قررت الحكومة الإسرائيلية مضاعفة عدد سكانها في هضبة الجولان المحتلة في الوقت الذي قالت فيه إن التهديدات من سورية لا تزال قائمة رغم اللهجة المعتدلة لقادة المعارضة الذين أطاحوا بالرئيس بشار الأسد.
استولت إسرائيل على معظم الهضبة الإستراتيجية من سورية في حرب الأيام الستة عام 1967 وضمتها عام 1981.
وبعد 8 ديسمبر/كانون الأول، تحركت القوات الإسرائيلية إلى منطقة منزوعة السلاح داخل سورية، بما في ذلك الجانب السوري من جبل الشيخ الإستراتيجي المطل على دمشق، حيث استولت قواتها على موقع عسكري سوري مهجور. ووصفت إسرائيل هذا التوغل بأنه إجراء مؤقت لضمان أمن الحدود.
فيما يلي دليل سريع لمرتفعات الجولان الجبلية التي تبلغ مساحتها 1200 كيلومتر مربع (460 ميلاً مربعاً)، وهي هضبة خصبة وإستراتيجية تطل على منطقة الجليل وكذلك على لبنان، وتحدها حدود الأردن.
لماذا المنطقة مثيرة للجدل؟
في عام 2019، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب دعم الولايات المتحدة للسيادة الإسرائيلية على الجولان، لكن معظم الدول لم تعترف بضم الجولان. وتطالب سورية إسرائيل بالانسحاب، لكن إسرائيل ترفض متذرعة بمخاوف أمنية.
حاولت سورية استعادة الجولان في الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973، لكنها أُحبطت. وقّعت إسرائيل وسورية هدنة في عام 1974، وظل الجولان هادئًا نسبيًا منذ ذلك الحين.
في عام 2000، أجرت إسرائيل وسورية محادثات على أعلى مستوى حول إمكانية إعادة الجولان واتفاق سلام. لكن المفاوضات انهارت وفشلت المحادثات اللاحقة أيضًا.
وقال نتنياهو إنه تحدث مع ترامب الذي يعود إلى البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني. وأخبره أن بلاده ليست لديها مصلحة في الصراع مع سورية.
لماذا تريد إسرائيل الجولان؟
أبدت إسرائيل في وقت سابق من الحرب الأهلية السورية التي استمرت لأكثر من عقد من الزمن، الحاجة إلى الحفاظ على الهضبة كمنطقة عازلة بين البلدات الإسرائيلية وعدم استقرار جارتها.
كما أعربت الحكومة الإسرائيلية عن قلقها من أن إيران، الحليف القديم لنظام الأسد، تحاول تعزيز وجودها على الجانب السوري من الحدود من أجل شن هجمات على إسرائيل. وكثيراً ما قصفت إسرائيل أصولاً عسكرية إيرانية مشتبه بها في سورية في السنوات التي سبقت سقوط الأسد.
من يعيش في الجولان؟
قال المحلل أفراهام ليفين من مركز ألما للأبحاث والتعليم المتخصص في التحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل على حدودها الشمالية إن حوالي 31 ألف إسرائيلي استوطنوا هناك. ويعمل العديد منهم في الزراعة، بما في ذلك مزارع الكروم، والسياحة. وقال ليفين إن الجولان موطن لـ 24,000 درزي، وهم أقلية عربية يعتنقون أحد فروع الدين الإسلامي.
لطالما كان العديد من أتباع المذهب الدرزي في سورية موالين لنظام الأسد. والعديد من العائلات لديها أفراد على جانبي خط ترسيم الحدود. بعد ضم الجولان حيث منحت إسرائيل الدروز خيار المواطنة للدروز، لكن معظمهم رفضوا ذلك وما زالوا يعرّفون أنفسهم كسوريين.
من يسيطر على الجانب السوري من الجولان؟
قبل اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، كانت هناك مواجهة غير مستقرة بين القوات الإسرائيلية والسورية.
لكن في عام 2014 اجتاح المتمردون الإسلاميون المناهضون للحكومة محافظة القنيطرة على الجانب السوري. وأجبر المتمردون قوات الأسد على الانسحاب، كما انقلبوا على قوات الأمم المتحدة في المنطقة، مما أجبرها على الانسحاب من بعض مواقعها.
وبقيت المنطقة تحت سيطرة المتمردين حتى صيف عام 2018، عندما عادت قوات الأسد إلى مدينة القنيطرة المدمرة إلى حد كبير والمنطقة المحيطة بها في أعقاب هجوم مدعوم من روسيا واتفاق سمح للمتمردين بالانسحاب
ما الذي يفصل بين الجانبين في الجولان؟
تتمركز قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك (UNDOF) في معسكرات ونقاط مراقبة على طول الجولان، يدعمها مراقبون عسكريون تابعون لهيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة.
ويوجد بين الجيشين الإسرائيلي والسوري ”منطقة فصل بين الجيشين الإسرائيلي والسوري“ تبلغ مساحتها 400 كم مربع (155 ميلاً مربعاً) - وغالباً ما تسمى منطقة منزوعة السلاح - لا يسمح فيها للقوات المسلحة للبلدين بالتواجد بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.
أنشأت اتفاقية فصل القوات المؤرخة 31 مايو/أيار 1974 خط ألفا إلى الغرب من منطقة الفصل، والذي يجب أن تبقى خلفه القوات العسكرية الإسرائيلية، وخط برافو إلى الشرق الذي يجب أن تبقى خلفه القوات العسكرية السورية.
وتمتد مسافة 25 كم (15 ميلاً) وراء ”منطقة الفصل“ على كلا الجانبين ”منطقة محددة“ توجد فيها قيود على عدد القوات وعدد وأنواع الأسلحة التي يمكن أن تكون لدى الطرفين هناك.
هناك نقطة عبور واحدة بين الجانبين الإسرائيلي والسوري، والتي كانت تُستخدم حتى بدء الحرب الأهلية السورية بشكل رئيسي من قبل قوات الأمم المتحدة وعدد محدود من المدنيين الدروز ولنقل المنتجات الزراعية.
ماذا حدث منذ الإطاحة بالأسد؟
وافقت حكومة نتنياهو بالإجماع على خطة بقيمة أكثر من 40 مليون شيكل (11 مليون دولار) لتشجيع النمو السكاني في الجولان.
وقالت الصحيفة إن نتنياهو قدم الخطة إلى الحكومة ”في ضوء الحرب والجبهة الجديدة التي تواجهها سورية، وانطلاقاً من الرغبة في مضاعفة عدد سكان الجولان“.
أدانت قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة قرار إسرائيل، حيث وصفته الإمارات العربية المتحدة - التي طبّعت العلاقات مع إسرائيل في عام 2020 - بأنه ”جهد متعمد لتوسيع الاحتلال“.
ونفذت إسرائيل مئات الغارات على مخزونات الأسلحة الإستراتيجية والبنية التحتية العسكرية في سورية، كما تقول، لمنع استخدامها من قبل الجماعات المتمردة التي أطاحت بالأسد من السلطة، والتي نشأ بعضها من حركات مرتبطة بتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية.
قال الزعيم الفعلي لسورية، أحمد الشرع، إن إسرائيل تستخدم ذرائع كاذبة لتبرير هجماتها على سورية، لكنه غير مهتم بالانخراط في صراعات جديدة بينما تركز بلاده على إعادة البناء.
ويتزعم الشرع - المعروف باسم أبو محمد الجولاني - جماعة هيئة تحرير الشام الإسلامية التي أطاحت بالأسد في 8 ديسمبر، منهية بذلك حكم الأسرة الحاكمة الذي استمر خمسة عقود من القبضة الحديدية.
وقال إن الحلول الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار وأن ”المغامرات العسكرية غير المحسوبة“ غير مرغوب فيها.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان إن التطورات الأخيرة في سورية زادت من التهديد لإسرائيل، ”على الرغم من الصورة المعتدلة التي يدعي قادة المتمردين تقديمها“.