Menu

الخليل: غياب الشهود والمسؤولية الدولية

هاني حبيب

قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مؤخرًا، عدم التجديد لبعثة المراقبين الدوليين في مدينة الخليل، والتي كانت قد تشكلت عقب المجزرة التي ارتكبها المستوطن باروخ غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي مما أدى لاستشهاد ومقتل 29 مصليًا فلسطينيًا، كانوا يؤدون صلاة الفجر في رمضان عام 1994.

وتتهم إسرائيل البعثة الدولية بأنها تتشكل من دول صديقة للفلسطينيين ومعادية لإسرائيل، إلا أن هذا الاكتشاف بعد ربع قرن من قيام هذه البعثة بمهامها الرقابية، يضع توقيت القرار الحكومي الإسرائيلي في سياق الحملة الانتخابية، فضلًا عما باتت تشكله مدينة الخليل أكبر مدن الضفة الغربية من قوة صناعية متنامية منافسة للمنتج الإسرائيلي، في استهدافٍ ممنهج لتهجير سكانها ووقف مصانعها، وفقًا للشعارات التي سبق وأن رفعها المستوطنون في مظاهرةٍ لهم بالمدينة، في نوفمبر/تشرين ثاني العام الماضي، وذلك في سياق المحاولات الرامية إلى احتلال المدينة بعد مغادرة الشهود لها.

وقد ظلت هجمات المستوطنين الذين يبلغ عددهم في المدينة 600 مستوطن بينما يعيش فيها 200 ألف فلسطيني، متواصلة، بدعمٍ من المستوطنين من خارجها، وبحمايةٍ من جيش الاحتلال، رغم وجود البعثة الدولية التي يقتصر عملها على الرصد والرقابة والتقديم بالتقارير إلى الأمم المتحدة، إلا أن مغادرة هذه البعثة سيزيد ويسهل للمستوطنين وجنود الاحتلال استباحة المدينة وسكانها، وانتهاكًا متزايدًا للحقوق الدينية والمدنية والملكية الشخصية لمواطنيها.

صمود وتحدي أبناء المدينة سبق وأن أفشل المخطط الإسرائيلي، بإقامة بلدية خاصة للمستوطنين في المدينة العام الماضي، الأمر الذي كان من شأنه التمهيد لقرار الحكومة الإسرائيلية حول إنهاء عمل البعثة الدولية التي أصدرت تقاريرها التي أفادت بالتفصيل عن 40 حالة انتهاك للقانون الدولي الإنساني من قبل الاحتلال ومستوطنيه. وجاء في التقرير الأخير نهاية العام الماضي، في 100 صفحة، أن المستوطنين يجعلون حياة المواطنين الفلسطينيين أكثر صعوبة، وبعد نشر الصحافة الإسرائيلية هذا التقرير، أعربت هذه الصحافة عن خشيتها أن إسرائيل ستنهي عمل هذه البعثة، وهذا ما تحقق بقرار نتنياهو بهذا الشأن.

وإثر ردود الفعل الرسمية والشعبية الفلسطينية على هذا القرار، أعربت وزيرة الخارجية النرويجية إينى ماري إريكسين سورايدي، معارضتها له، باعتباره أحادي الجانب ويشكل انتهاكًا لاتفاق أوسلو، محذرةً من تبعات هذا القرار الخطيرة، بينما عبرت الأمم المتحدة عن أسفها لهذا القرار، من خلال تصريح أدلى به المتحدث باسمها ستيفان دوجاريك، مشيرًا إلى أن البعثة أسهمت في نزع فتيل التوترات في هذه المنطقة الحساسة.