Menu

قرارات حسّاسة مرتبطة برجل "الشاباك"

تقرير"التواصل مع أصدقاء بالعالم العربي".. آخر البدع الصهيونية لاعتقال الإنسان الفلسطيني

فادي نعيم بارود

خاص بوابة الهدف

تستمر سلطات الاحتلال الصهيوني بتصعيد حملات الاعتقالات بشكل مستمر ويومي ضد مواطنين آمنين ومشاة ومزارعين ونشطاء وطلبة جامعات وأطفال وغيرهم في مناطق متفرقة من مدن وبلدات الضفة الغربية و القدس والداخل المحتل عام 48، وقطاع غزة أيضاً.

وتستخدم سلطات الاحتلال العديد من التهم والذرائع للاعتقال منذ بدء احتلال فلسطين وأحياناً تعتقل دون أي تهمة أو محاكمة (الاعتقال الاداري)، ما يعكس حالة العنصرية ونهج التجريم الذي يتبعه الاحتلال مع كافة أبناء الشعب الفلسطيني.

تهمة "التواصل مع أصدقاء بالعالم العربي" أحد آخر البدع الصهيونية لاعتقال الإنسان الفلسطيني ولترهيبه عبر عدة وسائل مختلفة أبرزها الاعتقالات التعسفية التي إما أن تكون باختطاف الشباب فجراً والتنكيل به وإرهاب عائلته أو من خلال الضغط على الشباب لتسليم أنفسهم لأجهزة التحقيق والتعذيب عبر تهديد العائلات.

بحسب العقلية الصهيونية الفجة واللاأخلاقية فإن تواصل الفلسطينيين في أي منطقة من مناطق الوجود الفلسطيني داخل البلاد أو خارجها فيما بينهم لأغراض اجتماعية أو ثقافية أو عائلية يعتبر تواصلاُ من عميل أجنبي يعاقب فاعلها بالمحاكمة والحبس لشهور أو سنوات.

مؤخرًا، تم اعتقال الكاتب والفنان الفلسطيني مهند أبو غوش من مدينة القدس المحتلة يوم 25 كانون الثاني/ يناير 2021، وتم تمديد اعتقاله أكثر من 4 مرات، على خلفية "التواصل مع أصدقاء عرب"، قبل أن يتم الإفراج عنه في 18 فبراير 2021، حيث جاء ذلك بعد عدة استدعاءات من قبل أجهزة مخابرات الاحتلال خلال الشهور الأخيرة، وضمن حملة ملاحقات واعتقالات مستمرة يتعرض لها الفلسطينيون في الداخل المحتل.

وتعرّض أبو غوش للاعتقال مرات عدّة منذ طفولته، وسبق أن قامت أجهزة السلطة باعتقاله على خلفية مشاركته باحتجاجات مناهضة لزيارة وزير خارجية فرنسيا الأسبق ليونيل جوسبان لجامعة بيرزيت في فبراير 2000، بعد تصريحاته التي اتهم فيها المقاومة اللبنانية بالإرهاب، كما وتعرض للتنكيل والاعتقال خلال مشاركته في فعالية مناهضة العقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينيّة على قطاع غزة في حزيران/يونيو 2018.

ويعرف أبو غوش كواحدٍ من مؤسسي "حراك حيفا"، ومن أبرز الأصوات الفلسطينيّة المميزة بالنشاط الجماهيري وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، دون أي توان لمواجهة ظواهر القمع والظلم والفساد.

ولتسليط الضوء حول هذه التهمة الجديدة وممارسات الاحتلال بحق أمثال أبو غوش، تواصلت "بوابة الهدف الإخبارية" مع حركة "أبناء البلد" في الداخل الفلسطيني المحتل عام 48، للوقوف على آخر تطورات الملف وخطوات مواجهة الغطرسة الصهيونية وجوانب التهمة سياسياً واجتماعياً.

بدوره، قال رئيس المكتب السياسي للحركة سهيل صليبي، إنّ الاحتلال الصهيوني ماكر جدًا في توجيه التهم إلى أبناء الشعب الفلسطيني في كافة مناطق التواجد وليس فقط في مناطق عام 48، إلّا أن الحق في التواصل لا يمكن التنازل عنه كونه مكفول ديموقراطيًا وسياسيًا واجتماعيًا وفي كافة القوانين والاتفاقيات عربيًا ودوليًا.

وأضاف صليبي: "ضريبة الثبات على الموقف يعرفها كافة النشطاء في الداخل المحتل، ولم يثنيهم ذلك عن الاستمرار في ممارسة حقهم بالتواصل مع أبناء شعبهم وأصدقائهم بالخارج، حتى مع حساسية القضية لاعتبارات سياسية داخلية وخارجية".

وأكَّد أنّ المخابرات الصهيونية لن تتوقّف عن ممارساتها بما يعزّز مفاهيم فصل أبناء الشعب اجتماعيًا وجغرافيًا وثقافيًا مقابل النهوض في فكرة الدولة العبرية المزعومة، مُتابعًا: هناك اهتمام كبير والتفاف جاد هو معتقلي التواصل مع الأصدقاء العرب من خلال الغطاء القضائي والدعم الاجتماعي وإظهار القضية إلى العالم من خلال الوقفات والاحتجاجات، ونحن مستمرون في العمل للتصدي لعنجهية الاحتلال.

يُذكر أنّ القانون "الإسرائيلي" يعمل بشكلٍ دائم على ضمان ما يسمى بـ "يهودية الدولة" من خلال عدم عودة التواصل بين أبناء الشعب الواحد وعدم إعطاء أيّة إمكانية لعودتهم لداخل الحدود التي رسمتها بنفسها وعلى سبيل المثال "قانون القوميّة" الذي يعمل بشكلٍ دائم على تقطيع أوصال الفلسطينيين عن أبناء شعبهم والشعب العربي ككل.

كما ويطلق الكثير من النشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي الكثير من النشاطات كان آخرها وسم "متواصلون" ردًا على ممارسات المخابرات "الإسرائيليّة"، التي شنّت حملات ملاحقة بحق نشطاء من فلسطينيي الداخل، لتواصلهم مع أهاليهم، وأقاربهم وأصدقائهم في العالم العربي والضفة الغربيّة وقطاع غزّة.

من جانبه، قال عضو المكتب السياسي في الحركة محمد كناعنة، إنّ المخابرات الصهيونية برمتها من أهم أجندتها هي محاولة قطع علاقة فلسطيني الـ48 مع أشقائهم وأصدقائهم مع باقي أبناء شعبهم والأمة العربيّة برمتها، وهذا الأمر ليس بالجديد ويحمل أبعادًا سياسيّة ووجوديّة خطيرة.

وأضاف كناعنة، أنّ "المؤسسة الأمنية الصهيونية لا تريد لنا أن نحافظ على هذا التواصل بحده الأدنى، من خلال الاعتقالات والتحقيقات والضغط الذي يتم على الناشطين وأصحاب الرأي والفكر والمناضلين من أبناء شعبنا في العلاقات العادية وليست السياسيّة مع الأشقاء العرب لجعل ذلك أمرًا واقعًا بتخويف كافة الأجيال وربط كافة المواقف بقرارات رجل الشاباك".

ويتابع: "نحن ننظر بخطورة إلى هذه الممارسات والتحقيقات وندرك أهدافها وإلى ماذا يرمي جهاز المخابرات من ورائها، لكننا ندرك أيضًا أنّ الشباب في الداخل متمسكون بمواقفهم من خلال التواصل مع كافة أشقائهم بمناطق الوجود الفلسطيني وغيرها في الدول العربية.

وبخصوص مواجهة هذه القرارات، أكَّد كناعنة على أنّ "الموقف بشكلٍ عام مشمول بحساسية كبيرة، فالنهج الصهيوني لا يكف عن مزيد من المضايقات والملاحقة دون رادع، قائلاً: من حقنا أن نتواصل مع عمقنا الفلسطيني والعربي سياسيًا واجتماعيًا وكل ما نملكه أن نتمسك بهذا الحق ونبقى على هذه التواصل ونكون حذرين فيه".

وأردف كناعنة خلال حديثه للهدف: "ندرك خصوصية كل ساحة من الساحات الفلسطينيّة والعربيّة، لكن بالرغم من ذلك بالوعي والارادة والتصميم يجب المحافظة على هذا التواصل لخلق بيئة مناسبة للملمة التوجهات نحو القضية المركزيّة حتى التحرير"، مُؤكدًا على "حالة الاصطفاف الجماهرية مع معتقلي التهمة الجديدة بالتظاهر أو من خلال الحملات الإعلاميّة للنشطاء وأصحاب الفكر، أو من خلال توفير الغطاء القانوني والقضائي أمام المحاكم الصهيونيّة".

وبالنظر أيضًا إلى ما يُسمى قانون العقوبات الصهيوني فهناك عدّة بنود داخله تشمل تهم التجسس، منها بند 114 الذي يتركز في تهمة "التواصل مع عميل أجنبي"، وتشمل التهمة عدّة مركبات لتكتمل: المعرفة المسبقة "من قام بشكلٍ واعٍ"؛ والفعل "بتوصيل المعلومة"؛ والطرف الآخر "للعدو أو من أجله"، يضاف عامل النوايا بحصول نتيجة معينة للمس بأمن الدولة، وبهذا لا يشترط القانون حصول النتيجة أو إحداث الضرر، بل يكتفي بالنيّة نفسها لتجريم العمل، وبالنظر إلى ما هو منصوص عليه فعمليًا تتحوّل التهمة لـ"النيّة بـإيصال المعلومة" لتتجلّى صورة الاحتلال وتصبح أكثر وضوحًا في مُحاربة كل ما هو فلسطيني على هذه الأرض.