Menu

لمجرمي السلام: هناك من يموت في غزة!

بوابة الهدف الإخبارية

التطبيع

بوابة الهدف

من كان يظن أن العدو الصهيوني ينظر لأي كارثة أو حدث، إلا كفرصة لإيذاء الفلسطينيين وأداة يمكن استخدامها في حملة إبادتهم، ما هو إلا متوهم؛ يتجاهل كل الحقائق المتصلة بطبيعة المشروع الصهيوني وتصور العصابة الصهيونية لذاتها ودورها.

عبر التجربة التاريخية ثبّت هذا المشروع ملامحه، وتشبث المُستعمِر الصهيوني بتمثلاته لذاته، كذات عليا يفوق وجودها ما عاداها، ويستوجب استمرارها فناء آخرين كثر أو طمس وجودهم بالحد الأدنى، وفقًا لهذا المنطق الإجرامي يتسع نطاق المجزرة، وتتعمق الصهيونية في ارتباطها وتقمصها لكامل الموروث الاستعماري وتقاليده الأكثر وحشية، دون انقطاع عن المحطة الفارقة التي مثلها نموذج الفاشيات الأوروبية الرئيسية من النازية لغيرها من الامتدادات، لتكون العصابة الصهيونية هي الاستثمار الأكثر نجاح للمشاريع الفاشية التي هزمتها إرادة شعوب العالم.

تمنع العصابة الصهيونية إدخال شحنات اللقاح إلى غزة، حيث سيموت أناس كثر جراء ذلك، فهنا لا نتحدث عن تضييق أو إجراء عقابي، بل جريمة حرب تعادل إطلاق النار على أولئك المرضى والمسنين الراقدين في المشافى في قطاع غزة المحاصر، و إذا كانت هذه الجريمة كاشفة في درجة وضوحها، فما هي إلا امتداد لمجزرة الحصار المستمر على غزة المعرضة للحصار المتصاعد في أدواته كما في آثاره الكارثية.

هذه السطور ليست محاولة لاستجداء عطف على الفلسطيني المحاصر والمذبوح في غزة، والمقتول في كل شبر من أرض فلسطين، ولكن سعي في بحث واجب فهم العدو الذي يسعى محمد منير ودريد لحام وحكام الإمارات والسعودية و البحرين للتطبيع معهم، وتتمسك القيادة الرسمية لمنظمة التحرير بالتنسيق الأمني معه، فهذا كله ليس انحياز للعدو في وجه الأخ والصديق، وليس مغادرة للانتماء الوطني صوب الاستعداد لخدمة المُستعمِر والغازي الغريب، بل عداء للإنسانية بكل معانيها، واستعداد كامل للاصطفاف مع أقبح سياسات هذا الجلاد.

قد ينظر البعض بايجابية لسماح حكومة العدو بإدخال ١٠٠٠ من لقاحات كورونا للقطاع، دون الأخذ بعين الاعتبار أن الحق في العلاج، لا ينتظر سماح من نتنياهو وحكومته، باعتباره حق إنساني أصيل مكفول في القوانين والتشريعات الحقوقية الإنسانية، وعليه فإن مخاطبة هذه العصابة الصهيونية، المعادية للإنسانية وقيمها، هو إسهام واضح في إدانة الضحية، كما لو كانت العصابة الصهيونية تمتلك أفق واستعداد للسلام، فيما العيب في الضحية الراقدة بمستشفى الشفاء بغزة، لا في من يمنع عنها العلاج ويسعى لمحو شعب بأكمله من خارطة التاريخ؛ الحوار مع مثل هؤلاء القتلة إدانة للمقتولين، فهم من لم يستطيعوا الحوار مع قنابل الطائرات، ورصاص الجنود، وأسلاك الحصار.

إن محاكمة ومعاقبة المطبعين العرب وغيرهم، قانونيًا وشعبيًا، ضرورة أساسية لاستعادة المعنى الإنساني للوجود العربي في هذا العالم، بل ومحطة أساسية على طريق محاكمة مجرمي الحرب الصهاينة، كما أن التزام الأفراد والقوى السياسية بالعمل لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، والمجزرة المستمرة بحق الفلسطينيين، ليس انحيازًا لقضية عادلة فحسب، بل ارتباط رئيسي بالموقف من مستقبل هذا العالم.