أصدرت سلطات الاحتلال "الإسرائيلي"، قرارات بإخلاء منازل وأماكن سكن عملاء "قرية الدهنية" الهاربين من قطاع غزّة إلى الكيان الصهيوني، فيما يبدو تخلٍ من الاحتلال عن عملائهم الذين ساعدوهم ودعموهم ضد أبناء جلدتهم من الفلسطينيين!
كل ذلك يأتي بعد 14 عامًا من الإهمال والتقصير بحق هؤلاء، حيث باتوا بعد تحرير قطاع غزّة وانسحاب الاحتلال منه، يعيشون في منطقة نائية لا يصل إليها أحد، فيما يبدو وكأنها نهاية كل من يتخلى عن أهله وأبناء وطنه، لصالح العدو.
في القرية النائية التي لا اسم لها لدى الدوائر الحكومية لدى الاحتلال، ولا مكان لها على الخارطة، وضع جيش الاحتلال عملاء من الضفة الغربية وقطاع غزة، وعائلات يعود أصلها إلى سيناء؛ كانت قد تعاونت مع "إسرائيل" وقررت أن تبقى في رعايتها بعد الانسحاب من سيناء، وتركتهم يعيشون ظروفاً شديدة السوء.
قرية “الدهينية” أقامها جيش الاحتلال في قطاع غزة، في المنطقة الفاصلة بين كيبوتس “كيرم شالوم” ومدينة رفح مطلع عقد السبعينات من القرن العشرين، وأسكن فيها قبيلة "ارميلات"، التي أقام على أراضيها مستوطنة “ياميت” في سيناء.
عقب الانسحاب "الإسرائيلي"من سيناء، تم تفكيك مستوطنة “ياميت”، فقررت عائلات من عشيرة ارميلات العودة إلى أراضيها، فيما اختارت عشرات العائلات التي كانت قد تعاونت مع الكيان أن تبقى تحت رعايته، فتم نقلها إلى قطاع غزة، ثم بعد الانسحاب من القطاع عام 2005، نُقلوا إلى قرية مؤقتة شمال النقب المحتل.
وبعد إقامة السلطة الفلسطينية، خضعت “قرية العملاء” لإدارة قسم التنسيق في جيش الاحتلال، وكان غالبية سكان القرية يعملون في مستوطنات التكتل الاستيطاني “غوش قطيف”، وداخل أراضي 48.
قبيل انسحاب الاحتلال من قطاع غزّة، قررت "إسرائيل" إنهاء قرية “الدهنية”، وسمحت لسكانها الذين يملكون الهوية الزرقاء (تحمل صفة مقيم في إسرائيل) بالدخول إلى أراضي 48، أما الذين كانوا يحملون بطاقات برتقالية فقررت نقلهم إلى مصر، ما دفع هؤلاء إلى تقديم التماس لدى المحكمة العليا الصهيونيّة، التي قررت منحهم صفة مقيم مؤقت، دون أن تمنحهم حكومة الاحتلال أي تعويضات عن إخلائهم من منازلهم، رغم أنها دفعت تعويضات للمستوطنين الذين أخلتهم من الوحدات الاستيطانية في المستوطنات التي تم تفكيكها.
أقام جيش الاحتلال منازل مؤقتة من الصفيح لـ40 أسرة في تل عراد في النقب، وقرى بدوية لا تعترف "إسرائيل" بها، لكن أهالي النقب رفضوا هذه الخطوة.
يقول العملاء إنهم تعرضوا لإطلاق نار في الليل صوب منازلهم، وتم “التحريض” ضدهم من قبل خطباء المساجد، ليقرر جيش الاحتلال نقلهم إلى شمال النقب، في منطقة تسميها سلطات الاحتلال “حيفل شالوم”، دون إطلاق أي اسم على القرية الجديدة التي يعيش فيها الآن 400 شخص، ويجري هدم أي بيت صفيح يقيمونه بحجة عدم الترخيص.
وقرّرت سلطات الاحتلال مؤخرًا هدم منازل المنطقة السكنية التي يعيش فيها العملاء، حيث تسعى إلى تهجيرهم، وإسكانهم في منطقة قرب فلسطينيين من النقب، والذين يرون هؤلاء عملاء وأعداء.
ويقول أحدهم في تقريرٍ تلفزيوني: "نحن في نظر العرب خائنون، وفي نظر الإسرائيليين خائنين أيضًا. إلى أين نذهب ونخرج؟ لا يوجد لنا مكان آخر، غير دولة إسرائيل".
ويتساءل أحد آخر، "إلى أين ذهبت الإنسانية وإلى أين ذهب التسامج اليهودي؟"، كأن الاحتلال يملك بعضًا من الإنسانية، وهو الذي نفذ آلاف الجرائم بحق الفلسطينيين على مدار أعوامٍ منذ 1948.