Menu

لمواجهة الحصار.. لمواجهة التصفية

عددٌ من المتضامنين يفترشون ذراع الحفر لجرافة صهيونية في محاولة لمنعها من هدم مساكن الأهالي في الخان الأحمر بالقدس المحتلة- (وكالات)

يحاول الكيان الصهيوني وحليفته الإمبريالية الولايات المتحدة الأمريكية بشكلٍ حثيث نزع قطاع غزة وحالة الصمود الجماهيري فيه عن السياق الوطني التحرري الفلسطيني، ذلك في إطار مسعى مفضوحٍ لتحويل المطلب السياسي الوطني الفلسطيني إلى قضايا مناطقية ذات أبعاد "معيشية"، كجزء من المساعي الصهيونية والإمبريالية لتصفية القضية الوطنية الفلسطينية.

هذا المسعى ليس بجديدٍ وإنّ كان يتخذ بعدًا أكثر إجرامًا وإرهابًا بقرارات حكومة العدو بتشديد الحصار الخانق على قطاع غزة، لتأتي هذه الجريمة الصهيونية الجديدة كتأكيدٍ على كذب كل الادّعاءات بالانشغال الأمريكي أو الصهيوني بمحاولة إيجاد حلٍّ معيشيّ لسكان القطاع، وتتضح أوهام من راهن على حلول دولية تفصل قطاع غزة وقضية الحصار عن إجمالي المعركة مع الاحتلال والنضال الوطني الفلسطيني على كل شبر من فلسطين التاريخية.

ببساطة، الاحتلال يعلن وبوضوح تصميمه على الاستثمار في حصاره للقطاع على أمل دفع شعبنا الصامد في غزة للاستسلام أمام هذه المحاولات لتصفية قضيته.

وهُنا، لا يمكن لأيّ عاقلٍ أن يفصل ما يجري من عدوانٍ وحصار مستمر على القطاع، عن جرائم العدو الهادفة لترحيل السكان ومصادرة الأرض في الخان الأحمر ، أو عن الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى ضمن مساعي التقسيم الزماني والمكاني للمسجد، والإجراءات التضييقيّة السابقة على الكنائس؛ فهذه حربٌ شاملة يشنها العدو لقضم الأرض وتهجير السكان في جريمة مستمرة، وإنْ تعددت وجوهها وأدواتها منذ النكبة.

التحدي الأساسي أمام الفلسطيني اليوم هو كيفية الحفاظ على وحدة القضية، ووحدة الشعب، ووحدة أجسام وأدوات النضال، في وجه محاولات التجزئة والتفتيت والتصفية، وهو ما يستدعي تجاوز كل الأوهام والرهانات العبثية على صفقات أو تفاوض هُنا أو هناك، مع الاحتلال أو مع رُعاتِه، والانصراف لترتيب البيت الفلسطيني ودعم إجراءات التوحيد الوطنيّ، بدءًا من ضرورة عقد اجتماعٍ عاجلٍ للأمناء العامّين للفصائل، فلا يوجد ما يمنع أن تلتقي هذه الفصائل مهما بلغت درجات الخلاف بينها؛ فما يجري من عسفٍ وتآمرٍ على قضيتنا يقتضي على الأقل موقفًا موحدًا من هذه الفصائل التي تأسست لحماية هذه القضية.

ومن جانبٍ آخر، لابد من المضيّ في تطبيق اتفاقيات المصالحة لطيّ صفحة الانقسام البغيض، فلا يمكن  قبول مواصلة الاشتباك على سلطةٍ أنهى الاحتلال كل معنًى لوجودها، والمطلب المعقول كحدٍّ أدنى في التعامل مع دور السلطة الفلسطينية هو حكومة وحدة وطنية تقوم بواجبها في تعزيز الصمود الشعبي، وتخوض النضال لجانب جماهير شعبنا لرفع الحصار، كجزءٍ من نضال أكبر لإسقاط مخططات تصفية القضية.

شعبنا يؤكد في كل يوم، نيته وإرادته في الصمود والمقاومة والدفاع عن حقوقه وثوابته، سواء عبر مسيرات العودة، أو الصمود والتشبّث بالأرض في الخان الأحمر، أو مواجهة الاقتحامات الاستيطانية في المسجد الأقصى، وكل أشكال مقاومة التهويد والاستيطان التي يُبدعها هذا الشعب العظيم. ولا يمكن القبول من فصائل العمل الوطني أن تكون دون هذا السقف الشعبي، ودون المطلوب من مسؤولية وطنية جماعية يتشاركها الكل الوطني في التصدي لكل ما يُحيق بشعبنا وقضيتنا.