Menu

المقدسيون والترحيل الصامت

والدة الشهيد فادي قنبر

بوابة الهدف/منابعة خاصة

منذ عام 1967، وضع العدو الصهيوني نصب عينيه تخفيض عدد الفلسطينيين في القدس إلى أدنى حد ممكن، في طريق تهويدها الكامل، مستخدما كل أنواع القوانين اللاقانونية والإجراءات العسفية وأسلبي البطش، في سياق الحفاظ على هدفه.

ترحيل الفلسطينيين يأخذ أشكالا عديدة، يديرها العدو بصمت وهدوء، بعيدا عن الأنظار وسيلته الرئيسية هي خنق الفلسطينيين في القدس وتضييق قدرتهم على العيش في مدينتهم، فإن أبوا وصمدوا فإن الإجراءات العقابية حاضرة، وهدم البيوت مستمؤر، وسحب الاقامات على قدم وساق

في كانون الثاني/ يناير 2017، أستشهد فادي قنبر بعد تنفيذه عملية فدائية بواسطة شاحنة، مهاجما حشدا من الجنود الصهاينة كانوا يقومون بجولة تقليدية في القدس المحتلة تمهيدا لالتحاقهم بوحداتهم القتالية والقمعية خصوصا في الضفة الغربية المحتلة.  وقد نفذ الشهيد فادي عمليته في مستوطنة "أرمون هنتسيف" وهي أًلا غير شرعية ومبنية على أرض فلسطينية صرف.

بعد العملية بيومين تلقت والدة الشهيد فادي قنبر البالغة 61 عاما، إخطارا من الداخلية الاحتلالية تبلغها سحب بطاقة الإقامة الدائمة في القدس، كما تلقى عشرة مواطنين فلسطينيين آخرين إخطارات بإلغاء تصاريحهم ومن بينهم قصر تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاما. وتعتبر قضية عائلة قنبر هي الأولى من نوعها حيث هي المرة الأولى التي تقدم فيها وزارة الداخلية الصهيوينة على إلغاء الإقامة لقريب لمقاوم نفذ عملية فدائية. وقد استأنف المتضررون من العائلة على قرار الوزير الصهيوني، وعلقت المحكمة حكم الترحيل، فيما يخوض المواطنون معركة قضائية وجماهيرية لمنع ترحيلهم بعيدا عن عائلاتهم في جبل المكبر في القدس.

بدوره، علق وزير الداخلية الصهيوني أريه درعي (شاس) على القرار بإصدار مزيد من التهديدات للمواطنين الفلسطينيين " من الآن فصاعدا كل من المؤامرات والخطط ويعتبر تنفيذ هجوم سوف تعرف أن عائلته ستدفع ثمنا باهظا لعمل له" .

ويعتبر سحب الإقامات إجراء عقابيا جماعيا، يخالف القانون الدولي، كما أنه جزء من العملية الشاملة التي تمارسها سلطات الإحتلال لتنفيذ ترانسفير شامل ضد الفلسطينين المقادسة للحفاظ على أغلبية يهودية في القدس المحتلة، حيث يسعى الكيان الصهيوني للمحافظة على توازن ديمغرافي لـ605 من اليهود و40% من الفلسطينيين، وفقا لخطة إستراتيجية تنفذ على قدم وساق.

وقالت ندى عواد مسؤولة الإعلام في مركز العمل المجتمعي في جامعة القدس أن الإجراءات الصهيونية "جزء من السياسة العامة للاحتلال الإسرائيلي للتوصل إلى التركيبة السكانية اليهودية بوسائل غير مشروعة" ، وأضافت "تحت ذريعة الأمن، تنفذ إسرائيل نقلا قسريا للفلسطينيين من القدس الشرقية المحتلة ... هذه التدابير من العقاب الجماعي، إذا لم يتم إيقافها، سيتم تكريس سوابق مثيرة للقلق".

أحد ضحايا السياسة الصهيونية بسام علام وهو صهر أخت الشهيد فادي غير الشقيقة، وقد حصل على إقامته في القدس عن طريق لم الشمل مع زوجته المقيمة هناك، وعلق محامي الأسرة في المحكمة يوم 10 أيلول/ سبتمبر"لماذا تلغى تصاريح أفراد في الأسرة الممتدة لم يسبق لهم أن التقوا بفادي أصلا؟. وهم أصلا لايشكلون أي تهديد تزعمه وزارة الخارجية. وبالعودة إلى والدة الشهيد فادي، تزعم الداخلية الصهيونية أن إقامتها في القدس التي امتدت 35 عاما من الزواج غير شرعية، وغير قانونية!

ترصد التقارير الصعوبات المتراكمة أمام الفلسطينيين للاستمرار في العيش في مدينتهم المحتلة، التي تدير فيها سلطات الاحتلال الصهيوني نظاما غريبا حيث تضم الأرض وتلغي السكان وتعتبرهم مقيمين أجانب، وتمنحهم بطاقات إقامة تقوم بسحبها بعشرات الذرائع التي تخترعها السلطات المحتلة. وضمن معايير يتم تغييرها كل عام، مع العلم أن السلطات المحتلة ألغت لم شمل العائلات بالكامل للأزواج المقدسيين من غزة منذ العام 2008. وفي ذات السياق تم بين عامي 2000 و 2013، رفض 43 في المائة من طلبات لم الشمل، منها 20 في المائة لأسباب زعموا أنها أمنية. كما تم إلغاء أكثر من 14500 إقامة للفلسطينيين في القدس منذ احتلالها عام 1967، وهو مخالفة صريحة للقانون الدولي، وبناء على قوانينها الشاذة تعامل السلطات الصهيونية المقدسيين كمهاجرين في بلدهم وتعتبر أن بطاقة الإقامة في مدينتهم "إمتياز قابل للإلغاء" بدلا من أن يكون حقا طبيعيا.

والإجراءات الصهيونية غير الاعتيادية بحق عائلة قنبر وجبل المكبر تؤكد بما لايدع مجالا للشك أن هذه الإجراءات هي جزء من خطة الترحيل الشاملة للفلسطينيين وليست رد فعل على العملية الفدائية. ومن المعروف أن الإجراءات الخاصة بالعقاب الجماعي في القدس قديمة جدا غير أنها تصاعدت بشكل لافت منذ 2015، حيث تستخدمه السلطات المحتلةكأداة للنقل القسري للفلسطينيين من القدس، وإذا كان من المعتاد أن تقدم سلطات الاحتلال على هدم منزل منفذ العملية الفدائية، فقد استغل المحتل فرصة العملية ليوزع اخطارات بهد 81 منزلا في جبل المكبر، بحجة البناء المخالف.