Menu

معركة صحية في قلب الحرب..

تقريرحملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة تنفذ تحت النار

أحمد زقوت

خاص_ بوابة الهدف الإخبارية

الطفل عبد الرحمن (10 أشهر) نازحٌ في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، سُجل لدى وزارة الصحة في القطاع كأول مصاب بفيروس شلل الأطفال بعد غياب دام أكثر من ربع قرن، بعد إجراء فحوصات من عينة من مياه الصرف الصحي أظهرت وجود ذلك الفيروس في شهر أغسطس/ آب الماضي، إذ تؤشر إصابته إلى أنّ هناك 200 حالة عدوى تحمل المرض، ما أثار قلق وزارة الصحة الفلسطينية والمنظمات الأممية المختصة.

وبعد اكتشاف هذه الحالة، أطلقت وزارة الصحة بالتعاون مع منظمات أممية حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة، للأطفال دون سن 10 أعوام، وسط ظروف أمنية صعبة، حيث بدأت الحملة في الأول من شهر سبتمبر/ أيلول الجاري في المحافظة الوسطى، ثم ستنتقل إلى جنوب القطاع، وثم مدينة غزة وستنتهي في محافظة الشمال في 12 سبتمبر/ أيلول الجاري.

ووفقًا للوزارة، فإنّها تقود حملة التطعيم في القطاع بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية واليونيسيف ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، مشيرةً إلى أنّه "سيتم نقل معدات السلسلة الباردة من منطقة إلى أخرى حسب برنامج التطعيم في كل محافظة".

وأكّدت الوزارة، في بيانها، أنّه "تم تجهيز العيادات والمراكز الصحية لاستقبال أكثر من 160 ألف طفل يومياً بالمحافظة الوسطى وحدها"، مطالبةً المواطنين بضرورة تطعيم أطفالهم وعدم الالتفات للشائعات التي يبثها الاحتلال وتشكك بصلاحية هذه الطعومات.

وتلقى نحو 200 ألف طفل في وسط قطاع غزة الجرعة الأولى من التطعيم في أولى أيام الحملة، ما يعني أنّ الحملة في طريقها لتحقيق أهدافها لمنع انتشار هذا الفيروس الخطير، بحسب منظمة الصحة العالمية.

ووسط تحليق طائرات الاحتلال "الإسرائيلي" وسماع دوي القصف وإطلاق النار، فقد توافد مئات الآلاف من الأطفال مع ذويهم إلى المراكز الصحية المنتشرة في القطاع، لتلقي الجرعة الأولى من التطعيم للوقاية من الإصابة بهذا الفيروس.

تقف سعاد حويلة (35 عامًا) في مركز الرعاية الصحية الأولية، حاملةً طفلها وتنتظر دورها في طابور طويل بسبب كثرة المتوافدين، تقول لـ "بوابة الهدف الإخبارية"، "أتيت مبكرًا لمركز الرعاية ليتلقى طفلي جرعة التطعيم ضد شلل الأطفال حتى لا يُصاب به"، مشيرةً إلى أنّ "الأيام المحددة لتلقي التطعيمات قليلة ما يجعل إقبال الأهالي شديد قبل فقدان فرصتهم الوحيدة في ظل استمرار الحرب".

وتلفت الأم حويلة، إلى أنّ الأمراض والأوبئة منتشرة في كل مكان بالقطاع ولا يوجد أدوية للعلاج منها، وأنّ مخيمات النزوح التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة البشرية واستمرار الحرب يسرع من وتيرة انتشار الأمراض بين المواطنين، تحديدًا في مراكز الإيواء"، مبينةً أنّ حالها مثل كثير من أهالي القطاع، جميعهم يتخوفون من إصابة أطفالهم بفيروس "شلل الأطفال"، لذلك يسعون لتحصين صحتهم بتلقي التطعيمات المناسبة.

"شلل الأطفال" هو مرض فيروسي ينتقل عن طريق الجهاز التنفسي أو عن طريق الأطعمة الملوثة، وينتشر في أغلب الأحيان عن طريق مياه الصرف الصحي والمياه الملوثة، وهو شديد العدوى، ويمكن أن يسبب تشوّهات وشللاً دائماً، وقد يصبح مميتاً، وهو يصيب بشكل رئيسي الأطفال دون سن الخامسة.

بدوره، يقول مدير الرعاية الصحية في قطاع غزة الدكتور موسى عابد، لـ"بوابة الهدف": "للوقاية من فيروس شلل الأطفال يجب تطعيم ما يقارب 640 ألف طفل دن سن العاشرة"، مضيفاً أنّ "حملة التطعيم ضد الفيروس تتم على مرحلتين، إذّ تلقى آلاف الأطفال الجرعة الأولى من اللقاح، والتي تهدف إلى تعزيز مناعتهم ضد الفيروس".

ويبين عابد، أنّه "بعد ثلاثة أسابيع من المقرر تلقي الأطفال الجرعة الثانية، إذّ يهدف تباعد الجرعات إلى ضمان تعزيز فعالية اللقاح الآمن وتحقيق حماية مستدامة للأطفال ضد فيروس شلل الأطفال، وتؤدي الجرعتان معًا إلى توفير مناعة قوية وطويلة ضد المرض"، واصفاً الإقبال في أولى أيام الحملة بالممتاز مما يعكس وعي المجتمع بأهمية التطعيم وحرصهم على صحة أطفالهم.

ويوضّح مدير الرعاية الصحية، أنّ النظافة الشخصية مهمة لكن في ظل الحرب والازدحام الشديد في مخيمات النزوح، وتراكم النفايات وتدفق مياه الصرف الصحي بين المواطنين، يصعب من الحفاظ على النظافة، ما يؤدي إلى انتشار الأمراض والأوبئة والفيروسات بين الأهالي، محذرًا من ظهور أمراض جديدة وغربية عن القطاع بسبب الظروف الصحية السيئة.

ووصلت الدفعة الأولى من لقاح OPV2 الواقي من شلل الأطفال يوم الأحد الماضي، وهي عبارة عن مليوني و260 ألف لقاح، كما أن العمل جارٍ لتأمين 400 ألف جرعة إضافية خلال الأيام القليلة القادمة، وفقًا لوزارة الصحة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ منظمات أممية ودولية قد طالبت الاحتلال "الإسرائيلي" بهدنة إنسانية للسماح بتطعيم نحو 640 ألف طفل ضد مرض شلل الأطفال، لكنّ الاحتلال رفض هذه الدعوات وأكّد استمراره بالحرب.

من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية، إنّ "كل طفل سيحصل على قطر تين من لقاح شلل الأطفال الفموي الجديد من النوع الثاني مع وجود فاصل مدته أربعة أسابيع بين الجرعتين حتى تنجح الحملة"، مضيفةً أنّه "تم تدريب أكثر من 2180 عاملاً صحياً وعاملاً في مجال التوعية المجتمعية على تنفيذ حملة التطعيم".

وشددت المنظمة، في تصريحها، على أنّه من المهم أن تصل نسبة التغطية التي توفرها الحملة إلى 90% لوقف تفشي المرض في غزة، ومنع انتشاره على المستوى الدولي، مشيرةً إلى وجود تحديات هائلة في القطاع الفلسطيني الذي دمرته الحرب.

وتواجه حملة التطعيم ضد شلل الأطفال تحديات كبيرة، أبرزها مواصلة الاحتلال قصفه واستهدافه لمناطق متفرقة في القطاع، ما يجبر القائمين على الحملة إلى خوض المعركة الصحية في قلب عدوانه.

ويٌشار إلى أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي تعمد قصف المستشفيات وقتل الكوادر الطبية، وإخراج المنظمة الصحية عن الخدمة، إضافة إلى تكرار أوامر الإخلاء وحشر المواطنين في أماكن ضيقة، ما يساعد على انتشار الأمراض والفيروسات بشكل سريع، منذ شن عدوانه على القطاع في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، ما خلف أكثر من 150 ألف بين شهيد وجريح ومفقود، وسط دمار شامل للبنية التحتية والمباني السكنية والحيوية في القطاع.