Menu

مفارقات المرحلة

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

لا تختلف الحكومات الصهيونيّة المتعاقبة منذ غزو المشروع الصهيوني لفلسطين؛ من حيث خطها الرئيسي الهادف لإنهاء الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين، وتحويلها بأكملها لقاعدةٍ استيطانيّة حربيّة؛ تهيمن من خلالها على المنطقة بأكملها وتتخذها منطلق لعدوانها على شعوبها.

هذا هو منطق الغزاة وآلية تكيّفهم مع حقيقة كون مشروعهم معادي لمحيطهم ولكل شعوب المنطقة، ولكن المفارقة الحاليّة الماثلة أمامنا، أنّه في ذروة تصاعد الأطماع الصهيونيّة للهيمنة على المنطقة العربيّة؛ من خلال ربط نظمها باتفاقيات الاستسلام للكيان الصهيوني، فإنّ شعب فلسطين في هذه المرحلة وقوى المقاومة في المنطقة في واحدة من ذرى تجلي قوتها منذ عقود، بل إنّ وجود وفعل المقاومة على أرض فلسطين، وما حشده الشعب الفلسطيني من مقدرات ماديّة وبشريّة ومعنويّة في صفوف هذه المقاومة بات رصيدًا استراتيجيًا لفلسطين؛ فاعلاً في كل معاركها وفي المواجهة الشاملة مع العدو الصهيوني، وهو ما يلقي بأثره على معادلة الصراع مع القوى الاستعماريّة الدوليّة التي تقف وراء الكيان الصهيوني بدورها.

هذه المعادلة أيضًا تلقي بتأثيرها على المنظومة السياسيّة والعسكريّة لدى العدو، وأحدها الحكومة المتشكّلة حديثًا للكيان، والمكوّنة من خليط من المستوطنين القتلة من خلفيات مختلفة لا يجمعهم إلّا رغباتهم العدوانيّة وكونهم جزء من مشروع الغزو والقتل، فتأتي هذه الحكومة بضعفها حاملة لتطلعات المستوطنين وكذلك للمخططات الاستراتيجيّة للمشروع الصهيوني بتصفية الوجود الفلسطيني على أرض فلسطين، وحاليًا يبدو الهدف الأبرز الذي تعمل عليه هذه العصبة هو تهويد القدس والاستيلاء على مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربيّة التي سُميت في اتفاقية أوسلو البائسة بالمناطق "ج".

فلسطينيًا هناك مفارقات خطيرة؛ تهدّد كل ما أنجزه هذا الشعب بفضل تضحياته، أبرزها العجز السياسي الفاضح مقابل التقدّم الهائل للفعل الفلسطيني المقاوم على امتداد أرض فلسطين، والذي أكَّد في الهبة الأخيرة قدرته على ممارسة كافة أشكال المقاومة والمزاوجة بينها والاستفادة من الميزات النسبية لكل منها، فلا زالت السياسة الرسميّة غائبة عن استيعاب ما حدث ويحدث، وغارقة في تخيلات وهمية تدور حول عملية التسوية، وما نتج عنها من هيكلٍ سياسي صمم ليكون قابل للهيمنة والخضوع للإرادة الغربيّة والاستعماريّة، ومنفصل عن إرادة الكفاح الفلسطيني، ومعول هدم لمؤسستهم الوطنية الرئيسية وهي منظمة التحرير الفلسطينية، والذي نجح بالفعل في تهميشها وتقويض جزء كبير من قدراتها، هذه التناقضات الفلسطينية تستدعي ما يتجاوز بكثير كل تلك المقاربات التي تدور حول إصلاح البنى السياسية للسلطة أو إعادة دمجها، فما يحتاجه شعبنا هو استعادة قدرته السياسية متمثلة في قيادة وطنية موحدة تتبنى ما يطرحه الشارع الفلسطيني الثائر وتعانق آمال وتطلعات شعبنا في الحرية والاستقلال، وأدواته الكفاحية.