Menu

تداعيات كورونا

حاتم استانبولي

خاص بوابة الهدف

تضاربت التحليلات حول أسباب تفشي فايروس كورونا، وتمحورت حول نظرتين:

1.    أن الفايروس انتقل إلى الإنسان عبر الخفافيش التي اعتاد الصينيون على أكلها، ولكن حتى الآن لم تعلن الصين رسميًا عن أن الخفافيش هم مصدر الفايروس، بل اتهمت رسميًا الجيش الأمريكي بأنه من نقل الفايروس، هذا الاتهام الذي رفضته الخارجية الأمريكية، وهذا الاتهام يحمل مضامين حربية عندما يشار إلى دور الجيش في نقله. ولكن السؤال الذي يطرح: لماذا الآن انتقل الفايروس عبر الخفافيش، بالرغم من أن الصينيين يأكلون الخفافيش منذ عشرات السنين، وإذا كان الفايروس تحمله الخفاش، فإن الصينيين يجب أن يكونوا محصنين ضده؟

2.    النظرية الثانية التي تتداول هي أن الفايروس هو من نتاج المختبرات البيولوجية، وأن خروجها منها لا يتم إلا من خلال أخصائيون، وازدادت أرجحية هذه النظرية، بعد أن تم تداول فيديو يشير إلى أن فايروس كورونا، قد تمت صناعته من قبل معهد باستور الفرنسي ونال براءة اختراع في العام 2003، وفور انتشار الفيديو سارعت الوكالة الفرنسية إلى نفي الخبر، ولكنها أشارت إلى أن إظهار براءة الاختراع لا يعني إنتاج الفايروس، وهذا يضع تساؤلات جدية على أن الفايروس هو من صنع بشري والخفافيش بريئة منه.

تداعيات كورونا طالت كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمناخية؛ كورونا أحدث فوضى سياسية، وكشف زيف النظام الرأسمالي العالمي الذي لم يستطع أن يواجه من خلال سياسة صحية جمعية، بل سادت الفوضى قرارات الدول التي سارعت بشكل منفرد بإغلاق الحدود والأجواء بقرارات فردية وبدون تنسيق مشترك.

في البداية الإدارة الأمريكية والاتحاد الاوروبي تعاملوا مع تفشي الفايروس بالصين بعدم مسوؤلية، وظهرت تصريحات عنصرية من قبل بعض القادة، حيث تم توظيف انتشار الفايروس من أجل التحريض السياسي العدائي على الصين، وتبعها تحريض وتشويه للقيادة الإيرانية في تعاملها مع انتشار الفايروس.

من الناحية الاقتصادية كورونا وجه ضربة قوية للنظام الرأسمالي ومؤسساته المالية، وخسرت البورصات العالمية مئات المليارات في ساعات وأيام معدودة، وإذا ما استمر السلوك الفردي في التعامل مع الأزمة الناتجة عن انتشار الفايروس الذي ترافق مع تهويل إعلامي غير مبرر؛ سينهار النظام المالي والاقتصادي وتسود حالة الكساد الاقتصادي، ولاحقًا ستظهر مظاهر التضخم.

كورونا انتصر للبيئة، حيث سجلت نسبة غاز ثاني أوكسيد الكربون انخفاضًا بنسبة 25% في المدن الصينية، وبعض المدن الصناعية. وأكدت بعض المصادر إلى أن انخفاض نسبة تلوث الهواء عالميًا بلغت 48%، هذا يوضح مدى أهمية اتفاقية وقف الانبعاثات الغازية الموقعة بين الدول؛ كورونا انتصر للعلاقات الاجتماعية التي فرضت على الأسر أن تجتمع وتتضامن؛ كورونا أسقط مقولة الأمن الصحي القُطري وفرض ضرورة العمل الإنساني الجمعي لمجابهة العابثين بالحياة الإنسانية؛ كورونا كشف خطورة الحرب البيولوجية، وأن لا منتصر فيها ولا يمكن أن يكون أي إنسان أو أية دولة محصنة أمام انتشاره، حتى لو ملكت أقوى الجيوش وأحدثها، وإذا كان نشره يهدف إلى إطلاق شكل جديد من الفوضى الخلاقة لأهداف اقتصادية أو مالية أو سياسية، فبالضرورة، يجب إطلاق حملة عالمية لمواجهة العابثين بالحياة البشرية، وإطلاق مطالبة بالكشف عن ما بجري في المختبرات البيولوجية المنتشرة في معظم دول العالم تحت أسماء وهمية.

بغض النظر عن أية نظرية هي الأرجح، لكن الحقيقة الملموسة تؤكد أن الفايروس المجهري كورونا، قد فرض وقائع جديدة على النظام العالمي، وجعل كل دول العالم تعلن حالة الطوارئ القصوى؛ من أجل مجابهة جيوش كورونا المجهرية.

العالم وعلاقاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية لن تبقى كما كانت قبل انتشار كورونا، إذا ما استمرت الأزمة لعدة أشهر، وهذا المرجح بالتأكيد؛ سينهار النظام الصحي في كثير من الدول، وسينتج عنه فوضى اجتماعية وسياسية واقتصادية وصحية. والسؤال الأهم: ما هو العالم الذي سيتشكل بعد كورونا؟ وإذا كان انتشار كورونا عبر عمل بيولوجي هجومي، ما هي الأهداف من وراء هذا العبث بالحياة الإنسانية؟

كورونا فرض شكل الحروب البيولوجية العبثية القادمة التي لا يوجد فيها منتصر وأعطى مؤشرًا لضرورة إعلان اتفاق جمعي إنساني دولي لتدمير الأسلحة البيولوجية والإعلان عن مختبرات الدول ووضع آلية لمراقبتها.