Menu

عن الطبيعة الفاشية لإسرائيل: من جابوتنسكي إلى شاكيد

موسوليني، كان يقول ان جابوتنسكي هو فاشي اليهود الخاص

بوابة الهدف/ أحمد.م.جابر

ليس معروفا على وجه الدقة سبب أن الفاشية، تحظى بحساسية أقل من النازية لدى الأوساط الصهيونية، ومع تشديدي هنا على أن لفظي الفاشية والنازية في المآل النهائي ليسا سوى شيء واحد، وما الخلاف المصطلحي سوى تلاعب لغوي، أسبابه سياسية واقتصادية وسياسية أيضا، إلا أنه مع ذلك قليلة جدا هي المرات التي يجرؤ فيها كاتب "إسرائيلي" على وصم الكيان الصهيوني بالفاشية، وحتى لو كان ذلك بشكل تحذيري، من الانحدار إلى الفاشية مثلا، أو للهجوم سياسيا على أحد السياسيين الذين بالغوا في حماسهم "الفاشي" ففضحوا ما لايجب فضحه وبالتالي كانوا صادقين تماما في التعبير عن الصهيونية كما هي فعلا.

الفاشية ليست معيارية:

أظن مقالة روجيل ألفر منذ أيام في هآرتس هي مثال على هذه الندرة، والاستثناء، فقد كتب أن وزيرة العدل في الكيان الصهيوني  أيليت شاكيد هي "خلف" موسوليني، الزعيم الفاشي الإيطالي، أو بالأحرى، زعيم الفاشية الإيطالية ومؤسسها. وكان ألفر يشير إلى خطاب شاكيد حين قالت  "يجب ألا تستمر الصهيونية، وأقول هنا، أنها لن تستمر في الانحناء لنظام الحقوق الفردية التي تفسر بطريقة عالمية".

وقال الكاتب أن إعلان الوزير عن "ثورة أخلاقية وسياسية" تهدف إلى تعزيز المبادئ الوطنية على حساب الحقوق الفردية للفرد، كان مماثلا لمذهب موسوليني "الفاشية". وأشار إلى "النفي الثوري" لـ "موسوليني" للفردوية والليبرالية، حيث كانت الأمة "حقيقة متفوقة وعالية الشخصية ... قانون أخلاقي، وتقليد، ومهمة تلزم أجيال الماضي والحاضر والمستقبل، وجميع الأفراد".

في الحقيقة لم تكن شاكيد صاحبة أي فضل في تصريحها هذا، بل هي تستمد معارفعها حول هذه الأمور من تاريخ طويل للصهيونية تحالفت فيه، واتفقت وتواطأت ليس فقط مع موسوليني، وأفكاره القومية الرومانسية بل مع نظرية "الفولك" الألمانية التي صارت جوهرية في الفكر الصهيوني.

قبل استعراض شذرات من هذه التصريحات والأفكار، أود أن أشير أيضا إلى مقالة جدعون ليفي الذي أعطى نفس الحكم على خطاب شاكيد وتضمن كلامه نفس الحكم النقدي حول الصهيونية والحقوق الفردية. لكن ليفي شكر في الواقع شاكيد على "قول الحقيقة" و "التحدث بصراحة"، وهذه الحقيقة، كما قال ليفي: "الصهيونية تتعارض مع حقوق الإنسان، وبالتالي هي في الواقع حركة فوق القومية، الاستعمارية وربما العنصرية".

شاكيد، بتحليل ألفر هي فاشية تماما، وليفي يرى أن شاكيد لاتعبر عن نفسها، بل هي الصوت الصادق في المجال السياسي والأيدلوجي الصهيوني، وتمثيل حقيقي وصادق لطبيعتها وكلاهما يتفقان أن الصهيونية هي في حد ذاتها شكل من أشكال الفاشية.

يجادل الكثيرون حول صحة الاستنتاج، ونحن نعلم أن تعريف النظريات والقوى شكل هوسا أيدلوجيا وكاد يتحول إلى لغو أكاديمي، في النصف الثاني من القرن العشرين، وامتلأت الكتب بآليات التصنيف ومسابير الفحص والتأكد مما إذا كانت الظواهر المعينة هي فاشية وما هي المعايير التي يجب أن تتوافر.

وأجد أن من المناسب  التذكير بتحذير تولياتي الشهيرمن اعتبارالأيدلوجية الفاشية شيئا منتهيا، متجانسا ومكونا بصلابة، «فلا شيء يشبه الحرباء كالأيدلوجية الفاشية». فالتحديد كما نرى يبدو بشكل واضح قاتلا لأي بحث عميق وبعيد عن الشكلية المدرسية، حيث الظاهرة الاجتماعية ليست حدثا فيزيائيا ثابتا في الزمان والمكان، وإنما هي متحركة في الزمان والمكان والظرف الموضوعي الشامل في مكوناته البشرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية.

وهذا يدفعني للموافقة مع جوناثان أفير، بأن هذا ليس من الضروري أن تكون الصهيونية هي نسخة من الفاشية الإيطالية، تماما مثل جريمة الفصل العنصري الصهيونية التي لا تتطلب سمات متطابقة لجنوب أفريقيا العنصرية (وإن كانت سمات التطابق متوافرة بكثرة ويظهر النظام الصهيوني كأسوأ من نظام الفصل السابق في جنوب أفريقا) حيث تميل المساعي القومية المتطرفة إلى التحرك في تحالف، مثل تحالف موسوليني - هتلر، أو في الآونة الأخيرة تحالف نتنياهو – أوربان المجري كما كان هناك بالطبع التحالف الفعلي بين زئيف (فلاديمير) جابوتينسكي والفاشيين الإيطاليين. كانت أيديولوجية جابوتنيسكي، هي التي ألهمت الفصيلين الإرهابيين إرغون و شتيرن في فلسطين ومنها استمد مناحيم بيغن المؤسس الفعلي لليكود الحاكم اليوم، الفاشي الحيروتي المتحول إلى الليكود. الفاشية إذا ليست معيارية، وهي ليست مجرد نظرية، بل تشكل سياسي أيدلوجي اقتصادي، بحوامل اجتماعية معينة، وهذا ليس تعريفا أبدا إنما أريد القول إنها حربائية.

جابوتنسكي:

عادة ما يعتبر فلاديمير جابوتنسكي الممثل النموذجي لحقيقة الفاشية الصهيونية، وكان هو  المعبر الأصدق (كما شاكيد وسموتريتش الآن) عن حقيقة الصهيونية بوصفها ليست سوى نموذج آخر معدل عن الفاشية، لقد اختلف معه الصهاينة الآخرون وعارضوه ولكن الحقائق تؤكد إنهم اتبعوا دوما برنامجه.

يرتكز مفهوم جابوتنسكي للعالم على العرق، فالوحدة العرقية عنده هي أصل قيام الأمم، لذلك فان الوحدة العرقية والقوة هما نقطتا انطلاق برنامجه السياسي. وقد استمد جابوتنسكي الكثير من عناصر فاشيته الصريحة من تجربته الإيطالية التي عاش فيها زمن صعود الفاشية واستيلائها على السلطة، وكان سعيداً بتجربتها وانتصارها منتشيا بالقيم التي تنشرها.

وكانت دعواه بالصهيونية الواحدية أكبر رد على مزاعم الصهيونية بتقاربها مع الاشتراكية، تلك المزاعم المفضوحة بالممارسة العملية كما سيأتي، وقد قال عنه موسوليني في كلامه للحاخام براتو عام 1935 «لابد لكم من دولة يهودية، بعلم يهودي ولغة يهودية، والشخص الذي يفهم ذلك هو فاشيكم جابوتنسكي».

بل إن بن غوريون أطلق عليه تسمية (تروتسكي صهيوني) في إشارة لما اعتبره تحريفات للصهيونية، و (فلاديمير هتلر) بل أنه هو شخصيا قد كتب عن نفسه ربيع (1934) «لم أتفهم صهيونيتي من آحاد هاعام، وما تلقيتها من هرتزل ونوردو، بل تعلمتها من غير اليهود في ايطاليا». وكان يعلم الفتيان اليهود في منظمة (بيتار) أغان من نوع «ألمانيا لهتلر وايطاليا لموسوليني وفلسطين لجابوتنسكي» ونبه العديد من الكتاب إلى سعيه الهادف لانشاء «جيوش عمالية» «فاشية» وهذا ما حدث فعلاً، على غرار العاصفة النازية والكتائب الفاشية الإيطالية.

وكان جابوتنسكي قد انتهى في أفكاره إلى الإيمان بفعالية السيف قبل أي وسائل أخرى، ورأى أن الدولة بمجرد أن تقوم ستضطر للعيش بالسيف، صائغا  نظرية يتبناها ليس فقط خلفاؤه الأيدلوجيون، في حيروت والليكود وإنما أيضا العماليون وهو الذي يسجل رأيه قائلاً«لن نستطيع أن نقدم لا للفلسطينيين ولا للعرب من البلدان الأخرى، تعويضا عن فقدهم أرض إسرائيل.. إن الصهيونية ستبقى اعتمادا على السيف خلف جدار حديدي لا يستطيع السكان المحليون اختراقه» وما الفرق الذي يمكن اكتشافه بين سموترتش و"خطة الحسم "خاصته، ونظرية جابوتنسكي؟  

وبالتالي ففي سياق بحث الجنس عن دولته الخاصة  يكتب جابوتنسكي«برنامجنا ليس معقداً، فهدف الصهيونية خلق دولة يهودية حدودها ضفتا نهر الأردن ونظامها استيطان مكثف ومشاكلها المالية تحل من خلال قرض قومي، هذه المبادئ الأربعة لا تتحقق دون قبول دولي، ولهذا فان شعار الساعة هو حملة عالمية جديدة وعسكرة الشباب اليهودي في أرض إسرائيل وفي الدياسابورا».

وعناصر فاشية جابوتنسكي هي نفسها العناصر الكلاسيكية لأية فاشية: الأمة المحكومة بمبدأ الوحدة وأسبقية الكل على الفرد ورفض الصراع الطبقي، والمناداة بمجتمع طائفي تعاوني على غرار التجربة الإيطالية، والبرتغالية.وهو يبدو كأنه يردد كلمات موسوليني الذي قال في خطاب ألقاه في 28 أكتوبر 1925 «الكل في الدولة ولا قيمة لشيء إنساني أو روحي خارج الدولة، فالفاشية شمولية والدولة الفاشية تشتمل جميع القيم وتوحدها وهي التي تؤول هذه القيم وتفسرها إنها تعيد صياغة حياة الشعب كلها» وكان جوبلز وزير الدعاية الهتلري قد قال أيضاً «الفرد ليس شيئاً ولا قيمة له ولا اعتبار وعليه أن يتقبل هذه التفاهة الشخصية وأن يذيب نفسه في قوة أعلى وأن يشعر بالفخر لأنه يشارك في هذه القوة». الحركة الصهيونية التنقيحية تحولت فيما بعد إلى حزب حيروت، وتولى بيجن قيادة (الأرجون زفاي لئومي) المنظمة العسكرية للحزب عام 1944.

هل كان جابوتنسكي الاستثناء أم القاعدة في الحركة الصهيونية السياسية؟ ألم تكن سياسات بن غوريون (الاشتراكي) حيال الشعب العربي الفلسطيني من حيث الجوهر متطابقة كلياً مع النهج الذي نادى به جابوتنسكي؟

لعل الواقعة التاريخية بقيام أشكول (الاشتراكي هو الآخر) بنقل رفات جابوتنسكي من نيويورك إلى تل أبيب حيث دفنت في جبل هرتسل جنباً إلى جنب مع الآباء المؤسسين في إشارة بليغة إلى الواحدية الصهيونية وعدم وجود أي فروق في الجوهر.

بالتالي الكلام أعلاه لايصح فقط على الصهيونية اليمينية، فشاكيد لاتمثل اليمين فقط عندما تتحدث بصراحة عن المعنى الحقيقي للصهيونية، وحتى ربما قبل بن غوريون، لم تكن ادعاءات الحزب الشيوعي اليهودي نفسه (فيما بعد الحزب الشيوعي الإسرائيلي) بعيدة عن أفكار جابوتنسكي فقد زيف الحزب جوهر المسألة اليهودية زاعما أن الحل الفعلي لهذه المسألة لم يكن إلا عن طريق هجرة العمال اليهود بالجملة إلى فلسطين حيث لابد أن تحدث (ثورة أكتوبر الصهيونية) بكلمات أخرى تتردد أفكار جابوتنسكي العرقية في غلاف اشتراكي براق.

"اليسار" الصهيوني أو الفاشي "المزوق"

وفي الحقيقة تشير الوقائع كلها، التاريخ السياسي وتاريخ الأفكار وتاريخ الممارسات إلى أن جناحا الصهيونية بقيادة جابوتنسكي وبن غوريون كانا يعملان معا رغم كل الخلافات الظاهرة،  وبالعودة إلى هذا الأخير وفي عام 1934 وقع بن غوريون وجابوتنسكي في لندن اتفاقية «التعايش السلمي» بهدف التعاون بين الجناحين لما فيه أفضل أداء صهيوني.

وقد كتب العالم السياسي الإسرائيلي إسرائيل سفره «بن غوريون، رغم أنه خصم متحمس لجابوتنسي وحركته التنقيحية، كان يطبق على أرض الواقع جميع أفكار جابوتنسكي الأساسية حول فكرة (الدولة اليهودية) وتفوقها على جميع الأفكار والمؤسسات الصهيونية وحول عبادة القوة وحول الجيش الذي يجب أن يصبح (مدرسة قومية للحياة المدنية)».

ويعتبر بن غوريون في تكرار لكلمات جابوتنسكي «شعب إسرائيل هو صفوة الشعوب كلها، ويرجع ذلك إلى تمييز عنصره وتفوق تربته وجودة مناخ البلاد التي نما فيها وتطور».

قد يبدو العمل على كشف المطابقة بين أفكار جملة السياسيين الذين قادوا الحركة الصهيونية وأفكار جابوتنسكي نوعا من الإسراف في الحبر، لكنها ضرورة على ما يبدو في زمن تضيع فيه الرؤى النقدية الحقيقية في البحث العبثي عند الكثيرين عن الفوارق بين يسار ويمين في الحركة الصهيونية، في محاولة تصنيف هذه الفوارق وتضخيمها حياناً في محاولة لخدمة أهداف سياسية بعيدا عن حقيقة النقد العلمي.

 ولنر أيضا كيف أن كلمات شاكيد لم تكن سوى تكرار بصيغة منمقة كلام بن غوريون، في كلمات شهيرة من عام 1938، تجيب عن ذلك: "إذا كنت أعرف أنه كان من الممكن إنقاذ جميع أطفال ألمانيا (من اليهود) بنقلهم إلى إنجلترا، ونصفهم فقط بنقلهم إلى أرض إسرائيل، سأختار هذا الأخير، لأننا لا نكمن فقط في أعداد هؤلاء الأطفال ولكن في الحساب التاريخي لشعب إسرائيل "

تلك الكلمات مثال للفاشية  حيث كانت الأمة  "تعتبر حقيقة متفوقة، شخصية فائقة، وقانون أخلاقي". هنا تصبح التضحية بالأفراد  حتى الأطفال - لأجل "خير وطني أكبر" أمرا مقبولا تماما، . لاحظ أن بن غوريون لم يكن يتحدث عن الجنود الذين يقاتلون في حرب. وكان يتحدث عن الأطفال الذين لم يكونوا مواطنين في أي "دولة يهودية" ولم يشتركوا فيها قط. في ظل هذا المفهوم القومي "اليهودي" الشامل، يعتبر كل يهودي جزءا. ويأتي ذلك مع دائرة نتنياهو الذي يتحدث افتراضيا باسم  لليهود في جميع أنحاء العالم، قائلا لهم "إسرائيل هي بيتك" في أعقاب الهجمات على أهداف يهودية.

يقول جوناثان أفير في مقال نشر منذ يومين عن شاكيد ومضمون الفاشية في خطابها "يدرك كل الصهاينة، حتى لو كان على مستوى غريزي. إن الإرادة للتضحية بالحقوق الفلسطينية (فضلا عن الحقوق الأخرى) لأجل "الوطن اليهودي الوطني" هي عقيدة أساسية للصهيونية. ولا توجد صفات أخلاقية حقيقية في الصهيونية فيما يتعلق بالتطهير العرقي للفلسطينيين؛ فإن مثل هذه الكراهية تكمن في الادعاء بأنها 'معقدة'. فعندما يعترف صهيوني مثل المؤرخ الإسرائيلي اليساري "بيني موريس" الذي أعلن بنفسه عن عدالة مصطلح "التطهير الإثني"، فإن هذا يأتي مع التحذير المفترض – حيث يضيف "هناك ظروف في التاريخ تبرر التطهير العرقي".

ويضيف أفير "يروي موريس كلمات بن غوريون: "أؤيد النقل الإلزامي. أنا لا أرى أي شيء غير أخلاقي في ذلك "(كما ورد في كتاب موريس نفسه). ومع ذلك، يرى موريس أن بن غوريون كان ينبغي أن يذهب إلى أبعد من ذلك في "نقله": "إذا كان قد سبق له أن طرد، ربما كان عليه أن يقوم بعمل كامل"."

ختاما:

هكذا تظهر الفاشية الصهيونية مجردة من كل قناع، وليس فقط من قبل أشخاص كشاكيد وسموتررتش بل حتى من قبل يائير بنيامين نتنياهو، الذي نشر  رسوما معادية للسامية، حيث يصور جورج سوروس على أنه مناور عالمي، يسيطر على الزواحف، كاريكاتير يهودي متنوع، وقطار من الشخصيات الأخرى التي يفترض أنها "السلسلة الغذائية" التي تغذي عائلة نتنياهو،. لكن وزير الاتصالات ايوب كارا، وهو "دمية عربية" لنتانياهو، اكد ان يائير نتانياهو "مجرد طفل يلعب على الفيس بوك".

وماذا لو لم يكن مجرد لعب، ماذا لو كانت ألاعيب يائير ليست عابرة ومؤقتة؟  ماذا لو كانت الصهيونية، تجسيدا للقومية الفاشية، وعنصرية في جوهرها؟ وهذا يعني أنها أيضا، بطبيعتها، معادية للسامية، لأنها ستتحول ضد اليهود لأنهم يهود - إذا لم يخضعوا للخط القومي المتطرف. هذه هي "نوع خاطئ من اليهود"، كما قال زعيم صهيوني (وبعد ذلك الرئيس الإسرائيلي) حاييم وايزمان للورد  بلفور. نفس حاييم وايزمان الذي اجتمع مع موسوليني أربع مرات بين 1923 و 1934.

والاستنتاج الرئيسي الذي سأخرج به بشكل مكثف هنا هو أن الفاشية لاتنشأ من العدم، وهي ليست نوعا من موضة سياسية، أو وليدة لحظة راهنة، انقلابية، إنما هي  ظاهرة اجتماعية – سياسية، نامية وتاريخية، لها تمظهراتها في المجتمع والسياسة والاقتصاد والفكر، تنبع  وتتشكل من مصادر متعددة تجتمع معا لتتبلور في لحظة حاسمة وعند عتبة فارقة معينة فيما يمكن أن نسمي بالفاشية.