Menu

الاتحاد الأوروبي: انحياز متجدد لدولة الاحتلال

هاني حبيب

خلال أيامٍ قليلة أمكنَ التوقف عن تحولات بالغة الأهمية لموقف الاتحاد الأوروبي من القضية الفلسطينية في إشارة لابد من ملاحظتها إزاء تغير في هذه المواقف، وذلك ابتداءً في بيان الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية فديريكا موغيريني حول التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، عندما أدان البيان ما قال أنه إطلاق صواريخ عشوائية على دولة الاحتلال الإسرائيلي من غزة، مُؤكدًا على التزام الاتحاد الأوروبي بالمحافظة على ما أسماه أمن إسرائيل، متجاهلاً هذا البيان مئات الشهداء والجرحى الذين أصيبوا أثناء مسيرات العودة السلمية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

والغريب أن البيان الأوروبي أشار إلى أن ذلك يُهدّد حل الدولتين، في تجاهلٍ متعمد إلى أن الاتحاد الأوروبي لم يقل ما من شأنه تأكيد هذا الحل وظل صامتًا إزاء كافة الاجراءات الإسرائيلية العدوانية التي تهدد وما تزال هذا الحل من خلال العملية الاستيطانية المستمرة والمتواصلة، وحتى أن الاتحاد الأوروبي لم يفعل شيئًا إزاء قيام دولة الاحتلال بمهاجمة ومصادرة عدة مشاريع انمائية يقوم بها الاتحاد الأوروبي في الضفة الغربية، ما شجع دولة الاحتلال على المضي قدمًا في هذه العملية التي تشكل التهديد الأساسي لما يُسمى بحل الدوليتن.

كما رأينا كيف تفاعل الاتحاد الأوروبي مع قرصنة دولة الاحتلال لأموال المقاصة، عندما طالب السلطة بقبول تسلم الأموال منقوصة إلى حين التوصل إلى حل مع دولة الاحتلال، وكأنه بذلك يتجاهل أن هذه الأموال تأتي في سياق بروتوكول باريس الملحق باتفاقات أوسلو الذي رعته دول الاتحاد الأوروبي وانتهاكًا فاضحًا من قبل الاحتلال لهذا الاتفاق الذي أسس لتراجع القضية الفلسطينية وما تمر به من أزمات داخلية ممهدًا لتشريع الاجراءات الاستيطانية في الضفة الغربية، وبدلاً من أن تطالب دولة الاحتلال بالالتزام بهذه الاتفاقات، تحيل الأمر إلى سير التفاهمات مع دولة الاحتلال.

وبينما يواصل الاحتلال قتل الفلسطيني، خاصة الأطفال والشباب وتلاميذ المدارس، ويعتقل المدرسين ويهدم المدارس، وكان آخر هذه الاعتداءات قيام الاحتلال بإطلاق النار وقنابل الصوت والغاز في محيط مدرسة طارق بن زياد في مدينة الخليل، بينما يقوم الاحتلال بفعل ذلك وأكثر، تخرج علينا وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي موغريني بنية الاتحاد الأوروبي إجراء تحقيق موسع في محتوى المنهاج المدرسي الفلسطيني، بادعاء أنها تحرض على العنف والكراهية، الأمر الذي يشكل انحيازًا سافرًا وتسامحًا مع دولة الاحتلال وتشجيعًا لها لتواصل سياسياتها العنصرية والعدوانية ضد الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية.

وعوضًا عن أن رسم السياسات التعليمية والتربوية من اختصاص المؤسسات الفلسطينية المتخصصة، فإن التحريض على الاحتلال، بل مقاومته بكل أشكال المقاومة هي حق من حقوق شعبنا الرازح تحت الاحتلال، كفلتها له كل المواثيق والشرائع الدولية، وإننا بممارسة هذا الحق، فإننا الأكثر التزامًا بهذه القوانين والشرائع.