Menu

التحقيق في سقوط الطائرة الصهيونية: الحقيقة المغيبة

بوابة الهدف/ تحليل إخباري/ أحمد.م.جابر

لماذا تخلى الطيار والملاح الصهيونيين عن طائرتهما بعد أن قصفتها المضادات السورية يوم 10 شباط/فبراير الجاري؟ وهل تصرفا ضمن النظم التشغيلية، ولماذا لم يدافعا عن نفسيهما في المعركة كما يفترض بقائدي طائرة مقاتلة؟

تلك هي الأسئلة التي يحاول أن يجيب عنها التقرير الرسمي الصهيوني الذي يعرض نتائج التحقيق في إسقاط طائرة الـ F16 الصهيونية والتي سقطت وسط فلسطين المحتلة بعد أن لاحقتها المضادات السورية، في حادث هو الأول من نوعه منذ 30 عاما، والذي حاول العدو التخفيف من وقعه بوسائل شتى، غير أن التقرير الذي أتى منافقا ومحاولا الحفاظ على ماء وجه سلاح الجو الصهيوني لم يستطع أن يخفي حقيقة القواعد التشغيلية غير المكتوبة إن صح التعبير التي يعمل بموجبها الطيارون الصهاينة "غير خائفين" من الرد، منذ زمن طويل، حيث وبموجب هذه القاعدة الطرف الأخر ليس سوى صيد سهل يمكن مطاردته وقتله من البرج العاجي في الطائرة الأسطورية وأن يعود الطيار لشرب قهوته قبل أن تبرد في قاعدته الآمنة.. ولكن هذه المرة، لم تعد الطائرة إلى قاعدتها سالمة، ما سبب صدمة كبرى  لم تقتصر على الوسط العسكري الصهيوني، الذي يفترض فيه معرفة وفهم المخاطر التشغيلية في الطلعات الجوية، ولكن أيضا أصاب قلب المجتمع الصهيوني في قدس أقداسه، الرفيعة المستوى أي سلاح الجو.

التقرير قدم اليوم لرئيس أركان العدو غادي آيزنكوت، في قاعدة رامون الجوية، حيث شمل ظروف الطلعة التشغيلية وواقعة إسقاطها وفرار الطيارين منها وإصابة أحدهما بجراح زعم العدو أنها طفيفة.

زعم الاستخلاص التشغيلي أن التخطيط الأولي للعملية كان صحيحا وأدى إلى تدمير الأهداف المحددة قبل تنفيذ البعثة. وهذا طبيعي أيضا في ظل الثلاثين سنة الماضية، ويزعم العدو أن أنظمة الإنذار في الطائرة عملت على النحو المطلوب وقدمت معلومات إنذار في الوقت المناسب. وكشف التحقيق أيضا أنه في مجال النشاط التشغيلي كانت هناك طائرات (أخرى)  أنجزت مهمتها بينما كانت تدافع عن نفسها ضد "صواريخ العدو".

ولكن التقرير يشير إلى أن الطيارين لم يدافعا عن نفسهما وأن أفعالهما وفوق هذا يزعم أنهما فرا من الطائرة قبل إصابتها، وهذا لا يتطابق مع ترتيب الأولويات المطلوبة للرد على التهديد الصاروخي الذي كان واقعا. رغم ذلك وعلى عكس ما ينبغي زعم التقرير في النهاية أن قرار الطيارين بالتخلي عن الطائرة عند إصابتها كان صحيحا. وقال آيزنكوت إن التقرير الذي قدم له "مهني" ولكنه أرفق ذلك بكلمة "مهذب" وقال أيضا "إنني مقتنع بان الدروس العملية ستنتج ".

الكلمات ذات الطابع الاحتفالي التي ألقاها آيزنكوت وقائد سلاح الجو عميكام نوركين تجنبت الحديث لمباشر عن موضوع التحقيق، وأسهبت في الحديث عن القصف ونتائجه وتدمير الطائرة المسيرة الإيرانية على حد الزعم وتدمير قاعدتها المشغلة.

واكد رئيس الأركان في خلاصة أن حادث تحطم الطائرة كان فرصة للتعلم في القوات الجوية الصهيونية. "إن تحقيقنا المتعمق يعكس التعلم على جميع المستويات، سواء في المقر أو في الميدان، وسيجعل سلاح الجو أفضل".

هذا التقرير الذي لم ينشر نصه بعد، يطرح أسئلة أكثر مما يجيب، وخصوصا حول قدرة الطيران الصهيوني على الأداء في معركة حقيقية تختلف تماما عن "رحلة صيد" كما تعودوا، وأيضا عم حقيقة أن الطائرة أسقطت في قلب فلسطين المحتلة، ليس في الجولان وليس على الأراضي السورية كما يفترض، وهذا ما لم يذكره التقرير أو ربما تمت الإجابة عنه ولكنه سيبقى "سري للغاية" وموضوع تدقيق القيادة العسكرية الصهيونية ومراجعة حساباتها.