غادر المحققون الجنائيون الأتراك، صباح اليوم الخميس، مبنى القنصلية السعودية في أسطنبول بعد تفتيشها في إطار تحقيق في قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وجرى تفتيش القنصلية باستخدام أضواء كاشفة لإنارة حديقة القنصلية، كما طال التفتيش مركبات تابعة للقنصلية أيضًا، وهذه هي المرة الثانية التي يجرى فيها تفتيش القنصلية هذا الأسبوع، حيث كان المحققون الأتراك أمضوا نحو تسع ساعات هناك، الاثنين الماضي.
وفي وقت سابق من اليوم الخميس أمضى محققون أتراك وسعوديون قرابة تسع ساعات أخرى في تفتيش مقر إقامة القنصل السعودي بإسطنبول.
إلى هذا، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إنه لدى الاستخبارات الأميركية أدلة متزايدة على تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قتل خاشقجي. وأشارت إلى أن أحد المشتبه بهم في القضية كان مرافقاً لابن سلمان ويدعى ماهر عبد العزيز مترب.
ونشرت الصحيفة صوراً لمترب برفقة بن سلمان خلال زيارات خارجية لولي العهد، وقالت إن 3 من المشتبه بهم أظهرت السجلات أنهم على صلة بأمن بن سلمان. أما الخامس، فتقول الصحيفة إنه يتبوأ منصباً رفيعاً في وزارة الداخلية السعودية.
وإذا ما ثبت وجود المشتبه بهم في القنصلية السعودية يوم اختفاء خاشقجي، فإن ذلك يوفر رابطاً مباشراً بين ما جرى مع خاشقجي وولي العهد السعودي ويُبدّد فرضية أن يكون خاشقجي قد قتل في عملية مارقة من دون أمر من بن سلمان.
من جهتها ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن 11 على الأقل من هؤلاء السعوديين الـ 15 لديهم علاقات مع أجهزة الأمن السعودية.
وقالت إن أنقرة أبلغت واشنطن أن لديها تسجيلات صوتية ومقاطع فيديو تُظهر كيف جرى "استجواب" خاشقجي "وتعذيبه ثم قتله" داخل القنصلية قبل أن تشوّه جثّته.
كما نقلت عن محامي ترامب قوله إن "كبار المسؤولين الأميركيين توصلوا الأسبوع الماضي إلى أن السعودية أمرت بقتل خاشقجي".
ورغم العديد من التصريحات حول ثبوت مقتل خاشقجي، والحديث التركي عن أدلة تؤكد هذا، ذكرت 7 مصادر أمنية أمريكية وأوروبية إن تركيا لم تسلم واشنطن أو حلفاء أوروبيين رئيسيين تسجيلات صوتية أو مصورة تتعلق بالصحفي السعودي في قنصلية بلاده بإسطنبول.
ونقلت وكالة رويترز عن هذه المصادر، أنه بعد قرابة أسبوعين من اختفاء خاشقجي في 2 أكتوبر، جمعت الولايات المتحدة وحلفاؤها بعض المعلومات من خلال مصادرها ووسائلها الخاصة التي تؤكد جزئيا تقارير إخبارية تستند إلى تسريبات لتسجيلات صوتية، تردد أن تركيا حصلت عليها بشأن زيارة خاشقجي إلى مبنى القنصلية.
ونشرت صحيفة "يني شفق" التركية الموالية للحكومة أمس الأربعاء ما قالت إنها تفاصيل من تسجيلات صوتية تزعم أنها توثق تعذيب واستجواب خاشقجي في القنصلية السعودية.
وذكرت الصحيفة أن معذبيه قطعوا أصابعه أثناء الاستجواب وأن خاشقجي قتل في غضون دقائق. وقال التقرير إنه تم فصل الرأس عن الجثة التي قطع القتلة أوصالها.
ونقل تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" أمس أيضا عن مسؤول تركي كبير تأكيده التفاصيل التي نشرتها الصحيفة التركية، بينما قالت رويترز إن مسؤولين اثنين من الحكومة التركية اتصلت بهما امتنعا عن تأكيد التقرير.
وذكرت رويترز أن مصادر تركية قد أبلغتها في وقت سابق هذا الأسبوع أن السلطات تملك تسجيلا صوتيا يشير إلى أن خاشقجي قتل داخل القنصلية وأن السلطات تطلع دولا منها السعودية والولايات المتحدة عليه.
وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على ما يبدو نقص الأدلة لدى الولايات المتحدة عندما قال الأربعاء إن الولايات المتحدة طلبت من تركيا التسجيلات الصوتية أو المصورة التي ربما تتصل بخاشقجي.
وقال "طلبنا الحصول عليها، إن كانت موجودة ... لست متأكدا حتى الآن أنها موجودة. قد تكون موجودة على الأرجح .. محتمل"، وأضاف: "سأحصل على تقرير كامل بهذا الشأن من (وزير الخارجية) مايك (بومبيو) عندما يعود... هذا سيكون أول طلب أطلبه".
وقام بومبيو خلال اليومين الماضيين برحلة شملت السعودية وتركيا حيث التقى بزعماء البلدين لبحث التقارير بأن خاشقجي قد قتل في القنصلية السعودية في إسطنبول.
ونفى السعوديون بشدة تلك المزاعم، لكن وسائل إعلام أمريكية ذكرت أنهم يستعدون للاعتراف بأن خاشقجي قتل خطأ أثناء الاستجواب في القنصلية.
في الوقت ذاته، وجّه عدد من القادة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي مذكرة جماعية للرئيس الأميركي دونالد ترامب يحثّونه فيها على تقديم بيانات مالية مفصّلة حول معاملاته مع السعودية على أن تشمل معاملات شركاته العائلية وأفراد أسرته في السعودية.
وأشارت إلى أن التصريحات العلنية لترامب بالإضافة إلى الإنفاقات الحكومية السعودية في مؤسسات مملوكة لعائلة ترامب تثير أسئلة مقلقة حول صدقية المعاملات التجارية، مطالبةً ترامب بإتاحة الفرصة لجهود تقصّي ضلوع الرياض في اختفاء خاشقجي وإنهاء أي علاقةٍ عمليةٍ مع المؤسسات السعودية في حال ثبت ذلك.
كما دعا نواب ديمقراطيون لتعليق لقاءات مع مسؤولين سعوديين، حتى إجراء تحقيق شامل يقدم إجابات صحيحة عن مكان خاشقجي.
لكن ترامب أمس عن رفضه الابتعاد عن السعودية على خلفية قضية خاشقجي، آملاً ألاّ يكون أفراد من العائلة السعودية الحاكمة ضالعين في اختفائه.
هذا وكشف رئيس مجلس النواب الأميركي بول رايان عن أن الكونغرس قد يبحث فرض عقوبات على الرياض بموجب قوانين سارية معدة لمثل هذه الحالات.