Menu

خطة ترامب... من السلام إلى الازدهار (ج4)

حاتم استانبولي

غزة_ خاص بوابة الهدف

العناوين الأخيرة في القسم السياسي للخطة الترامبية تطرح عناوين الأسرى واللاجئين وأسس الدولة الفلسطينية والتعليم والثقافة والعلاقات العربية الإسرائيلية والاعتراف المتبادل بين الدول وتقديم قرار جديد لمجلس الأمن والأمم المتحدة (لتصفية القضية الفلسطينية).

عنوان الأسرى والمعتقلين؛ الأسرى والمعتقلين سيتم إطلاق جميع الأسرى والمعتقلين الإداريين الفلسطينيين المحتجزين بالسجون الإسرائيلية، باستثناء من وصفتهم الرؤية على أنهم سجناء ارتكبوا أعمال إجرامية بحق مواطنين دولة إسرائيل وصنفتهم بثلاث فئات: 1. المدانين بالقتل ومحاولة القتل. 2. المدانين بالتآمر بارتكاب جرائم قتل مرتبطة بالإرهاب. 4. المواطنين الإسرائيليين الذين ارتكبوا جرائم قتل مرتبطة بالإرهاب (مقصود فلسطينيين ال48)، ما عدا هؤلاء الغير واردين في البنود (1,2,3) يتم إطلاق سراحهم على مرحلتين على أن يعاد توطينهم في الدولة الفلسطينية؛ المرحلة الأولى سيطلق فيها القاصرين والنساء والمرضى والذين تزيد أعمارهم عن 50 عامًا، كما سيطلق سراح من قضى ثلثي العقوبة، وكجزء من الاتفاق ستوافق إسرائيل على منح عفو عام عن الفلسطينيين الذين ارتكبوا جرائم قبل توقيع اتفاقية السلام، والذين يقيمون خارج دولة فلسطين، والذين تمت الموافقة على دخولهم إلى دولة فلسطين بموجب الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي (وهنا لم تحدد أي اتفاق أوسلو أو الاتفاق الجديد المقترح (، وسيطلب من كل سجين أن يوقع تعهد فردي بالتزامه ببنود الاتفاقية، والذي يرفض ذلك يبقى في السجن، كما سيسمح للسجناء بطلب اللجوء إلى بلد ثالث. وتؤكد الخطة على عدم العفو أو إطلاق سراح السجناء الموصوفين في البنود 1,2,3, والإسرائيليين.

من الواضح أن إسرائيل قد وضعت جميع الأسرى والمعتقلين تحت بند الجرائم المدنية وأسقطت عنهم صفتهم النضالية كأسرى حرية أو مدافعين عن حق شعبهم في تقرير مصيرهم ضد الاحتلال الاستعماري الاحلالي، وبذلك تسقط أتوماتيكيًا الصفة الاحتلالية لسلطتها، وتمنع أية دعاوي فردية أو جماعية لجرائمها المرتكبة ضد الإنسانية، كجرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني، وتعتبر الأسرى والمعتقلين الذين خضعوا لمحاكم الطوارئ العسكرية هم مجرمون بناء على النظام القضائي المدني، بالرغم من أنهم خضعوا لمحاكمات عسكرية؛ حرموا خلالها من حقوقهم المدنية والإنسانية، ناهيك عن الطرق والوسائل التعذيبية التي خضعوا إليها بعيدًا عن أية قوانين وأعراف إنسانية أو حقوقية، وبهذا تكون قد شرعت كل وسائلها وممارساتها الإجرامية بما فيها التصفية الميدانية للفلسطينيين؛ من أطفال ونساء وشيوخ ورجال.

التعاطي مع الأسرى والمعتقلين في الرؤية تظهر الوجه الأقبح والأوسخ للكوشنيرية وحقدها على الشعب الفلسطيني ومناضليه، خاصة عندما تطالب بوقف الدعم والرواتب عن أسر الشهداء والأسرى والمعتقلين وتعتبره شرطًا لمصداقية القيادة الفلسطينية، هؤلاء المناضلين والشهداء هم أفضل ما أنتجه الشعب الفلسطيني وبهم وبشواهدهم الشاهد على الجرائم الصهيونية في فلسطين وسوريا ولبنان و مصر والأردن والعراق. هذا العنوان لا يتطرق للجرائم الإسرائيلية من قتل وتعذيب وتشريد وتجويع للشعب الفلسطيني من قبل المنظمات الإرهابية اليهودية التي ترافق تشكيلها مع تشكيل الوكالة اليهودية، واعتبارها هيئة تساعد الانتداب البريطاني لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، هذه المنظمات التي ارتكبت أفظع جرائم الإبادة للشعب الفلسطيني منذ 1921 وحتى يومنا هذا، وهي (أي المنظمات) شُرّعت من قبل الانتداب البريطاني وأصبحت نواة الجيش الإسرائيلي وقادة، مثل: بيغين وشارون واسحق رابين وموشي دايان وغيرهم، كانوا قادة في هذه المنظمات الإرهابية الإجرامية.

اقرأ ايضا: ما هي خطة ترامب.. من السلام إلى الإزدهار (ج1)

عنوان اللاجئين الفلسطينيون؛ لقد أفردت الخطة عنوانًا خاصًا للاجئين وتعاطت معهم من منظور قضية اللاجئين العالمية، وطلبت أن يخضع اللاجئين اليهود من الدول العربية بعد عام 1948 لذات المعايير، وبالتعويضات لهم من الدول التي هاجروا منها. في حين أن الخطة الترامبية –بخصوص اللاجئين الفلسطينيين- لا تشير إلى أية مسؤولية لإسرائيل وللوكالة اليهودية، أو الحركة الصهيونية، أو الانتداب البريطاني، أو الامم المتحدة ومؤسساتها، عن المسؤولية الأخلاقية والحقوقية والإنسانية والجرائم التي ارتكبت بحقهم؛ من إلغاء لهويتهم ومصادرة أملاكهم الفردية والشخصية والعامة التي تتحملها أولًا بريطانيا والوكالة اليهودية ذراع الحركة الصهيونية ومن ثم الأمم المتحدة التي أخفقت على مدى أكثر من سبعون عامًا في إجبار إسرائيل على المثول لقراراتها التي قوضت بسبب الدعم البريطاني والأمريكي لها. هم يساوون بين هجرة اليهود من الدول العربية والتي تكفلت بهم دولة إسرائيل، بينما الفلسطينيين المهجرين نتيجة لاحتلال وطنهم يلقون اللوم في ذلك على الدول العربية لعدم دمجهم في مجتمعاتها باستثناء المملكة الأردنية الهاشمية التي بذلت جهودًا مثمرة في دمج الفلسطينيون.

الخطة تطرح أن يتم حل قضية اللاجئين بعيدًا عن دولة إسرائيل التي لن تتحمل أية مسؤولية حقوقية أو أخلاقية أو إنسانية، وأن عودة بعضهم وبأعداد يتم تحديدها يكون إلى الدولة الفلسطينية القادمة. أما عن اللاجئون في الشتات، يجب حل مشكلتهم في إطار مفهوم حل مشكلة اللاجئن العالمية والتي يبلغ تعدادهم 70مليون لاجي، تحاول الأمم المتحدة إيجاد موارد لهم، خاصة أن اللجوء السوري هو العنوان الأبرز الآن. وتشير الخطة إلى أن مسؤولية اللجوء الفلسطيني كان نتيجة الحروب العربية الإسرائيلية والتي تتحمل مسؤولية لجوئهم الدول العربية، وكذلك تتحمل مسؤولية تعويض اللاجئين اليهود عام 1948، وتطلب الخطة أن يتم دمج الفلسطينيين في الدول العربية التي تستضيفهم والتي تعاملت معهم كبيادق شطرنج لاستغلالهم، وتتطرق الخطة إلى تهجير اللاجئين الفلسطينيين قسرًا من الكويت نتيجة حرب الخليج الأولى، وأن أعدادهم كانت 400 ألف وتبقى 25 ألف فقط. وفي إطار الحل تقترح أن تزال المخيمات الفلسطينية في الدولة الفلسطينية، ويبنى مكانها مساكن للفلسطينيين، وستكون التكلفة من ضمن المساعدات التي ستقدم للدولة الفلسطينية الناشئة، في حين ترى أنه من الممكن تعويض جزء بسيط لفلسطينيي الشتات، من خلال صندوق ينشأ لذلك بعد أن تعرض الخطة المساهمة الأمريكية (للأنروا) على مدى السنين السابقة، والتي قدرت ب 6,15 مليار دولار حتى عام 2017، وستعمل الولايات المتحدة على جمع مبالغ لتقديم بعض التعويضات للاجئين الفلسطينيين ووضعها في صندوق (هيئة اللاجئين الفلسطينيين) ليدار من قبل اثنين أمناء يتم تعيينهم من قبل دولة فلسطين والولايات المتحدة؛ أحدهم فلسطيني والآخر أمريكي (TRUSTEES) ، وسيعمل الأمناء على اعتماد منهجية لتوزيع التعويضات بشكل عادل وفقًا للأولويات وضمن المبالغ الإجمالية التي تم جمعها للتعويضات.

اقرأ ايضا: خطة ترمب.. من السلام إلى الازدهار (ج2)

تطرح الخطة الترامبية على أن لا حقوق للاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى إسرائيل، وأما عودتهم إلى الدولة الفلسطينية ستكون محدودة وفقًا للترتيبات الأمنية، خاصة لفلسطينيي سوريا ولبنان؛ كونهم يحملون عداء لإسرائيل. وتحدد الخطة معدل دخول الفلسطينيين إلى الدولة الفلسطينية بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي، وبما لا يشكل خطرًا على إسرائيل، وستحدد صفة اللاجئين الفلسطينيين أنهم من هم على لوائح الأنروا ساعة صدور هذه الخطة.

من الواضح أن تعاطي الرؤية مع قضية اللاجئين يستند إلى عدم تحميل إسرائيل أية مسؤولية قانونية أو أخلاقية أو حقوقية، ويخرجها من مسؤولياتها كقوة احتلال احلالي استعماري وما يترتب عليه من تشريد وسرقة لحقوق فردية وعائلية وعامة، وتحميل مسؤوليتهم للدول العربية التي (حاربت) إسرائيل 1948 و1967، وهنا تتناسى الخطة أن الفلسطينيين في لبنان التي تشرح بإسهاب معاناتهم لم تدخل لبنان الدولة في أية حرب مع إسرائيل، بل هي من عانت من الاعتداءات الإسرائيلية، من جهة أخرى، تضع الخطة هجرة اليهود من الدول العربية إلى إسرائيل (الطوعي) بذات مقاييس الهجرة الفلسطينية القصرية، وتتحدث عن مساواة في أعدادهم مع اللاجئين الفلسطينيين وتطالب بتعويضات عن ممتلكاتهم، ولا تشير إلى حقوق الملكية للفلسطينيين في أرضهم التي اقتلعوا وشردوا منها.

اقرأ ايضا: خطة ترمب.. من السلام إلى الازدهار (ج3)

قضية اللاجئين هي جوهر القضية الفلسطينية وانطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة بعد 20 عامصا من النكبة هو لاستعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بعد أن فشلت الأمم المتحدة في إعادتهم، وشكلت لهم هيئة إغاثية خاصة بهم؛ لعلمها أن مشكلتهم ستأخذ زمنًا طويلًا للحل باسم الأونروا التي ترى الخطة أن صلاحياتها يجب أن تنقل للدول العربية المضيفة للاجئين في تأكيد أن من يتحمل حل مشكلتهم هي الدول العربية. وتتطرق الخطة إلى أسس الدولة الفلسطينية، حيث تضع شروط الدولة الفلسطينية المقترحة، وبعد أن صفتها من لحمها الفلسطيني وألبستها حلة إسرائيلية صهيونية، تحت عنوان دولة فلسطين لصاحبتها إسرائيل، تطلب منها أن تكون دولة تحترم حقوق الإنسان وحرية الصحافة والرأي وقانون انتخابي وقانون قضائي ودستور ومؤسسات اقتصادية مالية تحكمها الشفافية وعدم تشجيع الكراهية والإرهاب. كل هذه الحقوق والإجراءات المنصوص عليها يجب أن لا تتعارض مع المصالح الأمنية الإسرائيلية، وعليها أن تعيد طبع منهاج تعليمي وثقافي يحترم الرواية التوراتية وحق إسرائيل في الوجود، وعليها أن تكون أداة لمحاربة الارهاب، ومسؤولة أمام جيرانها لتكون دولة غير مهددة لجيرانها .

الممنوعات والمحرمات؛ يمنع انضمام دولة فلسطين إلى أية منظمة دولية تتعارض عضويتها فيها مع المصالح الإسرائيلية، وعليها أن توقف وتسحب كل الإجراءات القانونية القضائية ضد العسكريين الإسرائيليين أو دولة إسرائيل ومواطنيها، بحيث يجب على منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية الامتناع عن أية محاولة للانضمام إلى أية منظمة دولية دون موافقة إسرائيل، والامتناع عن التوجه لمحكمة الجنايات الدولية ومحكمة العدل الدولية وجميع المحاكم الأخرى وعدم اتخاذ أي إجراء ضد أي مواطن إسرائيلي أو أمريكي، وسحب الملاحقات من قبل الانتربول.

كما تطلب الخطة، اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء دفع الرواتب فورًا للإرهابيين الذين يقضون عقوبات في السجون الإسرائيلية وكذلك لعائلات الشهداء؛ والهدف من ذلك تطوير القوانين المعمول بها لتتماشى مع القوانين الأمريكية ( هنا يتوضح أن الرؤية تتعامل مع فلسطين وكأنها ولاية أمريكية تصيغ قوانينها بما يتوافق مع القانون الأمريكي وكوشنير وترامب يوزعون أراضيها للسكان بناء على خلفياتهم الدينية) . وتقترح الخطة تشكيل لجنة مشتركة للتسامح والقبول لكي يساعد الناس من كلا الجانبين على الشفاء من جروحهما (هذه الفكرة مطروحة وكأن الفلسطينيون مسؤولون عن الهولوكست( .

الشراكات الاقتصادية الإقليمية؛ تشير الخطة أن توقيع الاتفاقات مع الأردن ومصر كانت اختراقًا تاريخيًا، بالإضافة إلى المبادرة السعودية التي أكدت الاعتراف بدولة إسرائيل وطرحت خيار السلام كخيار استراتيجي، ترى الخطة أن هذه يجب أن يبنى عليها من أجل تحويل المنطقة لتعاون اقتصادي وسياسي إقليمي ومركز عالمي لحركة السلع والخدمات ونقل البضائع، وبما يعزز الدور الامني للدول التي تلاقت مصالحهم من أجل محاربة حزب الله وحماس والمنظمات الإرهابية ومواجهة الخطر الإيراني المشترك. وتشير الخطة إلى الإمكانيات التي تمتلكها المنطقة لتتأهل لتكون مركز تجاري وجسر بين القارات لنقل البضائع، وستلعب الأردن والدولة الفلسطينية دورًا مشتركًا لتأمين مناطق حرة، وتمكين الدولة الفلسطينية لاستخدام ميناء العقبة حتى تتوفر الظروف لبناء مينائها ومطارها المقترح بعد 5 سنوات، بعد أن تتحقق كل من إسرائيل والولايات المتحدة من نزع سلاح غزة وإعادة الأسرى الإسرائيليين ورفاة قتلاهم التي تعتبره الولايات المتحدة شرطًا لاتفاقية السلام وتحرير الأسرى الفلسطينيين. وتعبيرًا عن تلاقي المصالح يقترح تشكيل منظمة للأمن والتعاون في الشرق الأوسط تكون فيه إسرائيل ودول الخليج والأردن ومصر والدولة الفلسطينية ومن يرغب من دول المنطقة (OSCME) على غرار النموذج الأوروبي .

الاعتراف المتبادل؛ ينص اتفاق السلام الإسرائيلي الفلسطيني على أن يعترف الطرفان بدولة فلسطين كدولة للشعب الفلسطيني، ودولة اسرائيل كدولة للشعب اليهودي.

إنهاء النزاع وإنها المطالبات؛ الاتفاق سينهي النزاع وتسحب كل المطالبات الحقوقية والقضائية، وسيقدم اقتراح قرارين للأمم المتحدة ومجلس الأمن يتضمنان اعتراف الطرفين ويعطي شرعية دولية للاتفاق وينهي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ويغلق إلى الأبد، بعد كل ذلك ستعمل الولايات المتحدة وإسرائيل على تقديم دولة فلسطين للمجتمع الدولي ومؤسساته للاعتراف بها، وستقوم بفتح مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن ومكتب تمثيلي في العاصمة الفلسطينية تختار هي مكانه.

الجزء الخامس والأخير سيكون رد على الخطة بجوهرها.