Menu

نهج الكفاح المسلح كأسلوب مقاومة

بنان ياسين

خاص بوابة الهدف

إن فعالية نهج الكفاح المسلح كأسلوب مقاومة للشعوب لتحقيق الاستقلال الوطني عن المستعمر المحتل، جعل من الدول والقوى المُستعمِرة والطاغيةإلى وصم هذا النهج من الكفاح "بالإرهاب"، ولأنه تهديد وجودي للمحتل وطبيعة دور نهج الكفاح المسلح هو تهديد لاستقرار العدو تمهيدًا لدحره، وهذا دليل على نجاح هذا الأسلوب من النضال لتحقيق الاستقلال الوطني.

ولقد تم تسويغ وتمرير مصطلح "الإرهاب" من قبل الأنظمة السلطوية ووصم نهج الكفاح المسلح به لكي تبرر استبدادها وسيطرتها وتضع كل من يعارضها ويخالفها بالرأي في سلة "الإرهاب" أو من داعمي "الإرهاب"، والمشكلة أن هذه الأنظمة السلطوية تُعرّف الإرهاب بهوية الفاعل وليس بهوية الضحية؛ فليس مهمًا بالنسبة إلى الأنظمة السلطوية -في نظرتها للكفاح المسلح الذي يميّزه تحليليًا من أشكال العنف الأخرى - إلا النظر إليه على أنّه عنف يستهدف المدنيين الأبرياء لأغراض سياسية، متغاضية الطرف عن طبيعة المحتل للأرض وتصويره كأنه "الضحية "وأنه هو من يمارس عليه الإرهاب، وليس هو من يمارس الإرهاب المنظم ضد أصحاب الأرض.

وبالرغم من كل ذلك يجب إعادة نهج الكفاح المسلح من أجل تحقيق الاستقلال الوطني واستعادة الحق، لأنّ الاستبداد وعنجهية العدو سدّ جميع طرق العمل السياسي السلمي وأثبت فشل المفاوضات معه بتحقيق الهدف، ويجب اعتبار حمل السلاح من قبل حركات التحرر الوطني وشرعيتها هي شرعية لحقها السيادي في مقاومة الاحتلال، وهذا ليس امتيازًا، بل مسؤولية، والمسؤولية تفرض واجبات قانونية وسياسية متعلقة بضبط الكفاح المسلح وممارسته.

وقد أثبت تاريخيًا أن نهج الكفاح المسلح هو من أظهر وأسمع للعالم عن القضية الفلسطينية، وأنه هو من أوصل التنظيم لمركز القرار، إذ ألهب الكفاح المسلح بعملياته الأولى، مخيّلة الفلسطينيين بإمكان قرب تحرير الوطن، وسهّل عمليات إعادة انصهارهم كشعب، واستنهاضهم من واقع النكبة، وصياغة هويتهم الوطنية. كما أثبتت التجربة أنّ الحركة المسلّحة لا يمكن أن تحقق إنجازات حقيقية في مواجهة الاحتلال، من دون قيادة موحّدة واستراتيجية تنظيمية وسياسية وعسكرية واضحة، تلتزم بها القوى الوطنية، ضمن برنامج ثوري يلتزم بتحقيق أهداف المقاومة.

إن عدم وجود استراتيجية تنظيمية وسياسية وعسكرية لنهج الكفاح المسلح؛ سوف يؤدي إلى تحول العمل المسلح إلى نوع من السلطة؛ الأمر الذي يحدد مكانة السلطة بمدى حيازتها على قوة عسكرية وليس لإمكانيتها التنظيمية أو الفكرية أو المصداقية المسلكية. 

ويجب الإشارة هنا إلى الفرق بين الكفاح المسلح كنهج نضالي وبين "عسكرة المقاومة"؛إذ أن العسكرة تعني طغيان الأجهزة الأمنية وأجهزة حيازة القوة على بُنى العمل الفلسطيني دون صلة بمدى تأثيرها على العدو الصهيوني. كما أن العسكرة تعني أيضًا نبذ أشكال النضال الأخرى، أي الاستهتار والاستخفاف بالتأطير التنظيمي والتقليل من أهمية الوعي السياسي والنقد السياسي، وتهميش المشاركة الشعبية، أو جعلها ملحقًا، حيث حصر المشاركة في السياسة، والعملية الوطنية، حكرًا على المنضوين في الفصائل المسلحة، وخصوصًا المتفرغين فيها؛ مما يهمش علاقة التجمعات الفلسطينية بحركتها الوطنية.