Menu

الانتخابات: كي لا نبيع الوهم

بوابة الهدف الإخبارية

صورة تعبيرية

خاص بوابة الهدف

تشكل الانتخابات استحقاق ديمقراطي هام، حين توضع في خدمة تغليب الإرادة الجماهيرية في مرحلة التحرر الوطني، وفي الحالة الفلسطينية من المهم جدًا عودة الجماهير لإعطاء كلمتها بشأن البنى القائمة المتكلسة وتراكماتها منذ أوسلو، والتي جاء الانقسام وراكم عليها بطبقات جديدة من العفن السياسي والإداري.

لكن التحذير الذي لا مفر منه أن الطريقة التي تصمم بها الانتخابات في فلسطين، والمحددات التي شكلت النظام السياسي الفلسطيني منذ أوسلو، صممت خصيصًا لإعادة إنتاج هذا العفن السياسي، هذه ليست دعوة لمقاطعة الانتخابات أو المشاركة فيها، فحدوث هذه الانتخابات من الأساس على الأرجح ستحسمه عوامل غير فلسطينية كما في كل مرة جرت أو ألغيت فيها هذه الانتخابات، ولكن بالأساس تركز هذه السطور على لفت الانتباه لمن يسحبهم رجال الأمن إلى زنازين التعذيب، إلى جرائم الاعتقال السياسي والأمني وتقييد الحريات، ومعاقبة المقاوم وصاحب الرأي، بوصف هذه الحريات الأساسية هي نواة أساسية في أي عملية تشكل ديمقراطي لا تقل قيمة عن انتخابات لمنظومة حكم يتسلط الاحتلال على كل نفس تأخذه.

لا تبدو جوهر الإشكالية المهددة لأي عملية انتخابية في فلسطين أنها ستجري تحت الاحتلال، ولكن بالأساس أنها ستجري محكومة بعوامل صاغها الشرط الاحتلالي، هذا إن لم تجرِ وفق الشرط الاحتلالي نفسه كما في مرات سابقة، فليس التصويت أو الانتخاب واختيار قادة للنضال ضد الاحتلال مثلبة وطنية، ولكن في التغطية على الاحتلال بأوهام الدولة والسلطة والحكم كل المثالب والعيوب.

ما يترتب على هذا ليس مطالبة بالهروب من الاستحقاق الديمقراطي، بل بناء شروطه الوطنية، وتحديد دوره ضمن المهمة الوطنية، إنهاء الاعتقال السياسي، وإطلاق الحريات، وتحديد سياق الانتخابات كإطار لإنتاج قيادة وطنية نضالية موحدة، مهمتها محاسبة حقبة التنسيق الأمني وأباطرة الفساد، وإعادة الاعتبار للنضال الوطني الفلسطيني، ودعم المقاومة وصمود حواضنها، فبالتأكيد لا يبحث الفلسطيني عن انتخابات تعيد إنتاج السياسات القائمة، وتغطي بقاء البنى المتكلسة والرديئة التي تعيش على امتصاص دماء أبناء شعبنا.