Menu

تقريرغزّة: جفافٌ في الأسواق.. وأسعارٌ خياليّة

مهند فوزي أبو شمالة

خاص_بوابة الهدف - فلسطين المحتلة، غزة

لا يدري المواطن في قطاع غزّة من شماله إلى جنوبه من أين يبدأ في حل مشكلاته، فانعدام في الأمن وضيق وفي العيش، وغلاء في الأسعار وكل ما يمكن أن يواجهه فقد واجهه بالفعل.

تُعاني محافظات قطاع غزة من حالة تُشبه الجفاف في أسواقها، وغلاء في أسعار البضائع على قلّتها، فعدا عن محافظات الشمال التي تعاني أزمة منذ بدء العدوان، وعانت وما زالت من مجاعة كبيرة، فإنّ محافظات الوسط والجنوب، تشهد ومنذ نحو شهر فراغاً في أسواقها؛ وذلك لإغلاق الاحتلال الصهيوني المنافذ التجارية التي كان يفتحها على فتراتٍ خلال العدوان.

ومنذ المدّة المذكورة، تشهد أسواق المحافظات الوسطى والجنوب حالةً من الضيق والمجاعة قد تطرق أبوابها، فالأسواق التي كانت تملؤها البضائع التموينية وغيرها على ارتفاع أسعارها، إلا أنه أمست فارغةً بعد نحو شهرٍ من إغلاق معبر "كرم أبو سالم"، وهو المنفذ التجاري الوحيد منذ إغلاق معبر رفح البري جنوب القطاع بعد أن استولت عليه قوات الاحتلال عند بدء عدوانها البريّ على مدينة رفح.

أسواق تبدو أكثر فراغاً يوماً عن يوم، وجنونية ارتفاع الأسعار هي الصورة السائدة فيها، ففضلاً عن قلة البضائع، تجار ومفسدون يحتكرون البضائع؛ سعياً لرفع أسعارها، بشكلٍ يفوق القدرة الاقتصادية لأيّ فئةٍ من فئات المواطنين هنا في قطاع غزة.

البضائع تختفي دون أن تُباع

بهذه الكلمات يقول البائع المتجوّل في أسواق دير البلح وسط القطاع محمود اللوح، الذي عزا فقدان الأسواق للبضائع إلى احتكارها من قبل التجار المستوردين لها إبان فتح المعبر، ويضيف في حديثه مع "الهدف الإخبارية"، إنّ المذكورين لا يهمهم سوى زيادة مداخيلهم من بيع البضائع، التي استوردوها بأسعار طبيعية، ويريدون بيعها بأضعاف أضعافها.

يضيف اللوح وهو صاحب "بسطة لبيع المواد التموينية في سوق دير البلح المركزي"، أنه ومنذ أن تم إغلاق معبر كرم أبو سالم بحجة "الأعياد اليهودية"، فإنّ البضائع أخذت بالنقص تدريجياً كلّ يوم؛ وذلك بسبب استهلاكها من قبل المواطنين، بالإضافة إلى اختفاء أنواعٍ كثيرةٍ منها بشكل مفاجئ من قبل التجار، مشيراً إلى أنّهم الفئة الأكثر فساداً في هذا الوضع الذي لا تخفى صعوبته على أي أحد، في ظل استمرار العدوان منذ أكثر من عام.

وأوضح اللوح وهو من سكان مدينة غزة، أنّ البسطة الصغيرة التي قد افتتحها منذ نزوحه إلى مدينة دير البلح تعيله وأسرته، في ظل انعدام فرص العمل وصعوبة الوضع الاقتصادي من قبل العدوان أصلاً، إلّا أنه ومنذ أن تشكّلت أزمة اختفاء البضائع وغلاؤها أصبحت لا تُدر عليه أي ربح، بل وفي كثيرٍ من الأوقات يخسر ماله يوماً بعد يوم.

أسعار تفوق قدرتنا بكثير

"كيلو البصل" عدا الـ60 شيكل، والبطاطا قريبة منو، والبندورة كانت زيادة عن هيك قبل ما تنقطع، وغيرهم كتير"، بهذه القائمة يقول المواطن أبو خميس أثناء محاولته التسوق في سوق النصيرات المركزي وسط القطاع، وهو رب لأسرة تتكون من 7 أبناء.

وأشار أبو خميس خلال حديثه لـ"الهدف الإخبارية"، إلىّ أنّه وعلى افتراض رخص البضائع، فالبكاد كان يستطيع شراءها وهو ومثله كثيرون في المدينة؛ لضيق الوضع الاقتصادي وقلة العمل وانعدام الدخل، ويضيف أن الأسعار أصبحت تفوق القدرة على الشراء، على الرغم من حاجتهم اليومية لها، فلا استغناء للإنسان عن الطعام يومياً.

وحمّل أبو خميس بعد الاحتلال التجار السبب في وصول الأسعار لهذه الأرقام العالية، وذلك حسب قوله أنّهم يخفونها لرفع سعرها ومضاعفة أربحاهم المعقولة أصلاً، إلا أنه ومنذ بداية العدوان، وبسبب غياب الرقابة الحكومية من الوزارات المعنية، تشكّلت هذه المشكلة وأخذت بالانتشار إلا أن وصلت الحد غير المعقول هذه الأيام.

أخيراً وليس آخر، الشاب عيد البلعاوي، يقف عند محل لبيع مستخدمات النظافة، اشترى حفاظات الأطفال "البامبرز"، بسعر 200 شيكل أي ما يزيد عن 50$، وهي في سعرها الطبيعي كانت لا تتعدى الـ15-20 شكيل، أي 5-7$، وهذا ما يعني عشر أضعافها.

"البامبرز كان مليان بالسوق وبسعر طبيعي، فجأة اختفى وصار سعرو بالسما"، هذا ما قاله البلعاوي وأشار بعده إلا أنها مشكلة يعاني منها كل من لديه طفل، فأصبح أكبر همه توفير حفاظات لطفله لسعرها الذي أصبح باهظاً جداً في يوم وليلة حسب وصفه. مضيفاً: "التجار يستغلوننا أكبر استغلال، فقد أخفوا البضائع وضاعفوا أسعارها عشرات المرات لأنهم يعلمون أنه لا غنى عنها".

كل ما ذُكر، وليس آخراً، وليس حصراً للمشكلة على فئة معينة، فيبقى للاحتلال وعدوانه الفاشي على قطاع غزة، عشرات المشكلات تفرضها حكومة نازية متطرفة بشكل ممنهج على قطاع غزة، دفعاً للتهويد، والتهجير، والقتل البطيء، وضرب الجبهة الداخلية، وإشغال المواطن في طعامه وشرابه عن قضيته، ويضاف له كل من يتآمر على شعبه ويستغله لهدف المال أو أيِّ كان.