Menu

أخفقوا ولكننا انتكسنا

من مؤتمر وارسو

خاص بوابة الهدف

في تعقب نتائج المؤتمر العدواني الأمريكي المنظم في وارسو، يمكن ملاحظة الإخفاق الأمريكي في تحويل المواقف المعادية ل إيران إلى برنامج عمَلانيّ لمضاعفة العدوان على هذا البلد، فرغم أن كلًّا من النظم العربية المشارِكة والكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية أظهرت روحًا عِدائية واضحة ضد إيران، واستغلت منابر المؤتمر المذكور لإلصاق كل النُّعوت التجريمية بها، لم يبدُ أنّ هناك برنامجًا أو خارطة عمل حقيقية أنتجها هذا المؤتمر، بل إن الحلفاء الأوروبيين للولايات المتحدة أظهروا تمايزًا بدرجة ما عن الموقف الأمريكي.

هذه النتيجة قد تكون مدعاةً لشعورٍ بالظفَر إذا سلّمنا بأن هذا المؤتمر هدف فعلًا إلى شنّ حربٍ على إيران، ولكن بقراءةٍ متعمقة للنتائج الكلّية، يبدو أن الهدف الأساسي تحقق، وهو جمع النظم العربية مع الكيان الصهيوني في قضية واحدة، و الأسوأ هو تطوع هذه النظم لتقديم مرافعات تُعلِي شأنَ العداء لإيران كقضية عليا، وقيمة أساسية، وأولوية أولى، تتجاوز في أهميتها وضرورتها القضية الفلسطينية والصراع مع العدو الصهيوني؛ هذا الصراع الذي أظهر العرب الصهاينة لهفتهم لإنهائه بما يرضى الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية على حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية.

مع نهاية أعمال المؤتمر، وتدفق الفضائح التطبيعية للنظم العربية المشاركة، يبدو أن قراءة الأهداف التي عقد لأجلها المؤتمر باتت مهمة أقل تعقيدًا، إذ تمحورت أعمال المؤتمر والنشاط الكثيف في كواليسه حول مهمة أساسية؛ إظهار أقصى درجة ممكنة من تقارب النظم العربية مع الكيان الصهيوني، ومع بنيامين نتنياهو شخصيًا؛ نعم لقد شارك الحكام والوزراء العرب بحماسةٍ كبيرة في الحملة الانتخابية لنتنياهو، وتباروا في إظهار علاقاتهم الذيلية بالكيان الصهيوني، وهو ما لم يتورع تنياهو عن التفاخر به على نحو علني.

المؤكد اليوم أنّ هذه النظم حسمت، إلى حدٍ كبيرٍ، وجهتها وجانبها من المعركة، فهي إلى جانب الكيان الصهيوني، تعمل بمنتهى الحماسة والاجتهاد لإضعاف مكانة القضية الفلسطينية والحقوق العربية، تمهيدًا لتصفيتها، بالتوازي مع الهتاف بصيحات العداء لمصالح شعوب المنطقة، والتنافس في التماهي مع المخططات العدوانية الموجهة ضد هذه الشعوب.

صحيحٌ أن العدوان على إيران لم يكتسب زخمًا برامجيًا في هذا المؤتمر، لكن التحريض والتهيئة ضمن حملة بناء الذرائع لهذا العدوان كان واضحًا أنه حقق الكثير من أهدافه، وقد يكون التحالف الإقليمي للعدوان على شعوب المنطقة لم يتم الإعلان عنه بشكل رسمي، لكن المؤكد أنه تم وصل أطرافه، التي داست فوق أجساد شهداء الأمة العربية، الذين قضوا في معارك الحرية والاستقلال الوطني.