Menu

الفصل الأخير من صفقة القرن 2

حاتم استانبولي

العروض التي تقدم للأردن و فلسطين تتمحور حول إخراج منظومة وادي أوسلو من المأزق السياسي والاقتصادي، هذا الخيار الأول وإذا لم ينجح فإن الخيار الثاني (الأرجح) الدفعُ باتجاه تحويل تداخل المصالح الوطنية المشتركة إلى تعارض، وتطويره إلى تناقض يحول الصراع من صراع مع العدو الإسرائيلي إلى صراع بين مكونات الشعب الواحد على ضفتي النهر.

إن بعض الأصوات التي تعبر عن الجهاز البيروقراطي الذي سيطر في فترة الأحكام العرفية وكان هو المسؤول عن الأزمات القائمة، إن كانت سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، والذي مرّر وسهّل عملية الفساد، وأوصل المديونية إلى ما هي عليه، يعود الآن ليطل برأسه ويروج أنّ صفقة القرن هي مصلحة أردنية.

ماذا تعني "مصلحة أردنية"؟

لقد استند هذا التيار الذي يلتقي مع التيار الشبه ليبرالي على معلومات سربت لإغراء الأردن من أجل الولوج في صفقة القرن، منها مالية ومنها عسكرية، وإعادة تجديد الغطاء السياسي للمنظومة عبر طرح دمجها بالمنظومة الخليجية، وما يعنيه ذلك من تبعات أمنية وسياسية واقتصادية.

ولكن هذا سيدخل الأردن في تعارض مع القسم الأكبر من شعبه، ناهيك عن ما سيتركه من أثر على الشعب الفلسطيني، وإن كان في المرحلة السياسية القائمة يعاني من غياب الرؤية الوطنية الجمعية، ولكن ماذا سيكون موقفه عندما يعيد بناء فكره السياسي وأداته الوطنية؟

لقد وضع الأردن أمام خيارين؛ الأول هو خيار بقاء النظام وتجديد الغطاء السياسي والاقتصادي والإغراء بشطب بعض الديون مقابل أن ينخرط بالمنظومة الخليجية أمنيًا وسياسيًا، ويكون رأس حربة في الناتو العربي.

والخيار الثاني يستند إلى رفضه للخيار الأول وتركه يحتضر من خلال تشديد الضغوط السياسية والاقتصادية، وإدخاله في تناقض مع شعبه ليفسح المجال من أجل إنتاج وضعٍ شبيهٍ بما جرى في البلدان العربية، لتشريع تغيير مدروس، وإنتاج نظام يقبل بشروط سياسية أدنى مما هو مطروح.

وهنا، فإن الحركة الوطنية الأردنية والفلسطينية عليها مهمة رئيسية في تأكيد أن النضال الوطني المشترك يتطلب إعلان برنامجٍ وطني محدد، عنوانه إسقاط مخطط توريط الشعبين في تناقض داخلي وإظهار أن المصالح الوطنية متناقضة، ودعم الموقف الرافض لصفقة القرن وتوريط الأردن في أحلافٍ هدفها الحفاظ على المصالح الأمريكية والإسرائيلية. هذه المواقف الرافضة وإن كانت بالمعنى اللفظي عليها تحويلها إلى موقف ملموس بالشارع لدعم خيارات التيار الرافض لتوريط الأردن وفلسطين في صراع بين المصالح الوطنية، تحت عناوين مختلفة ودحض كل نفس عنصري، واعتبار أنّنا شعب واحد يحمل جذر تاريخي واحد بغض النظر عن التسمية.

إنّ المصلحة الوطنية المشتركة تنطلق من التاريخ الوطني المشترك في الدفاع عن فلسطين كقضية وطنية جامعة.

إنّ الوطنية الأردنية أو الفلسطينية هي في الجوهر مصلحة وطنية واحدة، بغض النظر عن التسمية، وإن الحركة الوطنية الأردنية التوأم للحركة الوطنية الفلسطينية، باعتبار أن تغير الاسم لا يعني تغيير في جوهر المصلحة الوطنية، التي كانت دائمًا هي مصلحة مواجهة المستعمر البريطاني وأداته إسرائيل.