Menu

احتفاء الشعب الأردني بعملية معبر الكرامة استفتاء لصالح نهج المقاومة وطوفان الأقصى

عليان عليان

عليان عليان.jpeg

عمان

لا يزال الشارع الأردني بمدنه وقراه ومخيماته يعبر عن فرحته بالعملية النوعية التي نفذها البطل ماهر ذياب الجازي – ابن قبيلة الحويطات- في جنوب البلاد ، في معبر الكرامة " اللنبي سابقا- والتي أسفرت عن مصرع ثلاثة من مرتب   الشرطة الإسرائيلية، التي تتولى حراسة المعبر ، وباتت هذه العملية حديث أبناء كل الشعب الأردني، من مختلف الأصول والمنابت   الذين عبروا عن سعادتهم بنزولهم إلى الشوارع، في تظاهرات عفوية تهتف للشهيد والمقاومة ولغزة العزة،  وللوحدة بين الشعبين الأردني والفلسطيني ،في حين تولى أصحاب محلات الحلوى بتوزيع الحلويات على  المواطنين وسط زغاريد النساء وتكبيرات الرجال.
واتخذت هذه الاحتفالية شكلاً مميزاً في بلدة الحسينية – مسقط رأس الشهيد- في محافظة معان الأردنية من خلال نصب سرادق يتسع لآلاف المواطنين،  الذين هرعوا ولا زالوا يهرعون  من كافة أرجاء البلاد للتهنئة بالشهيد والشهداء على طريق القدس وغزة ، معبرين عن مشاعرهم بدعم المقاومة ، ووجوب الانخراط في معركة الشرف ضد العدو الصهيوني.


لقد انطوت العملية البطولية على أبعاد كبيرة أهمها :


أولاً : أنها  تعبير عن احتقان الشارع  الأردني والعربي ، حيال حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني بدعم من الإمبريالية الأمريكية ومعظم الدول الغربية في قطاع غزة  وحيال الاعتداءات المتواصلة على الضفة الفلسطينية والمسجد الأقصى.


ثانياً :  عبرت العملية البطولية عن نبض الشارع العربي الأردني  في دعم نهج المقاومة  ورفض نهج التطبيع  والمعاهدات مع العدو الصهيوني ، وشكلت ترجمة لهتافات المواطنين  بأن المقاومة وحدها  هي الكفيلة بتحرير فلسطين ، الذين لم يتوقفوا  في اعتصاماتهم ومظاهراتهم  المتصلة  منذ السابع من أكتوبر  2023 عن المطالبة بإلغاء معاهدة وادي عربة وطرد السفير الصهيوني من العاصمة عمان

.
ثالثاً: وهذه العملية النوعية برمزيتها ، هي بمثابة  نداء موقع بالدم ، بأن يكون الأردن ساحة التحام مع الضفة وقطاع غزة في مواجهة العدوان الصهيو أميركي ، لا سيما وأن الشعب الأردني -الشقيق التوأم للشعب الفلسطيني في إطار الأمة العربية- شكل على امتداد مسيرة الصراع مع العدو الصهيوني ، عمقاً استراتيجياً للمقاومة الفلسطينية وجزءاً لا يتجزأ منها وفي الذاكرة التي لا تمحي شهداء الجيش العربي الأردني في القدس وباب الواد واللطرون  وجنين  وفي معركة الكرامة الخالدة ، التي امتزج فيها دم أبناء الشعب الواحد  المقيم على ضفتي النهر.


رابعاً : هذه العملية ستشكل حافزاً لأبناء الشعب الأردني  ، للبناء عليها في عمليات نوعية أخرى ، وفتح  جبهة جديدة ، تشكل إضافة نوعية لجبهات محور المقاومة ، لإجبار حكومة العدو على القبول بصفقة تبادل  تضمن تلبية شروط المقاومة في قطاع غزة ، وعلى رأسها وقف العدوان ، وانسحاب قوات الاحتلال من عموم قطاع غزة وإعادة إعمار القطاع وتحرير نسبة كبيرة من أسرى الحرية الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح الأسرى الصهاينة لدى فصائل المقاومة.
ما يجب الإشارة إليه أن أبناء الشعب الأردني ، لم يتوقفوا عن محاولات عبور النهر للاشتباك مع العدو في معركة الواجب المقدس ضد العدو الصهيوني ،الذي يهدد الأردن مثلما يهدد فلسطين ، وسبق أن حاول شبان  أردنيون عبور النهر من البساتين المجاورة للمعبر وجرى إلقاء القبض عليهم ، في حين اعترف العدو بأن الشهور الماضية شهدت محاولات تسلل من الجانب الأردني نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة ،  من ضمنها  تمكن  مواطن أردني في نيسان الماضي  من اجتياز  السياج الحدودي وإطلاق النار على جنود العدو.


لقد عبر أبناء شعبنا في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وفي مناطق 1948 عن فرحتهم بالعملية ، وقاموا بتوزيع الحلوى  احتفاءً بها ، في حين أصدرت  فصائل المقاومة( الشعبية وحماس والجهاد  والديمقراطية ولجان المقاومة وكتائب شهداء الأقصى وغيرها ، بيانات تبارك فيها العملية الفدائية البطولية ، التي كرست في مسار وعي شباب الأمة، محورية الحرب مع العدو الإسرائيلي، وضرورة التضامن لإشعال الحدود المحتلة من كل جوانبها ، مشيرةً إلى  أن هذه العملية البطولية هي ردّ طبيعي على المحرقة التي ينفذها العدو الصهيوني النازي بحق أبناء شعبنا، في غزة والضفة الغربية المحتلة، ومخططاته في التهجير وتهويد المسجد الأقصى  وهي اللغة الوحيدة التي يفهمها العدو الصهيو أميركي.


لقد أفقدت العملية البطولية العدو الصهيوني  صوابه ،  ووصف رئيس وزراء العدو بنيامين  نتنياهو العملية  في تصريح له "هذا يوم صعب ونحن محاطون بأيديولوجية قاتلة يقودها محور الشر الإيراني"   في حين عزف وزير الحرب الصهيوني" يو آف غالانت" على ذات الوتر بقوله : " سنزيد إجراءاتنا في الضفة في مواجهة محاولات إيران نشر الإرهاب نحو حدودنا” ما أثار سخرية المراقبين  العسكريين،  إذ  إن فزاعة إيران بشأن تهريب ذخائر وأسلحة عبر الحدود الأردنية – الفلسطينية، لم تنطل حنى على جمهور المستوطنين في الكيان الصهيوني  وسبق لوزير الخارجية الأردني  أيمن الصفدي أن كذب مثل هذه الادعاءات.


اللافت للنظر أن الحكومة الأردنية رغم التزامها بمعاهدة وادي عربة ، لم تدن العملية  في بيانها ، بل تحدثت عنها في إطار وصفي " بأنها عملية فردية ، وأنها ضد استهداف المدنيين" علما أن العملية لم تستهدف المدنيين( المستوطنين) الإسرائيليين.
وعدم إدانة العملية من الجانب الرسمي الأردني،  يعود إلى الاحتقان الناجم عن عدم التزام العدو الصهيوني ببنود معاهدة وادي عربة ، واتخاذه إجراءات تمس الأمن الأردني على نحو :
1-إجراءات حكومة العدو في المسجد الأقصى ، إذا لا يكاد يمر يوماً دون اقتحام  غلاة المستوطنين باحات المسجد  وأداء الصلوات التلمودية فيه ، ووصلت الأمور إلى حد إعلان وزير الأمن القومي الصهيوني  المتطرف "إيتمار بن غفير" ، عن  نيته بناء كَنيس في المسجد الأقصى،  وإلى حد موافقة حكومة  العدو على مقترح وزير التراث "عميحاي إلياهو" لتمويل اقتحامات المستوطنين للمسجد، ما يضرب بند  الولاية الأردنية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس ،المنصوص عليه في معاهدة وادي عربة,


2- التصريحات الصادرة عن وزير الخارجية الإسرائيلية "يسرائيل كاتس" ووزير الزراعة الصهيوني "آفي ديختر" بشأن تهجير اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الضفة إلى الأردن والتصريحات الصادرة عن  وزير  المالية  الصهيوني  بتهجير ( 850) ألف فلسطيني من الضفة  الغربية ، من الذين  يحملون  الجنسية الأردنية والرقم الوطني الأردني، وبداية شروع حكومة الائتلاف اليمينية الصهيونية، في تنفيذ إجراءات تدريجية لضم الضفة الغربية وتهجير أبنائها ، تنفيذا لخطة الحسم الصهيونية التي سبق وأن أقرها مؤتمر  الصهيونية الدينية بزعامة " سيموريتش" عام 2017 ، وأعلنت حكومة العدو الالتزام بها عام 2022.


3- إجراءات حكومة العدو الاستيطانية في الضفة الغربية ، حيث بلغ عدد المستوطنات والبؤر الاستيطانية في الضفة (362) بواقع ( 176) مستوطنة و (186) بؤرة استيطانية ، وما يقلق الحكومة الأردنية خطة حكومة الائتلاف اليمينية بضم منطقة الغور لعزل الأردن عن الضفة الغربية ، ما يهدد الأمن الوطني الأردني ، حيث بلغ عدد المستوطنات في منطقة الغور (37) مستوطنة أقيمت على (12) ألف دونم ،   كما أن غول الاستيطان لم يتوقف في الغور  إذ قامت حكومة العدو بأكبر عملية مصادرة للأراضي منذ عام 1967 ، عبر مصادرتها (8) آلاف دونم من أراضي الغور في 22 مارس ( آذار) الماضي.


ما تقدم يؤكد أن العدو الصهيوني حقق من معاهدة وادي عربة ما يريد منها على الصعد الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية  ، ولم يلتزم بما هو مطلوب منه ، ما يعزز مطالب الشعب الأردني بضرورة إلغائها ، خاصةً وأنه يعتبرها باطلة وطنياً وقانونياً ، ومن ثم فإنه بات يرى في الفعل المقاوم   الذي قام به البطل ماهر الجازي ، أنموذجاً يحتذى به في مواجهة الأطماع الصهيونية في الأردن ، وفي دعم مقاومة الشعب الفلسطيني لإفشال مخططات تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن .


وما جاء في بيان قبيلة الحويطات وعشيرة الجازي ، يعبر عن نبض الشعب الأردني والذي جاء فيه "أن دم ابننا  الشهيد ليس أغلى من دماء أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة ، وأنه لن يكون آخر الشهداء"..." وأن ما قام به ابننا هو رد فعل طبيعي لإنسان غيور على دينه ووطنه وعروبته تجاه الجرائم المتواصلة، والتي يقوم بها المحتل الغاصب ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وخصوصاً ما يجري في غزة من قتل وتشريد وإبادة"