"عندما قَدم الراحل سعد الله ونوس في بداية الثمانينيات من القرن الماضي مسرحيته الرائعة "الاغتصاب" هوجم بشدة لأنه قدم شخصيات لصهاينة من لحم ودم بعيداً عن السائد والنمطي في حينه.. اليوم وبعد ما يزيد عن عشرين عاماً كَتبت تاريخ انشاء دولة الاحتلال مستعرضاً تطورها وتغولها وتحول منشئيها من ضحايا إلى جلادين تمكنوا من احتلال الأرض وشردوا أصحابها".
هكذا أوجز المخرج والمؤلف الفرنسي المصري الأصل عادل حكيم الحديث عن عمله المسرحي الأخير "ورد وياسمين".
وأضاف حكيم: "ورد وياسمين" نتاج لورشة عمل نظمتها، مع مجموعة من الممثلين في العام 2014، وقد تبلورت الفكرة وكتب النص وتدرب الجميع خلال الأشهر الأربعة الماضية".
وبين أن "ورد وياسمين" دراما مأساوية يختلط فيها الجد بالهزل ويتقمص شخصياتها الصهيونية ممثلين فلسطينيين.
وأشار حكيم إلى أن العمل عرض على خشبة المسرح الوطني الفلسطيني "الحكواتي" بمدينة القدس ، بالتعاون مع مسرح " ايفري" الباريسي، وهو الإنتاج الثاني المشترك بين مسرح الحكواتي ومسرح إيفري، بعد إنتاج مسرحية "انتيجونا" والتي قدمت أكثر من مائة عرض في دول عديدة من العالم.
فاتن خوري شاركت في "ورد وياسمين"، وهي فنانة مسرحية درست في جامعة حيفا ولديها العديد من الأعمال المسرحية التي قدمت على مسارح مختلفة في الداخل الفلسطيني المحتل والقدس، وغيرها
تحكي فاتن عن دورها: أمثل في المسرحية دور "ورد" الجندية المؤمنة بشدة بالفكر الصهيوني، والتي لم تعش مع أمها ولم تعرف أباها ولم تلتق به؛ لذلك عاشت مع خالها أرون المؤسس الصهيوني, وجدتها مريم المنتمين إلى عصابة الارجون.
وتتابع فاتن: تكتشف ورد من خلال نقاش حاد مع أمها التي لا توافقها آراءها السياسية بأن أباها محسن فلسطيني وأختها "ياسمين" هي السجينة التي حققت معها، حقيقة لا تستطيع تقبلها فتقرر الموت".
وترى فاتن أن "ورد" تمثل السواد الأعظم من الإسرائيليين الذين يعيشون تحت هذا النظام العنصري وقد تحولوا الى أدوات عنصرية، لذلك تنتحر في النهاية.
وتوضح أن الصعوبة الوحيدة التي واجهتها تكمن في الموضوع نفسه؛ قائلة: لقد طرحنا قضيتنا من داخل البيت الإسرائيلي, لذلك كان علينا أن نفهم تفكيره وسياسته، وأن نتجرد.
الفنان علاء أبو غربية (24 عامًا) تحدث بدوره لـ "بوابة الهدف" من العاصمة القدس: ورد وياسمين تحكي عن فترة زمنية تمتد من عام 1944 لعام 1988، وأنا فيها أمثل دورين، الأول أمثل فيه دور "ألفا"، والثاني أتقمص فيه دور مجند إسرائيلي اسمه دوڤ لديه مشاكل نفسيه ويعمل بمركز تحقيق .
ويواصل أبو غربية: واجهتنا صعوبات أثناء البروفات منها تجميع الطاقم لأنه مكون من تسعة ممثلين، ولدينا ممثل في المسرحية من بيت جالا يحتاج لتصريح للتنقل.. لقد انتظرناه طويلاً حتى انتهاء الإجراءات الخانقة للقدوم والعمل والتدريب بمدينة القدس.
القاص جمال القواسمي كان له رأيه الخاص في المسرحية: الذي أزعجني في المسرحية أنها ساوت بين الفلسطينيين والصهاينة كضحايا؛ وربما قاربت أن تقول أن جميع الضحايا شهداء.
ويردف: شعرت في المسرحية بأن تاريخنا منذ نكبتنا ليس فيه قتلة أو مجرمين؛ وربما لم تكن ثمة جريمة، لقد رأت المسرحية أن اليهود ضحايا كارثة، جاءوا من أوروبا يبحثون عن تعويض في فلسطين، وبهذا فإن الأمر لا يعدو خلاف عائلي بسيط لا ألوان فيه، بل هو خلاف أبيض_ أسود، ظهر في الديكور والأزياء ووجوه الشخوص، هكذا صار الخلاف، وبالتالي فهي علاقة تواجد ووجود وليس تناحر وتضاد وإحلال للون على حساب لون آخر، ونفي للألوان الطبيعية الأخرى.
ويواصل القواسمي حديثه: لقد شهدت المسرحية وجود تفسيرات فنية وحلول إخراجية مبهرة ولكنها لم تكن كافية لتغطي على مساوئ العمل الإجمالي، ففي المسرحية ورد وياسمين ضحيتان، وهنا الخلاف! أعترف أن الجزء الثاني من المسرحية ممتع وفيه بعض الجنون، الأمر الذي أنقذ المسرحية من جمودها.