Menu

اللاجئون الفلسطينيون في تايلند.. اعتقالات بالجملة ومصيرٌ مجهول

هدى بارود

خاص بوابة الهدف

ينتظر اللاجئون الفلسطينيون في تايلند استجابة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) لاستغاثتهم المتكررة حولَ اعتقالهم من قبل الشرطة التايلندية بداعي وجودهم غير الشرعي في البلاد. اعتقالاتٌ جماعية في سجونٍ تفتقر للشروط الآدمية، دونَ تمييز بينَ الرجال والنساء والأطفال!.

الحكومة التايلندية بدأت حملة اعتقالات لعائلات فلسطينية من سوريا والعراق، وسوريين وعراقيين وصلوا أراضيها على دفعاتٍ متفرقة، خلال الخمس سنوات الأخيرة، بتأشيراتِ دخولٍ سياحيّة؛ هربًا من الحرب في بلدانهم. وبعدَ انتهاء مدة التأشيرات (3 أو 6 شهور)، رفضت الحكومة تجديدها لأن قانون البلاد يُلزم السائح بتقديم تأشيرة دخول جديدة وهو خارج البلاد، لذا باتَ وجود اللاجئينَ غير القادرين على السفر خارج تايلند لتجديد التأشيرات السياحية غير شرعيّ، فبدأت السلطات على الفور حملات مداهمة للمنازل المستأجرة ومناطق العمل واعتقال الموجودينَ فيها من اللاجئين، دونَ وجود حلٍ نهائي أو تسويةٍ لأوضاعهم.

44927098_2210911425792035_4858401189156356096_n.jpg
 

على مدار خمس سنوات كانت حملات المداهمة من قبل الشرطة التايلندية تُباغت العائلات اللاجئة، فيهربونَ إلى الشوارع والحدائق العامة، ويتفرقونَ لمدة أيامٍ قبلَ أن يبحثوا عن مكانٍ آخر يتجمّعونَ فيه مرة أخرى، بعيداً عن عيون الشرطة.

المفوضية السامية للأمم المتحدة كانت تساعد اللاجئين في تايلند على الرحيل عن طريقها، حتى العام 2014، الذي توقفت بعده رحلات السفر من خلال المفوضية لسببٍ مجهول!. وما زادَ الأمر تعقيداً هو عدم توقيع تايلند على اتفاقية احترام حقوق اللاجئين الدولية، ما يجعلها تعتقلهم وتُرحّلهم، أو تتركهم في السجون دونَ أن تكون ملزَمة دولياً بتقديم حلول أو تسويات لأوضاعهم، في ظل عجز (UNHCR) عن التدخل لحمايتهم.

عشرات العائلات اعتُقلت ليلاً أثناء المداهمات، فيما نجت عائلات أخرى تمكّنت من الهرب، والتزمت بعدها منازل مستأجَرة لا تخرج منها نهائياً، فالخروج من المنزل يعرض العائلة كُلّها للاعتقال، إذ تهاجمهم الشرطة، التي تزجّ بالرجال في سجونٍ منفصلة، وتعتقل النساء والأطفال في سجنٍ واحد، دونَ تقديم رعايةٍ صحية أو طعامٍ مناسب وكافٍ، وملابس جيدة.

44821368_2210911309125380_1557910094253916160_n.jpg
 

الشهاداتُ التي حصلت عليها "بوابة الهدف" من لاجئين فلسطينيين من سوريا، جميعُها أكّدت أن العائلات باتت حبيسة المنازل المستأجرة، وغير قادرة على توفير طعامها وشرابها إلّا اذا جازفَ أحدهم وخرج بحثاً عن عملٍ يوفر ثمنَ الخبز والماء فقط!.

أمّ علي، لاجئة فلسطينية من سوريا، تبلغ من العمر 47 عاماً، فرّت من مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب العاصمة السورية دمشق، قبلَ 5 سنوات، برفقة أبنائها الستة وزوجتيْ اثنين منهم، وشقيقها وزوجتِه وابنه، بتأشيرةٍ سياحية مدّتها 3 أشهر، لم يتمكّنوا من تجديدها، إذ يلزم الحصول على تأشيرة سياحية مرة ثانية الخروج من تايلند والتقديم لتأشيرة جديدة إليها.

قالت لبوابة الهدف "عمل أبنائي في أشغالٍ مُضنية، وتعرضوا للاستغلال من أرباب العمل الذين يعرفون أن وجودهم غير شرعي في البلاد، فيستغلّونهم في ساعات العمل، ويضاعفون الجهد عليهم، ويدفعون مقابل كل ذلك مبالغ مالية متواضعة جداً، بالكاد تكفينا أجرة المنزل الذي نقطن فيه".

كانت بانكوك، العاصمة التايلندية، خياراً آمنًا لـ 600 فلسطيني من سوريا والعراق، لم تساعدهم وثيقة اللجوء في الحجز للسفر إلى أيّة دولة أخرى، وكانوا يخشون على حياتهم من الهجرة غير الشرعية عن طريق البحر، ولأن تايلند هي الدولة الوحيدة التي لا تطلب أكثر من تذكرة طيران وتأشيرة دخول كانَ الوصول إليها سهلاً، تِبعاَ لأمّ علي التي قطعَ حديثها بكاؤها المتكرر.

"هربنا من الموت لسجنٍ كبيرٍ يسمى تايلند، لا نحن قادرون على مغادرته، ولا البقاء فيه كمواطنين أو العيش بشكلٍ طبيعي. الجميع تنصلَ من مساعدتنا، للأسف.. هناكَ أطفالٌ لم يغادروا منازلهم منذ ثلاثة أشهر، ولا نعرفُ مصير المعتقلين، ولا يوجد أيّ حلٍ قريبٍ يمكن التعويلُ عليه أو الحُلم به!".

التواصل مع المعتقلينَ من الأطفال والنساء والرجال يكون فقط لمن يملك إقامةً من السوريين أو الفلسطينيين في تايلند، إقاماتُ عملٍ أو زواج عمرُها أكثر من 5 سنوات.

الشاب طلال عبد الله (29 عامًا) من مخيم اليرموك في سوريا، وصلَ تايلند مع عائلته بتأشيرة سياحية قبلَ 4 سنوات. تمكنت عائلته من السفر إلى هولندا بمساعدة المفوضية السامية للأمم المتحدة عام 2014، فيما لم تُتَح الفرصة ذاتها له، فبقي في بانكوك يعمل بالخفاء لتوفير قوت يومه، هارباً من الحكومة.

قال لبوابة الهدف "اعتقلت السلطات التايلندية الكثير من أصدقائنا في سجونٍ صغيرة. حشروهم بالمئات في غرفٍ بالكاد تتسع للعشرات فقط، دونَ أغطيةٍ وطعامٍ كافٍ، واعتقل كذلك الأطفال وأمهاتهم في سجونٍ لا تقل سوءًا عن سجون الرجال، وللأسف لا نملك إلا أن نجمعَ لهم المال لشراء الطعام، ولا نتمكن من زيارتهم خشية من اعتقالنا نحن أيضًا".

لم تتلقَ العائلات الفلسطينية أيَّ ردٍ من المفوضية السامية للأمم المتحدة حولَ اعتقال أبنائها، وكل ما قوبلت بهِ هو ردٌ خجول بأن هذه الدائرة الأممية المخصصة لمساعدة اللاجئين لن تتمكن من التعامل مع الحكومة التايلندية، لأن الأخيرة لم تُوقِّع على اتفاقٍ دولي لحماية المهاجرين.

ووسط حديثٍ، علمت به بوابة الهدف، حول "تحركٍ من قبل السلطة الفلسطينية لإخراج الفلسطينيين المُحتجزين في السجون التايلندية"، لا حراك جاد وفاعل على الأرض- حتى اللحظة- من قبل السلطة، ينتشل هذه العائلات من معاناتها. في الوقت الذي يتذرّع فيه المستوى الرسمي الفلسطيني بعدم وجود تمثيل دبلوماسي له في تايلند.

أمّا المفوضية الأممية فلم يُغادر دورها جانب "توثيق الانتهاكات التي يتعرض لها أولئك اللاجئين"، الذين ينتظرون استجابة أيّ جهةٍ كانت، لرسائل الاستغاثة التي وجّهوها من أجل الإسراع لحلّ مشكلتهم.

44879712_2210911372458707_2744016603543764992_n.jpg
900_5bdc551f1764b.jpg