Menu

بسبب استمرار عدوان الاحتلال..

طلاب قطاع غزة يفتقدون بحسرة عامًا دراسيًا ثانيًا على التوالي

أحمد زقوت

خاص_ بوابة الهدف الإخبارية

على غير المعتاد، لم يستقبل طلاب قطاع غزة بأجواء الفرح والسعادة عامهم الدراسي الجديد الذي انطلق اليوم الإثنين، وللعام الثاني على التوالي تحديدًا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي لم ينتظم الطلاب من مختلف المراحل التعليمية في فصولهم الدراسية نتيجة حرب الاحتلال "الإسرائيلي" المتواصلة لمدة عام تقريبًا.

وتكتظ المدارس التعليمية بمئات الآلاف من المواطنين النازحين الذين لجأوا إليها بحثًا عن الأمان وهربًا من نيران الاحتلال، لكنّ القصف بالقنابل والصواريخ طاول معظم المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" والحكومية، وباتت الفصول الدراسية تضم العائلات بدلًا من الطلاب الذين ينتظرون وقف إطلاق النار من أجل تعويض الفاقد العلمي واستكمال مراحلهم التعليمية.

وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، أعلنت أنّ دوام طلبة المدارس للعام الدراسي الجديد 024/2025 سيبدأ اليوم، وبخصوص قطاع غزة أطلقت الوزارة يوم الأربعاء الماضي، موقعًا إلكترونيًا لتسجيل طلبة قطاع غزة في جميع المراحل التعليمية للتعلم في مدارس افتراضية "تعليم إلكتروني"، ويأتي ذلك في إطار استئناف العملية التعليمية لإنقاذ العام الدراسي المنصرم، ومن ثم بدء العام الدراسي الجديد.

ويسكن معظم طلبة المدارس مع ذويهم في خيام بمراكز الإيواء التي تفتقد لكافة مقومات الحياة الآدمية، يقول الطالب محمد حسين (15 عامًا) لـ "بوابة الهدف الإخبارية": "هي ثاني سنة راحت علي بسبب الحرب المستمرة حتى الآن، ومن المفترض أتجاوز هذه المرحلة منذ عام على الأقل، لكن الحرب جعلتني عالقًا في نفس سنتي الدراسية التي انقطعت عنه في أكتوبر الماضي"، مضيفًا "لا أعرف مصيري الدراسي ولا كيفية تعويض الفاقد العلمي المتكدس منذ عام على الأقل".

وامتعض حسين من إطلاق الوزارة موقعًا إلكترونيًا، مشيرًا إلى أنّ معظم طلبة القطاع نازحين ولا يتوفر لديهم أجهزة محمولة أو كمبيوتر أو لابتوب، وحتى إنّ توفرت عند بعض الطلبة فمن أين سيوفرون كهرباء وإنترنت لاستكمال مرحلتهم الدراسية، خصوصًا بعد تدمير الاحتلال للبنية التحتية التعليمية في القطاع؟.

ويشتكي الطالب حسين من التوقيت غير المناسب الذي حددته الوزارة لاستكمال تعليمه، والذي لا يتلاءم مع البيئة التي نعيش فيها، حيث النزوح المستمر والخيام المهترئة، إلى جانب الخوف الذي نعيشه كل لحظة بسبب القصف المستمر، إذّ يفكر كل طفل بالحفاظ على حياته وليس الدراسة في هذه الأوقات، وكذلك مساعدة الأهل بجمع الحطب وتعبئة غالونات المياه للبقاء على قيد الحياة، مطالبًا الانتظام في مؤسسات تعليمية رسمية وجاهية وتوفير الإمكانات اللازمة لذلك من أجل الاستفادة من كل مرحلة تعليمية، وذلك بعد انتهاء الحرب.

ناهيك عن حال المعلمين والمعلمات وهو الأسوأ، إذّ يقول الأستاذ أنس بدوان لـ "بوابة الهدف": "لقد خسر الطلبة عامًا دراسيًا كاملًا بسبب استمرار عدوان الاحتلال الذي شنه على جميع أنحاء القطاع، وهو ما يؤثر على تحصيلهم العلمي"، مضيفًا أنّ "الأهالي يحبون التعليم، ويدفعون كل ما يملكون من أجل تعليم أبنائهم في المدارس والجامعات، حيث لديهم الوعي بأهمية التعليم خصوصًا أننا تحت احتلال يحاول طمس هويتنا ويحارب مناهجنا التعليمية".

ويشير بدوان، إلى أنّ "الاحتلال دمر معظم المدارس التعليمية في القطاع، وأصبحت المتبقية منها مراكز إيواء تضم آلاف النازحين وتحولت ساحتها إلى خيام، إلى جانب قتله آلاف التلاميذ ومئات المعلمين، وذلك لتنفيذ مخططاته في محو القضية الفلسطينية من أذهان الأجيال القادمة، تحقيقًا لمقولة كبار يموتون وصغار ينسون، لكن السنوات أثبتت أن الصغار متمسكون بوطنهم".

وعن خطوة الوزارة بإطلاقها موقعًا تعليميًا عن بعد، يؤكّد المعلم بداون، أنّه من المهم تعويض الطلاب الفاقد التعليمي للعام المنصرم، وبدء عام دراسي جديد، لكنّ الطلبة في قطاع غزة لا يتوفر لديهم الاحتياجات اللازمة للتركيز على دراستهم، وبعضهم تحول لأيادٍ عاملة تساعد عائلاتهم من أجل توفير لقمة العيش"، لافتًا إلى أنّ "جدوى هذه الخطوة لا يمكن قياسها في هكذا وضع تحديدًا مع استمرار القصف والقتل من قبل الاحتلال، خصوصًا أنّ عقول الطلاب مرتبطة بالقصف حاليًا ولا يمكن تركيزها على الدراسة والتحصيل العلمي".

ويبين المعلم، أنّ حال المدرسين والمدرسات لا يختلف كثيرًا عن الطلبة، فانقطاع التيار الكهربائي، وغياب الإنترنت، وحالة النزوح المستمرة وعدم الاستقرار، تحول دون إمكانية استمرار التعليم الإلكتروني، بالإضافة إلى مسؤوليتهم عن توفير الاحتياجات لأبنائهم، موضحًا أنّه من الأفضل أنّ تنتهي الحرب ثم عودة الطلبة إلى مدارس نظامية وجهاً لوجه، وهذا يتطلب توفير أجواء هادئة للطلبة وتجهيزهم لتلقي الدروس، إلى جانب إعادة بناء المدارس التي دمرها الاحتلال.

وتضررت أكثر من 90% من المباني التعليمية في قطاع غزة جراء قصف الاحتلال، بما في ذلك العديد من المدارس التي تديرها وكالة "الأونروا"، بحسب مجموعة التعليم العالمية، التي تضم مجموعة منظمات إغاثة تقودها اليونيسف ومنظمة "أنقذوا الأطفال"، فيما دمّر العدوان "الإسرائيلي" ما يقارب 450 مدرسة وجامعة تدميرًا كليًا وجزئيًا، وفقًا لبيانات رسمية.

وحرم عدوان الاحتلال أكثر من 650 ألف طفل من مختلف المراحل التعليمية عام كامل في القطاع، وأغلقت المدارس أمام الطلاب الذي انقطعوا عن الدراسة مع بدء الحرب في شهر أكتوبر الماضي، ولا يُعرف متى يمكنهم العودة إلى الفصول الدراسية، بحسب وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية.

ووفقًا لإحصاءات صادرة عن الوزارة خلال شهر سبتمبر الجاري، يونيو الماضي، فإنّ عدوان الاحتلال أودى بحياة أكثر من (11500) ألف فلسطيني ممن هم في سن الدراسة بالقطاع، إضافة إلى (750) شهيداً من المعلمين والمعلمات.

من جانبه، يؤكّد رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي، أنّ حرب الاحتلال تسببت بتدمير جميع مناحي الحياة داخل القطاع، لا سيما الحياة التعليمية التي تعطلت كلياً من جراء نزوح المدنيين إلى المدارس التابعة لـ "الأونروا"، والحكومية حيث لا ملجأ لهم سواها.

ويلفت عبد العاطي لـ"بوابة الهدف"، إلى أنّ الاحتلال عمد إلى تدمير القطاع التعليمي وإيقافه بشكل كامل، واستهدافه بشكل مباشر، وإحداث دمار هائل في المؤسسات التعليمية، من أجل تحقيق هدفه المتمثل بتجهيل الشعب الفلسطيني، الذي يبدأ بالأطفال ووصولاً لطلاب الجامعات باختلاف مستوياتهم التعليمية وتخصصاتهم الجامعية، مبينًا أنّ استمرار الأزمة الاقتصادية والسياسية في القطاع نتيجة الحصار والحروب المتواصلة أدت إلى تدهور البنية التحتية للمنظومة التعليمية، وندرة الموارد اللازمة للعملية التعليمية، كما رفع معدلات الاكتظاظ في الفصول الدراسية.

وعن الصعوبات التي تواجه قطاع التعليم، يوضّح عبد العاطي أنّ انقطاع الكهرباء لساعات طويلة يومياً في غزة يؤثر على استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية، وصعوبة توفير البدائل التكنولوجية، فضلاً عن تدمير شبكات إمداد الكهرباء كلياً داخل القطاع الذي أعاق استمرار التعليم إلكترونياً بعد الحرب.

مع انقطاع الطلبة في القطاع عن فصولهم الدراسية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بسبب عدوان الاحتلال، لا يعرف متى سيعود الطلبة إلى مقاعدهم، كما لم تتبين مدى تأثير الخطوة الحكومية المتمثلة بإطلاق وزارة التعليم موقع إلكتروني على التحصيل التعليمي لدى الطلبة، لكنّ ما يعرف هو أنّه لابد من استكمال الطلبة مراحلهم الدراسية وتعويضهم الفاقد التعليمي من خلال انتظامهم بالدراسة وفق ظروف ملائمة وأجواء مناسبة.