Menu

صحفي من غزة يروي تفاصيل اعتقاله وتعذيبه لدى الأجهزة الأمنية

ما نشره الصحفي محمد عثمان

غزة - بوابة الهدف

روى الصحفي محمد عثمان، تفاصيل اعتقاله وتعذيبه لدى الأجهزة الأمنية التابعة لحركة "حماس" في قطاع غزّة، خلال الأيام الماضية، حيث كان الاعتقال على ذمة تحقيقاتٍ صحفية ووثائق قام بكشفها.

وبيّن عثمان، في عدة منشورات على صفحته في "فيسبوك"، الأربعاء، أنّ المحققين حاولوا الوصول إلى مصدر المعلومات والوثائق التي نشرها، وحاولوا انتزاع اعترافاتٍ منه، استخدموا خلال التحقيق عدة وسائل للتعذيب، بينها أسلوب التعليق أو "البلانكو".

وحول أول ساعات الاعتقال قال عثمان إنّه "اقتادوني الى الاسفل لاركب سيارة بيضاء كبيرة، لا اعلم ما نوعها، ومن ثم انطلقوا بي الى مقر جهاز الامن الداخلي في "قصر الحاكم". انتظرت لمدة عشرين دقيقة في مقر حراسة احد مباني ادارة "الجهاز"، قبل ان انتقل الى "ثكنة" التعذيب بعد ان اتخذ المحقق الموجود قرارا بانتزاع ما قال انه اعترافات مني تحت التعذيب والتي كانوا يأملون أن أُقر بها لحظة دخولي. وتلك كانت اخر مرة ارى فيها النور قبل ان تُعصب عينيّ".

وأضاف "اقتادني احد العساكر الى "الثكنة" ليسلّمني الى بعض الاشخاص الذين بداوا مشوار الاهانة اللفظية والجسدية. وادركت حينها انني لن اتعامل مع عقلاء بعدها. وبالفعل. فقد أسمعوني عبارات تخويف مثل: "فتح الشغل اليوم" و"هذا الصحافي اللي بنستناه من ست ايام". وأجبرني أحدهم وهو يقتادني في ساحة "الثكنة" الى الانحناء مدّعيا ان هناك حائطا يجب عليّ المرور من اسفله. ناهيك عن قيامهم، كما ادّعوا، بوضعي الى جوار بئر مياه لمدة دقيقتين، لاخافتي".

كذلك "استمرت حلقة الألم النفسي حتى عندما اصطحبوني الى ما أسموها "العيادة"، اذ لم يفحصني هناك طبيب ابدا، واكتفى الموجود بسؤالي عن بيانات الشخصية واذا ما كنت مريضا باي مرض ام لا. وبطبيعة الحال لم ار شيئا لان العُصبة السوداء التي تشبه "النظارة" ظلّت على عينيّ.

نقلوني الى "الباص"، ليلعبوا على وتر ارهاقي جسديا. حيث بقيت واقفا لمدة ساعة ونصف تقريبا دون حركة، فالباص الذي عرفت شكله لحظة رفعي "للنظارة السوداء القاتمة" عندما وافقوا علي ان اتوضأ في الحمام الصغير بداخله، هو عبارة عن غرفة يصل عرضها تقريبا الى مترين، وطولها الى ثلاثة امتار".

وحول المطالبات بالاعتراف بمصدر الأوراق، قال "دخلت غرفة التحقيق. لاقف امام محققين، طلبا مني الافصاح عن المصادر التي زودتني "بالاوراق" التي قمت بنشرها حول "مكتب رئيس الوزراء السابق اسماعيل هنية". وسرعان ما اجبت بعدم استطاعتي ذلك، والقانون يكفل لي هذا الامر. فبدات رحلة الاعتداء الجسدي، وصفعي من كليهما على وجهي عدة "صفعات" في ذات الوقت. واعطى المحقق الرئيسي للاخر الامر بـ"تعليقي".

هنا، كان باديا لي بأنهم يُراهنون على العامل النفسي، خاصة انهم لازالوا يضعون على عيني "النظارة السوداء القاتمة" لاضعافي. فاخذ احد المحققين يوجه النصائح لي، بأن الانكار لن يفيدني، وفي النهاية سوف أستجيب. كما قال. واخبرني حينها انهم حصلوا على مصدر الوثيقة من جهازي اللاب توب الذي استولوا عليه."

وبيّن أنهم حاولوا إجباره على كتابة اعتراف، قائلًا "حاولوا اجباري على كتابة "اعترافي" على ورقة بيضاء استلموها بعد عشرة دقائق كتبت فيها بياناتي الشخصية والتاكيد على عدم ارتباطي بعلاقة شخصية مع من سألوني عنه."

وحول أسلوب التعليق، أضاف "هنا انطلقت جولة جديدة من التعذيب. فقام بتكبيل يديّ الى الخلف، ووضع على راسي لثاما باللون الاصفر الفاتح. واقتادني الى خارج غرفة التحقيق بأمتار قليلة. ووضع في "الكلابشات" سلسلة كنت اسمع واشعر برفعه لي يداي الى الاعلى. فاصبح ظهري منحنيا. وجلب كرسيا لاصعد عليه، وزاد من رفع يدي الى الاعلى على هذا الجهاز، الذي عرفت فيما بعد ان اسمه "البلانكو". 

مضيفًا "طلب مني ان انزل عن الكرسي مرتين، وعندما عجزت عن ذلك ضربني بساعده على بطني عدة مرات، ومن ثم دفع الكرسي من تحتي فتعلّقت كالاجساد المعلّقة "مقصلة الاعدام". فخمسة دقائق كانت كافية ان تجمع كل الام الدنيا في معصما يدي وظهري واكتافي."

وحول الزنزانة التي وجد فيها "نقلوني بعد ذلك ومعي الدفتر الى "الزنزانة رقم 11" والتي صاروا ينادونني برقمها فيما بعد. عرض الزنزانة التي يظهر على انها بناء جديد لا يزيد عن متر، وطولها نحو مترين، وبها حمام بعرض وطول متر تقريبا. وجلبوا لي بها فرشة وغطاء ووسادة رائحتهم عفنة جدا بعد نحو ساعة من دخولي الها. فقمت بوضع الوسادة تحت الفرشة، والدفترة تحت راسي مباشرة".

وحول آثار التعذيب والاعتقال عليه قال "بعد نحو ساعة ونص من دخولي للزنزانة، عرض عليّ احد السجانين على ان يجلب لي "ساندويتش حمص" فاخبرته بأنني مضرب عن طعام. وسمعته يسخر مني مع زملائه السجانين، ويقولون "يجعله يموت". وكان قد وعدني ضابط التحقيق بأن يُنزل وزني سبعة كيلو جرامات من مساء الخميس حتى الاحد. وعندما عدت الى المنزل وجدت انني نزلت حقا ثلاثة كيلوا جرامات. صدق، وهو الشئ الوحيد الصادق الذي سمعته منذ احتجزوني".

وكانت الأجهزة الأمنية في قطاع غزة قد أفرجت عن محمد عثمان، مساء الجمعة الماضية، بعد احتجازٍ استمر مدة 24 ساعة، بجهودٍ من المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.