Menu

آذار ٢٠٢٠: لننتصر لنساء فلسطين

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

كثّف العام ٢٠١٩ مأساة المرأة الفلسطينية في مجموعة من المشاهد التي لا يمكن قلعها من الذاكرة، وأرسى بجملة أحداثه تلك الحقيقة الواضحة؛ أنه لا زالت المرأة الفلسطينية ضحية يخنقها ظلم مركب ومتعدد الأطراف، حيث تبارى القتلة المحليين مع سلطات الاحتلال الفاشية في إلحاق الأذى بالنساء الفلسطينيات خلال العام ٢٠١٩، وبينما صمدت ميس أبو غوش ورفيقاتها، في زنازين الاحتلال وبمواجهة وحشية الجلاد الصهيوني وتعذيبه، تقدمت أيدي منظومة الظلم والقهر الذكوري لتقتل العديد من الفتيات والنساء الفلسطينيات في الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المحتلة في العام ١٩٤٨. هذا هو واقع الظلم المركب، دون كثير من الشرح النظري، يقتل الاحتلال ويعتقل و يضطهد الشعب الفلسطيني بأكمله، نساءً ورجالًا، فتدفع النساء ثمنا مضاعفًا بخسارتها المباشرة جراء هذا التنكيل، ثم تدفع ثمن شخصي لانحدار أوضاع المجتمع في ظل الاحتلال والإفقار والحصار، ثم تدفع ثمنا آخرا بواسطة المنظومة الفلسطينية الذكورية التي تصر على مواصلة اضطهاد المرأة، ولا تستفيق إلا لتدين قتلها على استحياء.

كان قتلة إسراء غريب نجوا من العقاب وأفلتوا بجريمتهم، ونكلوا بسمعة الضحية بعد قتلها، ولم يخضعوا لتحقيق جدي أدى لكشف جريمتهم إلا بفضل ذلك التشبث الهائل الذي أظهرته المناضلات النسويات ومعهن كل المؤمنين بحقوق المرأة الفلسطينية، وهو ما كان مؤشرا لنستيقظ جميعًا، ودفعة لحراك نسوي وطني يعي كل هذا الظلم والإجحاف ويعمل لوقفه وإسقاط كل ما يدعمه. ورغم الزخم الكبير لهذا الحراك، وتكرار الجرائم الصادمة بحق نساء فلسطين خلال العام، لم تبدِ السلطات الفلسطينية نية حقيقية في إحداث تغيير في البيئة القانونية والسياسية المنتجة للعنف ضد المرأة، بل وتكفلت جهات اجتماعية رجعية في ردعها عن الخطوة الوحيدة المهتزة والمتعثرة التي أقدمت عليها والمتعلقة بتوصيات اتفاقية سيداو بشأن تطبيق الاتفاقية في فلسطين، وكأن المرأة الفلسطينية حين تمر غفلة من سيف البطش الاحتلالي، والانحياز السلطوي والقانوني الحاد، تنتظرها المنظومة الرجعية التي لم تجتمع في مواجهة الاستيطان والاحتلال والقتل والتجريف والمصادرة والتهويد والتنسيق الأمني، فقط اجتمعت بمسميات عشائرية لتحرس منظومة الظلم القائم ضد المرأة الفلسطينية.

إن التأمل الطويل في مسيرة التضحيات الطويلة لشهيدات وجريحات وأسيرات فلسطين، في نضالهن الوطني ضد الاحتلال، وطريقة التعامل المجتمعي مع المرأة الفلسطينية، تقول لنا إن هناك من يختار أن ينضم لمعسكر الجلادين حتى لو كان ضحية معذبة، ويتعالى على كل حقائق الكون وعن نضالات المضطهدين وانتصارهم المحتوم على الجلاد، في هذا تشترك المرأة وفلسطين، وفي الهزيمة والخزي يشترك الصهاينة ومضطهِدو المرأة وحرَّاسُهم.