Menu

معركة صحية في وجه العدوان

"حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة تحت نيران الاحتلال

شلل الأطفال غزة.jpg

خاص: بوابة الهدف الإخبارية - غزة المحتلة

انطلقت وزارة الصحة الفلسطينية بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة، حملة واسعة النطاق للتطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة، في محاولة عاجلة لمنع تفشي المرض في ظل الوضع الكارثي الذي تعيشه المنطقة نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل. ورغم إعلان إسرائيل موافقتها على فترات محدودة من "وقف إطلاق النار" لتسهيل هذه الحملة، إلا أن التقارير تؤكد استمرار الغارات الجوية على مختلف أنحاء القطاع.

الحملة، التي بدأت رسميًا يوم الأحد في ثلاثة مراكز صحية وسط قطاع غزة، تهدف إلى تطعيم حوالي 640 ألف طفل، وتتضمن خطة للوصول إلى المناطق الأكثر تضررًا في الشمال والجنوب خلال الأيام المقبلة. ويأتي هذا التحرك بعد اكتشاف حالة شلل أطفال في غزة، وهي الحالة الأولى منذ 25 عامًا، حيث أصيب طفل يبلغ من العمر 10 أشهر بالشلل الجزئي نتيجة إصابته بسلالة متحولة من فيروس شلل الأطفال، في ظل ظروف الحرب التي أعاقت عملية التطعيم.

وفي حين تم تنفيذ عدد محدود من التطعيمات يوم السبت في المنطقة الجنوبية، أعلنت وزارة الصحة أنها ستستمر في حملة التطعيم في وسط القطاع حتى الأربعاء، قبل الانتقال إلى الشمال والجنوب. ورغم الظروف القاسية، فقد توافد الأطفال مع ذويهم إلى المراكز الصحية وسط غزة لتلقي الجرعة الأولى من التطعيم، بينما كانت طائرات الاحتلال تحلق في سماء المنطقة، ما يزيد من مخاطر العملية ويضع حياة الأطفال والعاملين في الحملة على المحك.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن إسرائيل وافقت على فترات توقف محدودة في القتال للسماح بتنفيذ الحملة، إلا أن هذا الالتزام لم يُحترم على أرض الواقع، حيث أفادت مصادر محلية بوقوع غارات إسرائيلية صباح يوم الأحد على مدينة غزة ومخيم البريج للاجئين، أسفرت عن استشهاد أربعة فلسطينيين، بينهم فتاة صغيرة، وإصابة آخرين. ولم تقتصر الاعتداءات على ذلك، فقد شهد يوم السبت حملة قصف جوي ومدفعي عنيفة استهدفت مناطق متعددة في شمال القطاع، بما في ذلك مخيم جباليا ومدينة غزة.

وفي تعليق له، أكد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أن فترات "الهدنات الإنسانية" المعلنة في المناطق الشمالية والجنوبية والوسطى لا تعني بأي حال من الأحوال وقف إطلاق النار الشامل، مما يعكس نية الاحتلال في الاستمرار بتصعيد عدوانه رغم الأوضاع الإنسانية المتدهورة.

من جانبه، شدد فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، على ضرورة احترام جميع الأطراف لفترات التوقف المؤقتة، مشيرًا إلى أن نجاح حملة التطعيم يعتمد بشكل أساسي على توفر بيئة آمنة، وداعيًا إلى وقف إطلاق نار دائم من أجل حماية الأطفال وضمان استمرار الحملة.

ووفقًا للمتحدثة باسم الأونروا، لويز ووتريدج، فقد تم تطعيم نحو 2000 طفل يوم الأحد، ولكنها حذرت من أن استمرار القصف بعد الساعة الثانية ظهرًا قد يؤثر بشكل مباشر على سير حملة التطعيم ويعرض حياة المزيد من الأطفال للخطر.

في الوقت الذي تنفذ فيه الحملة في ظل تهديدات الغارات الجوية، تبرز أهمية تحقيق تطعيم حوالي 90% من الأطفال دون سن العاشرة في غزة، كما تؤكد منظمة الصحة العالمية، لضمان فعالية الحملة ومنع انتشار المرض في ظل الظروف القاسية التي يعيشها القطاع.

مع استمرار العدوان الإسرائيلي وتفاقم الأوضاع الإنسانية، يصبح من الواضح أن الحملة تواجه تحديات كبيرة، ومع ذلك، فإن الإصرار على تنفيذها يعكس جهود القطاع الصحي الفلسطيني وشركائه الدوليين في مواجهة أزمات الصحة العامة في غزة، حيث أصبحت المعركة ضد شلل الأطفال جزءًا من صمود الشعب الفلسطيني في وجه آلة الحرب الإسرائيلية.