Menu

وإعادة الاعتبار لمشروع التحرّر..

ذياب: يجب إشعال فتيل المقاومة وتوفير كل عناصر الدعم لها

جانب من اللقاء

عمّان_ بوابة الهدف

أقامت دائرة الثقافة والتثقيف الحزبي في حزب الوحدة الشعبية ندوة تحت عنوان "بين وعد بلفور وصفقة القرن، الأربعاء 19 فبراير، في مقر الحزب الرئيسي في عمّان، تحدث فيها كل من: د.سعيد ذياب الأمين العام للحزب ود.موفق محادين الباحث والكاتب الأردني، وأدار الندوة د.عارف حمو عضو الدائرة.

وفي مداخلته، قال د. سعيد ذياب إن "صفقة القرن وُضعت أسسها بعيداً عن كل المعايير الدولية، وابتعدت بصورة واضحة عن كل المقاربات التي اعتمدتها الإدارات السابقة سواء لجهة الموقف من المستوطنات أو من مسألة الدولة الفلسطينية، كما تمت تنحية كل القرارات الدولية جانباً واعتمدت منطق القوة".

وأضاف "المهم أنّها تبنت (الرواية الإسرائيلية) وأن فلسطين هي أرض أجداد اليهود، ولا يجوز إنكار صلة اليهود بأرضهم. وانّ أي تنازل لصالح الفلسطينيين هو تنازل عن أرض يهودية وهو تنازل مؤلم للغاية تستحق “اسرائيل” الشكر والتقدير عليه!! وأنّ القدس هي العاصمة لليهود وعلى مدى ثلاثة آلاف سنة".

كما أنّ الصفقة ترى أن فشل المبادرات السابقة والحلول المقترحة كان لأنها لم تكن واقعية ولم تعترف بما تحقق على الأرض كأمر واقع من قبل "إسرائيل"، ومن يدقق في نصوص الصفقة يجد أنها أعطت أهمية كبيرة للبعد الديني، بحيث تم الاشارة للتوراة في أكثر من مكان لتبرر السردية الاسرائيلية. وفق ما قاله د.ذياب.

ولخّص د.سعيد "أهداف الصفقة، بالتالي: ضمان أمن “إسرائيل” على المستوى القريب والبعيد، دفع الدول العربية والإسلامية للإعتراف بـ “اسرائيل” والتطبيع معها كدولة يهودية. إغلاق ملف الصراع العربي الإسرائيلي وبشكل نهائي وتصفية القضية الفلسطينية نهائياً. إنشاء تحالف جديد عربي إسرائيلي في مواجهة إيران وتنظيمات المقاومة، تحت ذريعة محاربة الإرهاب.

صفقة القرن ووعد بلفور

وعن الصفقة ووعد بلفور، قال إنّه "أمر لافت للنظر ويدعو للانتباه حجمُ التشابه والمقدمات التي قادت إلى إطلاق وعد بلفور وصفقة القرن"، مشيرًا إلى 3 عوامل مهدت لإطلاق وعد بلفور، وهي: الأطماع الاستعمارية البريطانية والغربية عموما الرامية إلى السيطرة على المنطقة من خلال تعطيل سبل نهوضها. والرغبة بإبقاء حالة التجزئة من خلال تقسيم الوطن العربي إلى كيانات منفصلة ثم فصل مشرق الوطن عن مغربه، تمثل ذلك بالوعد نفسه وما سبقه في مؤتمر كامبل بنرمان عام (1907) واتفاقية سايكس _ بيكو (1916). كما أنّ الكنيسة الإنجيليكانية ودورها في الدفع بوعد بلفور من خلال الإيمان بالعلاقة بين عودة المسيح وقيام الدولة اليهودية وما ترتب على ذلك بدعم إطلاق وعد بلفور وتشجيع الاستعمار البريطاني لسعي قدما في سياسته لدعم اليهود وتأسيس دولة لهم."

وتابع "بريطانيا نجحت في تحويل الوعد كجزء من صك الانتداب".

ورأى أنّ "الخلل في ميزان القوى لصالح القوى الاستعمارية مقابل الضعف والتخلف الذي عانت منه القوى العربية. والوعد اعتُبر بمثابة الأساس لإقامة الكيان الصهيوني والأساس لطمس الهوية للشعب الفلسطيني من خلال إنكار وجوده واعتباره مجرد طائفة من الطوائف. أما صفقة القرن فسوف تعمل على استكمال الصورة من خلال طمس الرواية التاريخية للشعب الفلسطيني وبالتالي شطب حق الفلسطيني بوطنه."

ونوّه إلى أنّ "ترامب انطلق من الدعم من الكنيسة الانجيلية (المسيحية الصهيونية) ذات النفوذ الكبير بذات المنطلقات الدينية التي حصل عليها وعد بلفور أي دعم الدولة اليهودية اعتبار قيامها شرطا لعودة المسيح.".

ولفت إلى أنّ "الخلل في ميزان القوى لصالح (إسرائيل)، يفسر رفضها التوصل إلى تسوية متوازنة، وإصراراها على تسوية وفق رؤيتها ومطالبها وهذا الخلل هو الذي يفسر حجم الاستهتار بالأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية، وكان هناك تقدير بأن أي تسوية للمسألة الفلسطينية لن تجد أي فرصة لها للتحقيق، إلا من خلال احتمالين: الأول: هو تحقيق التوازن في القوى بين العرب و(إسرائيل) وهي تسوية لا تريدها امريكا ولا (إسرائيل). والاحتمال الثاني: هو القبول العربي بالسلام “الاسرائيلي” وهو ما اعتمدت عليه صفقة القرن".

وأضاف أنّ "الوجود الأمريكي المنتشرة قواعده في منطقتنا العربية: البحرين حيث توجد قاعدة الجفير من أهم القواعد العسكرية الأمريكية. وقاعدة علي السالم في الكويت ومعسكر عريقجان. وفي الأردن قاعدة الشهيد موفق الجوية و قطر قاعدة العديد. هذا التواجد أدى إلى تداعيات شديدة الخطورة ولعل أخطر تلك النتائج في هذا الخلل في ميزان القوى هو أن هذه الدول راحت تتصرف من منطلقات أساسها بقاء النظام واستمراره مهما كانت التكاليف ومن هنا يمكن فهم عداء هذه الأنظمة للفصائل المسلحة المقاومة ل “إسرائيل” واستعداد تلك الدول للاصطفاف مع “اسرائيل” من جهة واحدة لمواجهة ايران".

رؤية صفقة القرن لحل مرتكزات القضية الفلسطينية

وضمن مداخلته، قال د. سعيد ذياب "انطلقت الصفقة في رؤيتها من حل قضية الفلسطينيين من خلال استيعاب جزئي في الدولة المقترحة والباقي يتم توطينهم حيث الدول المقيمين فيها، أي حلها خارج فلسطين وعلى حساب الدول المضيفة للاجئين. وتعتبر الصفقة قضية القدس قصة محلولة ومنتهية (بحكم الأمر الواقع) وأنها ستظل العاصمة الموحدة ل “إسرائيل” وأكدت الوثيقة أن تاريخ الشعب اليهودي مرتبط بالقدس منذ (3000) عام، أما القدس الفلسطينية كعاصمة فلسطين فهي تقام في قريتي أبوديس وشعغاط".

والأمن هو الأساس في الصفقة تبدأ به تنتهي به (توفير الأمن لإسرائيل)، كما أشار د. ذياب، الذي تابع بالقول "لذلك فإن الدولة الفلسطينية المقترحة منزوعة السلاح وبما في ذلك تجريد غزة من السلاح. السيادة للدولة براً وجواً ل”إسرائيل”، تسيطر “إسرائيل” على المعاير الحدودية للدولة الفلسطينية والسيطرة على الأغوار ترتبط أجزاء الدولة بـــ(16) نفق وجسر، وربط الضفة غزة بجسر علوي أو نفق."

الأردن وصفقة القرن

ورأى أنّ "الأردن مستهدف بكيانه السياسي من خلال غياب السيادة الفعلية لأن الأردن هو الأكثر تأهيلاً لاستيعاب المكون السكاني من الأراضي الفلسطينية التي سيتم ضمها. وضم الغور سيضع الأردن على تماس مباشر مع الاستيطان الصهيوني، هكذا تجعل الخطة الأردن بوصفه معبراً محتملاً للغزاة."

وقال "الخطة بمجملها تنظر إلى الأردن بمنظار أمني أي منظار التعاون الأمني و(إسرائيل) والفكر الصهيوني بالمجمل ينظرون للأردن كمجال حيوي واحتياطي للتهجير السكاني."

ما العمل

"هناك رأي يرى في صفقة القرن أنها تعود في جذورها الى هزيمة الخامس من حزيران (67) وما نتج عنها من هزيمة حركة التحرر العربي واستمرار أزمتها على الرغم من محاولتها تجاوز الأزمة. إلا أن تلك الأزمة كانت فاتحة لبعض الدول العربية للتحرر من أي التزامات قومية بل رأت بعضها في الميراث القومي عبئاً عليها سعت للتخلص منه. وفق د.ذياب.

وتابع "كان ذلك فاتحة للعديد من المبادرات والمعاهدات من مبادرة روجرز وكامب ديفد وأسلو ووادي عربة، والتي تعكس موازين القوى لصالح “إسرائيل”، تهاوي النظام الرسمي العربي. وأمام حركة التحرر العربية فرصة للنهوض من خلال التوحد على هدف التصدي لصفقة القرن وربط المنطقة بقيود يصعب الخلاص منها، تفعيل أنشطة الأحزاب ولجان مقاومة التطبيع وإعطاء البعد العربي القومي للقضية الفلسطينية. والدفاع عن ثقافة المقاومة وثقافة التصدي للفكر الاستسلامي الخنوعي. وإشعال فتيل المقاومة وتوفير كل عناصر الدعم والإسناد لها.

وتابع "صيانة الأمن الفكري والتصدي لما علق في الذهن من إمكانية التعايش مع الكيان الصهيوني، إن تكرار وعد بلفور ونجاح صفقة القرن يتمثل والشرط التاريخي لذلك (غياب الفعل لمواجهة صفقة القرن) هنا يصبح مهمة بناء مشروع نضالي ضرورة ملحة وذات طابع وجودي".

ومن جهته، ألقى الباحث د.موفق محادين كلمة قال فيها "ركزت الورقة على الإطار المفاهيمي المشترك بين (وعد بلفور وبين صفقة ترامب) ، ولا سيما فيما يخص مفاهيم الأرض والشعب والدولة ، حيث انطلقت الصيغتان ، الوعد والصفقة من نفي هذه المفاهيم بالنسبة للشعب العربي الفلسطيني، مقابل تأكيدها في حالة العدو الصهيوني".

وبيّن أنّ "الورقة انطلقت من أن الأرض غير الجغرافيا، والشعب غير السكان وتوقفت عند مرجعية (وستفاليا) كنموذج للدولة القومية الحديثة التي أنتجتها الثورة البرجوازية وأنتجت معها ٲسسها مثل المواطنة والتعددية والهوية والتنوير والعقلانية قبل تحول الرأسمالية الناشئة إلى إمبريالية لا تنويرية ولا عقلانية، كما توقفت عند مرجعية مركبة من ماركس– هيغل بوصفها التمثيل الأحدث للمجتمع البشري والحضارة الجديدة، مقابل الحالات الطبيعية، الأولية التي لم تتبلور مدنيا إلا في الإطار البرجوازي– الطبقي".

وتابع "المهم، حسب هذا التشخيص أن تحول الجغرافيا إلى أرض والسكان إلى مواطنين تحول جرى في إطار الدولة الحديثة الناجمة عن الثورة الصناعية البرجوازية. وانطلاقًا مما سبق ناقشت الورقة الأرض والشعب والدولة في الخطابين الكولونيالي الاستعماري والكولونيالي الصهيوني وكيف وضعا شعوب العالم الثالث ومنها الشعب الفلسطيني في مستوى ما قبل الحضارة والشعب والأرض والدولة الحديثة مقابل تصنيف مزعوم للشمال الرأسمالي وللحالة الصهيونية".

"هكذا تم اختراع الشعار العنصري وغير العلمي، بدءًا من بلفور وانتهاء بـ ترامب “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، بمعنى أن الفلسطينيين مجاميع سكانية (أقل من شعب) لا تستحق أرضا ولا دولة (سلطة منزوعة السيادة، بلا سيادة ولا حدود) وهو ما تتفق حوله كل الأحزاب الصهيونية ما بين البحر وصحراء الأنبار، أرض إسرائيلية يعيش عليها سكان عرب يحتاجون إلى شكل من الإدارة البلدية، ولكن بوصفهم شأنا داخليا (إسرائيليا)."

ووفق ما أوضحه د.محادين، "انتهت الورقة إلى أن الكيان الصهيوني الذي يدرك أن لا مكان في التحولات الدولية الأخيرة إلا للقوى الإقليمية، راح يعيد تشكيل نفسه كمركز لإقليم تحت سيطرته (الشرق الأوسط الجديد) ، وهو ما يتطلب بالمقابل عند العرب عموما بمن فيهم الحالة الفلسطينية إعادة الإعتبار لمشروع حركة التحرر وليس الكفاح المدني المزعوم على غرار جنوب افريقيا أو كفاح غاندي، وربط هذا المشروع بالكفاح على مستوى الإقليم ( سوريا الطبيعية والعراق) كمركز حيوي من مراكز الأمة وقانون التناقضات الأساسي (ضد الإمبريالية السائدة ، الأمريكية في هذه الحقبة) وقانون التناقض الرئيس على مستوى الأمة وليس الفلسطيني فقط، وهو التناقض مع العدو الصهيوني."

وفي نهاية الندوة دار نقاشٌ تطرّق إلى مختلف المحاور التي طرحها كلٌ من د.ذياب ود.محادين، عبر مداخلتيهما، وأثرى الحضور بحوارهم ومشاركاتهم العنوان المطروح للندوة.

FB_IMG_1582632035877.jpg

 

FB_IMG_1582705657566.jpg

 

FB_IMG_1582705649197.jpg