Menu

بسام الشعكة.. الباسق كشجر السنديان

د. موسى العزب

بسام الشكعة

في العام 1973 حاول الاحتلال من أجل تحقيق غاياته في السيطرة على الأرض، طرح شعار الحكم الذاتي لفرضه بالقوة على الأرض المحتلة، وذلك من خلال تسليم البلديات إدارة شؤون المواطنين الفلسطينيين، فأجرى انتخابات بلديات في 1973 ثم انتخابات أخرى في 1976، كان من الواضح أن الاحتلال أراد تطبيق الحكم الذاتي كي يلغي التمثيل السياسي للشعب الفلسطيني، ويفصل فلسطينيي الداخل عن المنظمة التحرير الفلسطينية.. وكان يجب إفشاله. هنا سُجل لبسام الشكعة قوله: "بدأت القوى السياسية والجماهير الشعبية بمقاومة هذه النوايا، فعينوا موعد الانتخابات، وكانت الفترة التي مضت فترة وعي الجماهير حول طبيعة الحكم الذاتي وأهدافه، والأخطار التي ترتبط به... تشكلت قوائم تشمل التيار الوطني (تيار منظمة التحرير) من كل الاتجاهات، ونجحت قوائم (لجنة التوجيه الوطني) في كل المواقع في الوطن". وبرزت أسماء: بسام الشكعة المناضل الصلب، وفهد القواسمة، وعبد الجواد صالح، ومحمد ملحم، وكريم خلف، وإبراهيم الطويل، وحلمي حنون، وغيرهم، في فترة سياسية امتازت بالروح الكفاحية والمد الوطني الوحدوي.

بعد فشلها في السيطرة على رؤساء البلديات الجدد، سعى الاحتلال لتشكيل قيادة موازية تتواطأ وسياساته الداعية للسيطرة على السكان وتمرير مخططاته السياسية على الشعب الفلسطيني، بعد إبعاد «منظمة التحرير» عن تمثيل فلسطينيي الداخل، وظهرت فكرة روابط القرى العميلة.  حاولت "إسرائيل" ممارسة الضغوط على مجالس البلديات من أجل استعمالها أدوات لتصفية القضية الفلسطينية، لكن هذه المجالس قاومت، فبدأ الاحتلال اتهامهم بالتورط في النشاط السياسي.  

يروي الشكعة أنه عندما ترأس المجلس البلدي في نابلس: حضر "الرئيس الإسرائيلي" شمعون بيريز ليسلمه أوراق التعيين. ويضيف: «كان واضحاً من كلامه (بيريز) أن شرط استمرارنا هو تطبيق القوانين وقرارات السلطات الإسرائيلية، فقلت له بصراحة: نحن تحت احتلال وعلاقتنا بالاحتلال تحددها القوانين الدولية والمحلية، الأمر الذي لم يرق له نهائياً.

أثناء العمل مع الحكام العسكريين تكرر الكلام نفسه: من أجل نجاحكم في مهمتكم عليكم التزام تطبيق القرارات العسكرية، "لكن موقفنا كان واضحاً وصريحاً منذ اليوم الأول لتسلّمنا مهام عملنا في المجالس: مهمتنا كما وكّلنا بها الشعب أن لا نطبق القرارات العسكرية، وأن نطبق قرارات شعبنا واحتياجاته".

بدأ الاحتلال بالتنكيل برؤساء البلديات المنتخبين عن طريق السجن والإبعاد وأساليب الاغتيال. فقد الشكعة ساقية في تراب الوطن، وبقيت قامته باسقة كشجرة سنديان تظلل سماء نابلس، وأرض فلسطين.. لروحه الجسورة الرحمة والمجد، وللشعب الفلسطيني أحر العزاء والمواساة.