Menu

جورج حبش وخيبة "إسرائيل" بأجهزتها الأمنية!

أحمد نعيم بدير

الحكيم جورج حبش

غزة _ بوابة الهدف

من إحدى كنائس عمّان، شيّعته بضع مئات، إلى قبرٍ ناءٍ جنوب العاصمة الأردنية، دون أن يُودع الفقراء الذين قاتل من أجلهم يوماً في المُخيمات.

شكّل رحيل الحكيم جورج حبش خيبةً لكيان الإحتلال الصهيوني وأجهزته الاستخباراتية عام 2008. "كيف رحل دونما أن نغتاله. كيف.!".

إرادة الحكيم

إرادة حكيم الثورة كانت أقوى من الجلطة الدماغية التي ألمت به عام 1972، وأقوى كذلك من الشلل النصفي الذي رافقه بعدها لبقية حياته. وكانت أقوى من كل مُحاولات الاغتيال البائسة التي نالت من الأديب غسان كنفاني مثلاً وليس حصراً.     

26-1-2008، شاع خبر رحيل الثوري القومي الاشتراكي، المُناضل جورج حبش، فتسابقت الصُحف والمواقع العبرية حينها على التحليل تارةً والشماتة بالأجهزة الاستخباراتية للاحتلال تارةً أخرى.

صحيفة معاريف "العبرية" قالت حينها أن جهاز "الموساد" عام 1973، حاول اختطاف جورج حبش، حين اعترضت مقاتلات "إسرائيلية" طائرة مدنيّة عراقيّة وأجبرتها على الهبوط في مطار بن غوريون، ومن ثم سمحت لها بالإقلاع والمُغادرة بعد أن تبيّن خطأ في المعلومات التي جمعها "الموساد".

وعن وفاة الحكيم قالت الصحيفة: الدكتور حبش لم يكن على متن الطائرة. لقد فقد الموساد أيام مجده، القائد جورج حبش مات بشكلٍ طبيعي.

مُحاولات فاشلة

وحول الفشل الذريع في الوصول للحكيم، تقول أرملته هيلدا حبش في رسالة لها نُشرت بمناسبة الذكرى التاسعة لرحيل رفيق دربها "أبو الميساء"، أن "إسرائيل" لم تستطع النيلَ منه على الأرض، فاضطرّت إلى اختطاف طائرتين وتحويلِ مسارهما إلى مطارات عسكريّة "إسرائيليّة"، من أجل القبض عليه: الأولى كانت طائرةَ ميدل إيست لبنانيّة مغادرة من مطار بيروت إلى بغداد في العام 1973؛ والثانية كانت طائرةً ليبيّةً خاصةً أقلعتْ من مطار طرابلس الغرب باتّجاه دمشق سنة 1986. لكنّ المحاولتين باءتا بالفشل، إذ لم يكن الحكيم موجودًا على متن أيٍّ منهما، برغم وجود "معلومات مؤكّدة" لدى "إسرائيل" بهذا الخصوص. لقد نجا بأعجوبة؛ ففي المرّتين كان بالفعل متوجّهًا إلى المطار، لكنّه تراجع في اللحظات الأخيرة لأسبابٍ أمنيّة.

الموقع العبري "نيوز 1"، كتب في إطار ردود الفعل الصهيونية على رحيل حكيم الثورة، أنه كان من أخطر الشخصيات التي هددت الوجود "الإسرائيلي"، حين لاحظ الانهزام العربي خلال حرب 1967، باشر بإعلان قيام منظمته "الإرهابية" وفاجأ "إسرائيل" بعمليات نوعية.

وبحسب الموقع، لم يقتصر عمل جورج حبش على الداخل كما فعلت حركة فتح مثلاً، بل تسلل من خلف التوقعات الاستخبارية "الإسرائيلية" وخطط لتنفيذ هجمات في الخارج.

زئيفي مثالاً

ويُشير الموقع العبري هنا، الى أن حبش كان سبباً في اختطاف طائرة "العال" وخطف العديد من الصهاينة، مُتسائلاً بعد أن استشهد بعملية النسور الحُمر النوعيّة "قتل الوزير زئيفي"، هل هناك المزيد من العنف من هذه المنظمة التي أقامها حبش ؟؟.

في حقبة السبعينات اشتهرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، بعمليات خطف الطائرات ونسف المطارات واقتحام ونسف السفارات واغتيال القيادة "الإسرائيلية" والتشدد بالموقف. بل وكانت أول من ابتكر خطف الطائرات وتعتبر ليلى خالد أول امرأة تختطف طائرة في العالم.

القناة العبرية الثانية ذكّرت بذلك عند رحيل الحكيم، وأكدت أنه في أوائل السبعينات أصبحت طائرات الركاب "الإسرائيلية" والمطارات هدفاً استراتيجياً للجبهة الشعبية التي يرأسها جورج حبش على وجه الخصوص.

وقالت القناة أن واحدة من تلك الهجمات كانت في ليلة 22 يوليو 1968، عندما اختطفت طائرة الرحلة رقم (426) التي كان من المُفترض توجهها إلى لندن من قبل مجموعة من "الإرهابيين" في الجبهة الشعبية، كان على متن الطائرة (38) راكباً و(10) من أفراد الطاقم.

إذا قرأت صفحات التاريخ، ستعلم أن هذه العملية النوعية للجبهة أحدثت نقلة نوعية جديدة على طريق النضال الفلسطيني كأسلوبٍ جديد يُستخدم فلسطينياً، سيما وأن الجبهة كانت مُحاصرة إعلامياً ما قبل ذلك، إلا أن العملية ساهمت في كسر الحصار الإعلامي وفي إطلاق عدد من المعتقلين، وكان مقياس الجبهة لمدى صحة هذه العملية هو مدى تقبل الجماهير لها، والواقع أن الجماهير الفلسطينية كانت مؤيدة لها.

رحل حكيم الثورة جورج حبش مُتمسكاً بمبادئه وكلماته الثائرة، والتي كانت إحداها "تستطيع طائرات العدو أن تقصف مخيماتنا وأن تقتل شيوخنا وأطفالنا، وأن تهدم بيوتنا، ولكنها لن تستطيع أن تقتل روح النضال فينا"، رحل الحكيمُ تاركاً خلفه حزبًا لا يختلف عنه، تمسك بمبائده ووصاياه التي لا يزال حتى اليوم يذكرها رفاقه الذين ساروا على ذات الدرب.