Menu

سيوف على الرقاب: تحديد الأولويات في عالم مميت

بوابة الهدف الإخبارية

يمكن القول أن الموجة الثانية من جائحة كورونا قد بدأت أو توشك على البدء، فيما تتقدم تحت ظلالها حملة الضم الصهيونية لمزيدٍ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتستمر كوارث السياسات الفلسطينية في وقعها على المصالح المختلفة لشعب فلسطين؛ المعيشي كما الاقتصادي، وتغوّل العقلية واليد الأمنية على مجتمع يقع بأكمله تحت سيطرة مباشرة أو غير مباشرة لآلة الإبادة الصهيونية.

بالوقوف أمام هذا الواقع توجد حيرة حول أولويات العمل، حتى الأولوية التي يجب أن يتناولها هذا المقال تصبح سؤال آخر، والسؤال ليس في فحص الأولوية، بل حقًا في بحث حدود هذه الأخطار، وكونها قضايا مختلفة تجري في حقول مختلفة، أم أنها شأن متصل؟ كما تتصل معالجاته ببعضها البعض.

عودة لعدة عقود للوراء قد تساعدنا في تفسير هذه الصلات، فحتى بداية التسعينيات كنّا أمام عالم أكثر توازن، ومعادلات إقليمية تضمن وجود ركائز عديدة تستند لها الحالة العربية في صراعها مع الكيان الصهيوني، لكن ما يحدث الآن هو تجلي للحياة في ظل إمبراطورية مهيمنة على العالم، لا تجد رادع حقيقي يمنعها من تعميم سياساتها، وتغليب أدواتها على رقاب الشعوب، وأحد امتداداته خطة التصفية للحقوق الفلسطينية، التي يشكل ضم أجزاء من الضفة الغربية فقط، بعض مما ستجلبه من كوارث للفلسطينيين، وفي مقابل هذا الترابط العضوي، وصلات وخطط العمل المشتركة داخل المعسكر المهيمن، في معسكر الشعوب لا زالت العلاقات تضامنية، يغلب فيها التأييد الشعاراتي الذي تتبادله قوى مهمشة ومعرضة للملاحقات والحصار والتضييق، ودول تعاني وشعوبها من سلسلة لا تنقطع من أشكال الهجوم الإمبريالي. في قلب هذا المشهد تعاني الحالة الفلسطينية مما هو أسوأ، فلقد تحولت العديد من مكوناتها لممارسة درجات من التنافس المعيب، على مكاسب وهمية، فيما تهاوت العديد من الركائز الإقليمية والعالمية التي ساندت حقوق الشعب الفلسطيني تاريخيًا، وازداد تغوّل الاحتلال على الأرض الفلسطينية، في ظل ما أنتجته أوسلو من أدوات لتطويع الموقف والجمهور الفلسطيني.

في ضوء كل ما يتهدّد شعبنا، وما يعيشه العالم كمنتوجٍ لأنماط الحياة والموت التي تفرضها المنظومة الاستعمارية، فإن الحد الأدنى من الإدراك العقلاني يتطلب مغادرة كل عمليات الاستنزاف الحمقاء، وتسريع عملية حشد الإجماع الوطني لمواجهة خطة الضم وغيرها من عدوان وإجراءات الاحتلال، وضمان وضع كافة المؤسسات الوطنية في خدمة صمود شعبنا، بما في ذلك المؤسسات الحكومية والأمنية، وفق قاعدة عملها كجهاز خدمة يضع في أولوياته تلبية احتياجات أوسع شريحة ممكنة من أبناء شعبنا، وينبذ أوهام الحكم والقوة في واقع يحدّد الاحتلال سقفه بغاراته على غزة ودورياته في الضفة الغربية المحتلة وإعمال التخريب الممنهج ضد شعبنا في أراضينا المحتلة عام ١٩٤٨، ليُضاف إليها التطاول والتضييق والتهجير ضد أبناء شعبنا في مُخيّمات اللجوء ومواقع الشتات.