Menu

العدوان على غزة: هل نجح العدو في وضع المقاومة على محك خيارين صعبين

شهداء النفق

بوابة الهدف/ أحمد.م.جابر

يعكس الهوس الصهيوني، حول مزاعم نجاح الهجوم الإجرامي على غزة يوم أمس، الحاجة الماسة للجيش الصهيوني لتحقيق أي نجاح، حتى لو كان هذا النجاح ذو طابع استخباري في الأساس، وليس جهدا قتاليا خالصا.

ولكن رغم ذلك وبمعزل عن مزاعم الإخفاق والفشل، يبدو أن العدو أراد توجيه جملة من الرسائل من اختياره لتوقيت الهجوم، ومحاولته إضفاء جو من الغموض على العملية التي من المرجح أن صدفة وجود المقاومين في النفق في تلك اللحظة لعبت دورا كبيرا فيها، ليجند العدو آلته الإعلامية ويتاح له الكلام عن عملية مخططة.

وفي الواقع فإن العدو نفسه اعترف أنه رصد النفق منذ مدة وأن النفق يبعد ألفي متر تقريبا عن أقرب مستوطنة، وهي مسافة كبيرة وقصيرة في آن معا في ظروف حدود غزة وفي إطار التحليل العسكري للموقف الميداني.

بالعودة إلى التحليلات الصهيونية حول العدوان الذي أسفر عن استشهداد 9 مقاومين، فلايمكنك العثور على شيء بعيد عن العنجهية الصهيونية المعتادة، فحتى صحيفة هآرتس المعتاد منها أن تكون أكثر رصانة وأقل شعبوية عنونت بأن الهجوم كان أكثر من ناجح رغم اعترافها بأنه قد يكون ناتجا عن صدفة محضة، فيما استمر الاعلام الصهيوني ببث أخبار التفوق والتقنيات الجديدة والطفرة التكنولوجية التي ساهمت في اكتشاف النفق.

ولكن عمليا وبعيدا عن تفاصيل الاكتشاف، يبدو أن عوامل سياسية وتكتيكية ساهمت في توقيت الهجوم واتخاذ القرار، ومما لاشك فيه أن المصالحة الفلسطينية ومسيرتها الحثيثة نحو إغلاق ملف الانقسام كان لها دور كبير في السعي الصهيوني لاحباطها وتجذر الخلافات، خصوصا أن أبرز الخلافات غير الظاهرة على السطح هو موضوع سلاح المقاومة، والتصريحات التي صدرت سواء من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، أو غيره من مسؤولي السلطة، كلها جزء من عملية نزع الشرعية عن هذا السلاح، ورسائل مبطنة للكيان الصهيوني أن الحكومة الفلسطينية والسلطة حتى في مرحلة ما بعد الانقسام، متبرئة من هذا السلاح ولامانع لديها من التخلص منه حتى بيد صهيونية.

وبالنظر إلى موقف المقاومة، فيبدو أن الكيان الصهيوني سعى من خلال هذا العدوان ومن خلال خطوات أخرى سيتخذها إلى استجرار رد من غزة، قد تتخذه سلطة رام الله ذريعة لوأد المصالحة، ودفنها خصوصا أنا لن تتردد في استغلال تصريحات سابقة لقيادة حماس حول الحرب والسلم وعدم التفرد بهما.

ينعكس هذا  التوجه في اهتمام الصحافة الصهيونية بتحليل بيانات كل من حركة حماس والجهاد الإسلامي، في هذا السياق يبدو ذا صلة تركيز تعليقات صهيونية أنها لاحظت أنه في الوقت الذي استندت فيه تصريحات حركة الجهاد على الرد، والانتقام، وكون الكيان الصهيوني أعلن الحرب، فإن تصريحات حماس خلت من أي كلام عن الانتقام أو الرد المباشر.

أما من الناحية التكتيكية فمن المشكوك فيه أن تكون مزاعم العدو صحيحة حول الاكتشاف المبكر للنفق، ويبدو أن سرعة ضربه جاءت –بالتوافق مع الهدف السياسي- ارتباطا بتقدم النفق، ووقوعه في منطقة عمليات ناشطة للتحصينات التي تقيمها قوات العدو على الحدود أو ما يسمى بحاجز غزة. مع اعتراف العدو أنه لم يكن هناك فتحة خروج للهجوم الفوري من النفق.

بالعودة إلى تصريحات صهيونية زعم جيش العدو الصهيوني أن عدوانه  أمس على غزة والذي أدى إلى استشهاد 7 مقاومين من سرايا القدس وكتائب عز الدين القسام، كان عملا "دفاعيا"، استدعته الظروف الميدانية حسب ادعاء الجنرال الصهيوني رونين مانليس. وزعم مانليس أن الوضع على الجبهة الداخلية الصهيونية "روتيني" بعد الهجوم. 

وزعم مانليس أن العدوان لم يكن ينوي استهداف قادة كبار في كركة الجهاد الإسلامي،  ونفى استخدام أسلحة غير معروفة أو غير اعتيادية، متوعدا بالرد على أي محاولة انتقامية. من جهته قال الوزير الصهيوني نفتالي بينت أنه يدعم بشكل كامل نشاطات الجيس التي يجب أن تستمر، وسخر من تصريحات الجيش بأنه لن يأسف لقتل المقاومين، رغم أنهم لم يكونوا هدفا للعملية.

بدوره عضو الكنيست أورين حزان سخر من تصريحات المتحدث باسم الجيش الصهيوني حول عدم استهداف قادة الجهاد " إذا لم تقصد قتل القتلة الكبار؟ علينا بناء نفق لهم كتعويض على حسابنا. اذا لم يكن هذا حزينا، سيكون مضحكا ".  تعليقات صهيونية أخرى  قالت إن الهجوم رفع التوتر على الحدود مع غزة إلى وضع لم يكن مشهودا منذ 2014، وأنه يمكن أن يكسر إضافة إلى ذلك الوضع الفلسطيني الهش.

ختاما بالنظر إلى طبيعة العدوان، واستهدافات العدو منه والموقف الفلسطيني الدقيق داخليا، لافائدة من انكار أن النجاح السياسي الوحيد للعملية الصهيونية ربما كان وضع المقاومة على محك خيارين كلاهما صعب وكلاهما قد يستجر نتائج مرغوبة للعدو، الرد على العدوان، وهو أمر بديهي وطبيعي وعادل، أو تجاوز الرد وهو ما يعني خضوع المقاومة لشرط المصالحة المجحف المتعلق بسلاحها ونجاح العدو في تحويل ضربة تكتيكية إلى استراتيجية ردع شامل.