أجرت مجلة الهدف الشهرية عدد (1583) أكتوبر/ تشرين أول الفائت حوارًا مع الكاتبة الفلسطينية الشابة بيان دخان حامد، ابنة الجليل الأسفل (الناصرة)، والتي يمثل قلمها صوتًا شبابياً واعداً يسعى لتجسيد قضايا شعبه من خلال أدب متنوع، يجمع بين الشعر والرواية وقصص الأطفال.
في هذا الحوار، الذي أجراه الكاتب محمد حسين، تتحدث حامد عن تجربتها الأدبية التي بدأت تأخذ صدى في المشهد الثقافي الفلسطيني، حيث استطاعت من خلال أعمالها أن تعبر عن قضايا وطنها وهموم المرأة الفلسطينية المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالنضال من أجل الحرية.
تتميز مسيرة بيان حامد بإنتاج أدبي متنوع، حيث صدر لها ديوان "كأنني كنت استعارة" عن دار راية في حيفا عام 2024، إلى جانب قصص للأطفال مثل "الرسام الصغير" الصادرة عن دار الهدى، و"الخنافس المضيئة" التي أصدرتها كقصة إلكترونية عن دار عصافير في الإمارات، و"سحر البهارات" عن دار سهيل عيساوي. كما أقامت بعض المعاهد ورشات تدريبية استنادًا إلى قصصها، ما يعكس تأثيرها على الأجيال الناشئة.
يفتح هذا الحوار نافذة للقارئ على عالم بيان حامد، الذي يعكس روح الجيل الجديد من الكتاب الفلسطينيين، المتشبثين بقضاياهم الوطنية، والساعين إلى إيصال صوتهم الأدبي وسط التحديات الكبيرة.
السؤال الأول: حدثينا عن طفولتك وشبابك الشعري كيف دخلت الى عالم الكتابة.
كتبت كثيرا في طفولتي، قصصت قصصي على الآخرين. واحببت الضياع في الكتب. لم افكر في ان اكون كاتبة حقيقية، حتى ثلاثة اعوام مضت .
باكورة اصداراتي كانت في ادب الاطفال، نشرت اول قصة اطفال في بدايات الكورونا، مطلع عام 2021 . ثم تلا ذلك قصة مصورة في الامارات، والقصة الاخيرة "سحر البهارات" اصدرت هذا العام .
ثم وجدت لونا جديدا ابرع فيه كتابة الشعر -
اقتنص اللحظة المناسبة واقوم بحصد كل ما شعرت به - كلمة كلمة .
"كأنني كنت استعارة" هي عنوان مجموعتي الشعرية الاولى .
ان تكتب يعني ان تشعر بسيطرتك على شيء ما.
السؤال الثاني :
قصيدة النثر لها وقع خاص في نفوس الشعراء والمتلقين ما هو موقفك من هذا النوع من الشعر وهل ترين ان بوصلة الشعر ستتجه الى هذا النوع .
ان الشعر والشعور ينبعان من الجذر ذاته فالشعر مربوط دائما بالشعور . لا جدوى للشعر ان لم يكن جميلا .
قصيدة النثر هي خلق حر خارج عن كل تحديد، كما ان لقصيدة النثر رواد كثر منهم : ادونيس ، محمد الماغوط ،وديع سعادة ..وغيرهم .
ارى ان بوصلة الشعر تتجه نحو قصائد غير موزونة فهي اكثر ادراكا لسرعة العصر .
لقد تغيرت ذائقة المتلقي الشعرية لغياب قصيدة التفعيلة ،لكن ليس بامكان قصيدة النثر ان تحل محلها ،فكل نوع ادبي له قراؤه ومهمته التي يؤديها.
السؤال الثالث:ما هي اهم القضايا التي يركز عليها شعرك
يعيش الشاعر الهمّ الكلي بوصفه همّه الذاتي .
الحرية ،الحب بمفهومه الواسع ،الوحدة ،الامومة ،البلاد.
مآسينا الصغيرة التي تحمل اكثر من وجه ،ربما لن يلتفت احد اليها،لكنها ككل القصص تبحث عن تضامن الآخرين لأنها في النهاية مأساة .
السؤال الرابع : هل ترين ان قصائد الشعر المعاصرة على الشبكة العنكبوتية تساهم في نهضة الشعر العربي
يرون الشعراء الشبان ان استثمار الشبكة العنكبوتية والمساحات الممكنة فيها يتجاوز كل العقبات ، بوصوله سريعا ،دون اي وسيط للقرّاء.
لقد تحولت منصات وسائل التواصل الاجتماعي مثل :الفيسبوك والانستغرام الى أداة للنشر ،ترسيخ الحضور وجس النبض قبل او بعد اصدار أي نتاج ادبي.
المسألة في جوهر الشعر الذي يفرض نفسه بصيغة او باخرى تباعا للحقبة التي ينتمي اليها .
السؤال الخامس : الحركة الشعرية المعاصرة هل قدمت إسهاما في تطور القصيدة
إن بهاء الشعر الحديث يتمثل بالايحاء والخيال ،فهو أكثر قابلية للتأويل من مراد الشاعر، كما أنه اكثر رحابة من قائله
في الحداثة ردة فعل لما قبلها ، وفي الشعر الحديث تحدي لصياغة التجربة الانسانية المواكبة .
هل يمكن للشعر ان يحمي نفسه من ذاتية الشاعر ؟ربما
كل ذلك يدفعنا الى فهم الشأن الثقافي اكثر والاسهام في تطور القصيدة وقراءتها بشكل صحيح وعميق .
السؤال السادس : هل تتوقعين أن ينقرض الشعر مستقبلا وتحل مكانه الرواية والقصة
لا أعتقد أن الشعر سينقرض في المستقبل، بل سيظل له مكانته الخاصة في عالم الأدب. الشعر يعبر عن مشاعر وأفكار بطريقة مكثفة ومختزلة، وله قدرة فريدة على الوصول إلى عمق العواطف الإنسانية. صحيح أن الرواية والقصة قد تزداد شعبيتهما مع الوقت بسبب أسلوبهما السردي وتناسبهما مع وتيرة الحياة السريعة، لكن الشعر سيبقى لأنه يمتلك جماليات لا يمكن للرواية أو القصة أن تحل محلها. الأدب بكل أشكاله يتطور، والشعر قد يتكيف مع الأساليب الحديثة لكنه لن يختفي.
السؤال السابع :لديك ثلاثة قصص للأطفال ماذا تكتبين للطفل الفسطيني
إن الكتابة للأطفال مهمة صعبة وحساسة ،يتحمل فيها الكاتب مسؤولية ما يقدمه .أدب الاطفال هو ادب خيالي حساس، وعلة كلمات القصة ان تحمل صورا مرئية وواضحة.
قصتي الاولى " الرّسام الصّغير " تتحدث عن اكتشاف المواهب واظهارها للاخرين ،وعن كيفية رعاية هذه الموهبة بالحب والاهتمام من المحيط وخصوصا الاهل . أما القصة الثانية فهي قصة مصورة تعليمية " الخنافس المضيئة"تشرح بطريقة ممتعة عن اسباب اضاءة الخنافس لاجسادها .
والقصة الاخيرة "سحر البهارات" هي قصة طفل يحاول اكتشاف البهارات وسحرها في دكان جده الذي يغط بنوم عميق!
السؤال الثامن :أين تجدين موقع المرأة الفلسطينية في ظل ما تعانيه من اضطهاد مركب اجتماعي ووطني
ثمة صورة مثالية للمرأة الفلسطينية تصورها كرمز للقوة والصمود خصوصا في الأدب والشعر وهذا يمثل عبئا اضافيا يثقلها .ان قضية المرأة هنا متصلة بقضية شعبها ،وفي ظل الواقع المعقد والمركب الذي تعيشه نتيجة للسياق التاريخي الممتد ،فإن التحديات ليست سهلة ،لكن هذا لا يثنيها عن صناعة مجمتع قوي يدا بيد مع نصفها الاخر .
تحاول النساء تعزيز دورهن في المجمتع لتحقيق العدالة ،انها مسيرة حياة ليس فقط للمرأة الفلسطينية انما لنساء العالم أجمع .
والتاريخ خير دليل على ذلك ،مما حمل ويحمل من اسماء نساء بارزات لامعات ومؤثرات في شتى المجالات .
السؤال التاسع:لديك رواية قيد الانجاز لو تحدثينا قليلا عن مضمونها
نعم ،هناك رواية قيد الكتابة ،وهي التجربة الاولى لي في أدب الرواية
تتحدث عن رجل في الستينات من عمره ،مريض الزهايمر ،يواجه مرضه وحيدا
بعد انقطاع صلته بابنته الوحيدة ووفاة زوجته في حادث طرق أليم.
تطرح الرواية معاناة المريض والمحيطين به ،العلاقات الاجتماعية وتعقيداتها الاغتراب والموت..وكيف اننا في النهاية ..لا عزاء لنا في مصائب الدهر الا في احبائنا
السؤال العاشر : بما انك تنتمين الى الجيل الشاب هل تعتقدين أن هذا الجيل لديه الامكانيات ليقدم ما هو جديد وحدثواي بمختلف صنوف الأدب
بالطبع، أعتقد أن جيل الشباب يمتلك إمكانيات هائلة لتقديم إبداعات جديدة ومواكبة في مختلف مجالات الأدب. هذا الجيل نشأ في عصر يمتاز بتعدد المصادر والانفتاح على الثقافات المختلفة، مما يغذي خياله ويوسع آفاقه. ومع توفر الأدوات التكنولوجية الحديثة، أصبح بإمكان الشباب التعبير عن أفكارهم بطرق مبتكرة وجريئة، مع الحفاظ على أصالة الفكر الأدبي. الجيل الحالي لا يقتصر على التقليد، بل يسعى لإحداث تغيير وتقديم رؤى جديدة تعكس واقعهم وتطلعاتهم للمستقبل.
#نشرت المقابلة في مجلة الهدف، عدد تشرين الأول (أكتوبر)، رقم (1583) بالتسلسل العام (64) رقميًا، ص72-79