإنسانية للأشخاص الذين لم يشتركوا بالحرب وتحظّر الاعتداء على حياتهم وسلامتهم البدنية من قتل وتشويه ومعاملة قاسية وتعذيب أو أخذهم كرهائن والاعتداء على كرامتهم، ويمكن في هذا الإطار للجنة الدولية للصليب الأحمر أن تقوم بعرض خدماتها من أجل حمايتهم، لذلك ندعو اللجنة إلى القيام بهذا الدور الإنساني لحماية شعبنا من جرائم الاحتلال، والضغط من أجل إنشاء مواقع استشفاء لحماية الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال والأمهات، فاللجنة الدولية للصليب الأحمر مدعوّة وفقاً لنص المادة 14 من الإتفاقية إلى تقديم مساعيها الحميدة لإنشاء هذه المواقع الإستشفائية، ونقل هؤلاء من المناطق المحاصرة وفقاً لنص المادة 17 من الإتفاقية .

وفي الوقت الذي تنص فيه المادة 19 من الإتفاقية على أن وجود جرحى عسكريين للعلاج في المستشفى أو وجود أسلحة صغيرة فيها لا يعتبر عملاً ضاراً بالعدو إلّا أنّ سلطات الإحتلال قامت بتدمير مستشفيات عديدة متذرّعة بإدّعاءات زائفة بأنها تحتوي على مستودعات للأسلحة ولم تحترم الموظفين العاملين في المستشفيات وفقاً لنص المادة 20 من الإتفاقية، الذين ينقلون الجرحى من النساء والمسنّين والأطفال، ولم تأبه لحماية الأطفال اليتامى أو الذين فقدوا عائلاتهم بسبب الحرب في الوقت الذي تفرض المادة 24 من الإتفاقية عدم إهمالهم وتأمين المأوى والحماية لهم لابل على العكس  فإن العالم أجمع اليوم يرى كيف يتلذّذ جيش الإحتلال بقتل الأطفال .

إن الإحتلال خرق مبدأ احترام الشرف والحقوق العائلية بممارسة العقيدة الدينية والتي تفرضها المادة 24 من الإتفاقية، بحيث توجب المعاملة الإنسانية وحماية حق العائلة ضد أعمال العنف أو التهديد وحماية النساء والحفاظ على شرفهنّ خاصّة ضد الإغتصاب وهتك حرمتهنّ، حيث قام الإحتلال بارتكاب أبشع عمليات العنف ضد المرأة والطفل على وجه التحديد، ولقد أكدّت المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنيّة بالعنف ضد النساء أنّ  جنود الإحتلال يرتكبون جرائم ضد النساء واعتبرت أنّ هذه الجرائم هي جرائم حرب تؤدي الى الإبادة الجماعية.

لقد قام الاحتلال بممارسة سياسة تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب مخالفاً بذلك نص المادة 54 من البروتوكول الأول الإضافي لإتفاقية جنيف من خلال حرمانهم من الحصول على المؤن الغذائية، ثم تعرّض للصحفيين الذين تعتبرهم المادة 79 أثناء مباشرتهم مهماتهم في مناطق الحرب اشخاصاً مدنيين ويجب حمايتهم.

إن المادة 81 من البروتوكول الأول الإضافي الملحق باتفاقية جنيف تفرض على الإحتلال منح اللّجنة الدولية للصليب الأحمر كافة التسهيلات لتمكينها من أداء المهام الإنسانية المسندة إليها بقصد تأمين الحماية والمساعدة لضحايا الحرب، وعملاً بأحكام هذه المادة نطلب إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر الضغط على سلطات الاحتلال لأخذ دورها في هذا الإطار والعمل على عدم جعل المدنيين هدفاً للهجوم في الوقت الذي تعتبر المادة 85 من البروتوكول المذكور أن هذا الفعل يشكل انتهاكاً جسيماً كونهم عاجزين عن القتال .

إن حرب الاحتلال التي شنّها على غزة هي حرب إبادة جماعية وفقاً لاتفاقية منع الإبادة الجماعية وما صدر بشأنها عن محكمة العدل الدولية حيث طلبت بقرارها الصادر بتاريخ 26 كانون الثاني من العام 2024 من الاحتلال منع ارتكاب أعمال تتضمنها إتفاقية منع الإبادة الجماعية وفقاً لنص المادة الثانية منها ويشمل ذلك قتل أعضاء من جماعة أو الحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بهم أو إخضاعهم لظروف معيشية تؤدي إلى تدميرها أو فرض تدابير تمنع إنجاب الأطفال داخل الجماعة ولقد فرض القرار الصادر عن المحكمة على إسرائيل إتخاذ الإجراءات الفورية والفعّالة لتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الانسانية إلى قطاع غزة، لكن سلطات الاحتلال تجاهلت هذا القرار ولم تتّخذ أيّة إجراءات لتحقيقه ومن ثمّ تخفيف المعاناة عن المدنيين في غزة. مع العلم أن الإبادة الجماعية هي جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون الدولي، وفقاً للمادة الأولى من إتفاقية منع الإبادة الجماعية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار رقم 96 الصادر بتاريخ 11 كانون الأول عام 1946.

وفي قرار لاحق صدر بالإجماع أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بأن تتحرّك دون تأخير للسماح بتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتدّ الحاجة إليها في غزة ، وذلك بعد التحذيرات المستمرة من أن المجاعة قد تضرب غزة، إلّا أنّ إسرائيل لم تحرّك ساكناً ولا تزال مستمرّة في حربها العدوانية على أبناء شعبنا وها قد بدأت بالهجوم على رفح، التي يلجأ فيها ما يقارب المليون ونصف المليون إنسان من المدنيين، والذين يواجهون أبشع أنواع المعاناة والتجويع . في الوقت الذي دعا فيه مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 2728 الصادر في 25/3/2024، إلى الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة وقبله دعوات الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بضرورة وقف الحرب، وبالرغم من أنّ القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة تعكس وجهة النظر العالمية إلّا أنّ إسرائيل لم تلتفت إليها كعادتها وهي ماضية بحرب الإبادة الجماعية بحق شعبنا الفلسطيني الصامد على تراب وطنه بالرغم من سعي الاحتلال إلى اقتلاعه وتهجيره.

وفي الختام نطالب اللّجنة الدولية للصليب الأحمر، وفي ضوء ما تقدّم، وبإعتباره الجهة الإنسانية الأهم على المستوى الدولي المولجة بحماية ضحايا الحرب والنزاعات المسلحة ، أن يبذل الجهود والمساعي الحميدة من أجل حماية المدنيين الذين يتصدّون لآلة الحرب الإسرائيلية التي لاتعرف معنى الإنسانية ، بصدورهم العارية وإيمانهم المطلق بأن أرض فلسطين هي للفلسطينين  وأن يوم زوال الاحتلال بات قريبًا.

ثم تسلم ممثل الصليب الأحمر الدولي في بيروت الأستاذ هادي شحيتلي المذكرة.