بأمر السياسة السعودية وملوك البلاد المستبدين، سيتواصل اعتقال عديد من أبناء الشعب الفلسطيني والمناصرين لنضاله؛ تعكس القرارات السعودية النوايا المبيتة ضد النضال الفلسطيني وكل من يناصره، وتجرأ النظام السعودي على المجاهرة بسياساته التي طالما سعت ضد مصالح الشعوب العربية، وفي خدمة السياسة الإمبريالية، على نحو يناقض موقف الشعب العربي في المملكة وعلى امتداد العالم العربي.
تسجل الأحكام السعودية موقف رسمي جديد للنظام، يصم فيه النضال الفلسطيني بالإرهاب؛ متبنيًا معايير ومصطلحات العدو الصهيوني، ومهما كانت درجة ضعف وسطحية الذرائع المستخدمة في سبيل هذا الهجوم الشرس على الحق الفلسطيني في مواجهة العدو المحتل، فإنها تشكل خدمة صافية للعدو الصهيوني.
حاولت السياسة السعودية، التستر بتركيز الاتهام على فصيل فلسطيني محدد، فيما يبدو المغزى الواضح في مجموعة من الاتجاهات، لعل أبرزها في هذه المرحلة سعي النظم العربية الرجعية والمهزومة، والنظام السعودي على رأسها، رفع درجة تطبيعها مع العدو الصهيوني، وكذلك محاولة تعزيز موثوقيتها لدى هذا العدو وحليفته الولايات المتحدة الأمريكية من خلال تبني خطابها وسياساتها ضد الشعوب العربية والقضية الفلسطينية.
جانب آخر في هذه التوجهات تفضحه طبيعة المساومات التي أدارتها السلطات السعودية عبر وسطاء، وسعت من خلالها لاخضاع فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلاقاتها وتحالفاتها لمزاج السياسة السعودية التي تتبنى عداء واضح لقوى المقاومة في المنطقة، هذه العداء الذي تكفل بتغذية وتمويل حملات التحريض الطائفي وحروب التدمير الذاتي في البلاد العربية تباعًا، ولم يدخر أي جهد في سبيل تجنيد عصابات الإرهاب الطائفي، والتحالف مع القوى الانعزالية وعملاء الاحتلال ضد قوى المقاومة.
إن انحياز حكام السعودية ضد كل من يرفض الخضوع للهيمنة الامريكية قديم، ولكن ما يتضح أكثر هو استعدادهم للمضي بعيدًا في هذا العداء، وقطع أشواطًا إضافية، وتجاوز أي حواجز أو حدود أو موانع سابقة، بما في ذلك مواقف الشعوب العربية.
كما إن محاولة هؤلاء الحكام وغيرهم من زعماء نظم الرجعية والاستسلام، للهيمنة على القرار الفلسطيني وإخضاعه أيضًا قديمة، وإذا كان ثمة درس يجب استخلاصه من هذا العمل العدائي، فهو أن ثمن الخضوع لمثل هذه السياسات أو مجاراتها أو مداراتها أسوأ بكثير من مواجهتها، فلا حدود لما تطلبه إلا الاستسلام الكامل، وإنتاج نسخ كربونية من النظم العربية المستسلمة للقوى الاستعمارية، وإسقاط كل ما حققته الشعوب وقواها المقاومة من مكتسبات خلال نضالها الوطني التحرري، هذا بجانب اغراقنا جميعًا في معارك طائفية وحروب انتهازية تخاض لمصلحة القوى الاستعمارية، وليس الحرب السعودية على اليمن إلا مثال على ذلك.