Menu

حزب الله في مواجهة مخطط التحالف الصهيو أميركي الفرنسي السعودي وأدواته المحلية

عليان عليان

خاص بوابة الهدف

المواجهات الأخيرة بين المقاومة الإسلامية اللبنانية وبين قوات الاحتلال في عهد حكومة نيفتالي بينيت ، كشفت حقيقة وقوع حكومة العدو في خلل وتخبط استخباري ، وعن غباء في تقدير الموقف ، حين اعتقدت أن الأزمة السياسية والاقتصادية اللبنانية المستفحلة ، ستحول دون رد حزب الله على قصف الطيران الحربي الإسرائيلي لمناطق مفتوحة في جنوب لبنان ولأول مرة منذ عام 2006.

رد حزب الله العاجل برشقات من عشرات من صواريخه القديمة "الكاتيوشا" على مناطق مفتوحة ، جعل العدو تعيش في حالة ارتباك وتخبط ، إذ راحت الأوساط الإعلامية والأمنية الصهيونية تتحدث عن الرد الاستراتيجي القادم من حزب الله والذي يهدد وجود الكيان الصهيوني لا محالة.

لقد نجح حزب الله في المواجهة الأخيرة ، في تثبيت معادلة الردع وقواعد الاشتباك المعول بها منذ عام 2006 ، تلك المعادلة التي استثمرها حزب الله أيما استثمار في مراكمة قوته الصاروخية من الصواريخ الدقيقة ، وفي مراكمة استعداده القتالي كما ونوعاً مستفيداً بشكل كبير جداً من خبرته القتالية في سورية ، التي زاوج فيها بين القتال الكلاسيكي للجيوش والقتال العصابي لحرب الغوار ، ولعل تجربته في القتال الليلي في سراقب في محافظة إدلب ضد قوات الاحتلال التركي والعصابات الإرهابية لمؤشر على قدرته على خوض الحرب الكلاسيكية باقتدار.

وبهذا الصدد أكد سيد المقاومة حسن نصر الله ، في كلمة له بمناسبة ذكرى انتصار تموز أهمية سرعة الرد على العدوان الإسرائيلي بقوله : أن الرد على بعض الأعمال العدوانية يكون فيها عامل الزمن فيها جوهري، والتأخر في الرد عليها يفقد الرد قيمته"، موضحاً أن "ردنا مرتبط بالغارات الإسرائيلية المباشرة على جنوب لبنان للمرة الأولى منذ 15 عاماً.. وكان ردنا في إطار تثبيت المعادلات القديمة التي أراد العدو إسقاطها".

وأشار نصر الله ، إلى أن أهم إنجاز استراتيجي هو إيجاد ميزان ردع وقواعد اشتباك حامية وضامنة لأمن وأمان لبنان، لافتاً إلى أنه "على مدى 15 عاماً منذ حرب تموز لم تحصل غارة إسرائيلية على هدف في الأراضي اللبنانية.. ولبنان ينعم بالأمن والأمان والهدوء والطمأنينة في سابقة منذ عام 1948" ، منوهاً بأن العدو اليوم أكثر من أي زمن مضى قلق على وجوده بسبب ما يجري في فلسطين وتصاعد محور المقاومة"، مؤكداً أنه "قبل 2006 وما بعدها كانت القضية المركزية للعدو الإسرائيلي سلاح المقاومة في لبنان وتطوره".

 

وبصدد تثبيت معادلة الاشتباك قال رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين أن “المعادلة (مع العدو)، تم تثبيتها والتأكيد عليها من خلال الصواريخ التي أطلقت، وأن الإسرائيلي إذا كان يفكر أن بإمكانه أن يغير قواعد ومستلزمات هذه المعادلة من طرفه فهو غير قادر على ذلك”.

تأزيم الوضع في لبنان

تعمل الإدارتان الإمبرياليتان الأمريكية والفرنسية من خلال الحكم السعودي وأدواتهما في لبنان من بقايا تحالف (14) آذار (تيار المستقبل ، القوات اللبنانية ، الحزب التقدمي الاشتراكي ، حزب الكتائب) وعبر مافيات النفط والدواء والغذاء ، وعبر رأس الحربة رياض سلامة – رئيس مصرف لبنان المركزي- على دفع لبنان إلى حالة الفقر والمجاعة في محاولة مكشوفة لتوتير الأوضاع ، ومن ثم تحميل حزب الله المسؤولية ، بهدف تأليب الشارع ضده ، والوصول بلبنان إلى حرب أهلية يكون المستفيد الرئيسي منها الكيان الصهيوني ، بحيث ينغمس الحزب في اقتتال داخلي ، ولا يتفرغ لمواجهة العدو الصهيوني ومشاريعه في المنطقة.

ومن يراقب الوضع في الأسبوعين الماضيين ، يلاحظ أن السيناريو الصهيو أميركي الفرنسي السعودي يسير وفق برنامج محدد ، وبهذا الصدد يمكن الإشارة إلى ما يلي :

1- إقدام قوى مشبوهة تحت مسمى "العشائر السنية" على اغتيال أعضاء في حزب الله في منطقة خلدة ببيروت ، تحت مبرر أخذ الثأر لأحد أبنائها ، بزعم أنه قتل على يد أعضاء من حزب الله ، علماً أن التحقيقات والقضاء اللبناني لم يدن حزب الله في تلك الحادثة. ومصطلح العشائر السنية، الذي يجري ترديده منذ أكثر من عام هو "الاسم الحركي" للعصابات المرتبطة بزعيم تيار المستقبل "سعد الحريري" الذي ينفذ التعليمات السعودية وغيرها في لبنان.

2- اعتراض مجموعة من سكان منطقة شويا في قضاء حاصبيا، في جنوب لبنان التي تسكنها طائفة الموحدين الدروز ، في السادس من شهر أغسطس (آب) الجاري شاحنة تحمل منصة لإطلاق الصواريخ تابعة لـ"حزب الله" لدى مرورها ببلدتهم، عقب تنفيذها هجوما ضد أهداف إسرائيلية ، واعتدائها على سائق الشاحنة وأعضاء من الحزب.

واللافت للنظر أن فضائية العربية السعودية هي أول من وثق الحادث بالصوت والصورة ما يطرح علامات استفهام حول وجود طاقم هذه الفضائية في تلك البلدة ، وما يؤكد أن الحادث مرتب وفق السيناريو الذي يعمل على تنفيذه التحالف الصهيو أميركي الفرنسي السعودي.

3- تردد معلومات تفيد بنقل كميات من الأسلحة لأحزاب وأدوات التحالف المعادي بهدف جر حزب الله إلى اقتتال داخلي.

4- دخول القضاء اللبناني في عملية تسييس واضحة لحادث انفجار مرفأ بيروت ، بغية التصويب على حزب الله وتحالفاته ، حيث أكد حزب الله أن “عدم تبيان ما الذي حصل وعدم تقديم تقرير أو رؤية أو سردية لما حصل، يعني أن الباب سيبقى مفتوحا أمام الاجتهادات والتدخلات والاستثمارات” وأن “تحديد وتوصيف ما الذي حصل يحدد الكثير من الاتجاهات التي ينبغي أن يذهب إليها التحقيق حتى يكون الناس على بيّنة، وفي هذا الموضوع نحن نرى الأمور غير سليمة وغير صحيحة”.

5- التحذير الواضح والصريح من قبل وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون السياسية "ديفيد هيل" من انهيار وشيك للبنان، تأكيده الواضح والصريح بأنه لن تكون هناك أي خطة إنقاذ دولية ، وأن الوضع الاقتصادي في لبنان يُواجه "كارثة فورية"، ناهيك عن تحصينه رئيس المصرف المركزي من أية إدانة.

6- الأزمة الاقتصادية والمعيشية غير المسبوقة في لبنان ، الناجمة عن الإجراءات المتصلة والمتراكمة لرئيس مصرف لبنان رياض سلامة، بالتنسيق مع السفارة الأمريكية وعملائها التي أدت إلى تدمير سعر صرف الليرة اللبنانية التي فقدت 90 في المائة من قيمتها، وبات الدولار يساوي (24) ألف ليرة لبنانية ، ما أدى إلى تفاقم الوضع المعيشي في لبنان ، وعدم قدرة سواد الشعب على دفع كلفة الوقود والدواء والمواد الغذائية.

6- وأخيراً وليس آخراً جاءت الإجراءات القاتلة التي أقدم عليه رياض سلامة ، ممثلةً برفع الدعم عن المحروقات، وتأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات وفق سعر صرف الدولار في السوق، ما يعني مضاعفة أسعار المحروقات بأكثر من أربعة أضعاف أسعارها الحالي في مخالفة واضحة- حسب رئيس حكومة تصريف الأعمال د. حسان دياب- للقانون الذي صدر عن مجلس النواب بشأن البطاقة التمويلية، ومخالف لسياسة الحكومة بترشيد الدعم.

وجاء هذا القرار ليفجر الشارع اللبناني عبر قطع الطرق وإشعال المظاهرات الصاخبة وليدخل حلفاء حزب الله، في مواجهة سياسية مفتوحة مع أدوات التحالف الصهيو أميركي الفرنسي السعودي في لبنان.

واللافت للنظر هنا أن هذا التحالف لا يريد أن يقدم أي مساعدة للبنان للتخفيف من حدة الأزمة ، وفي ذات الوقت فإن أدوات التحالف في لبنان ترفض أن تقدم إيران وروسيا والصين أية مساعدة للخروج من لبنان من مأزقه ، ما يعني أن التحالف وأدواته يسعى لنقل لبنان من حافة الهاوية إلى الهاوية نفسها ، على أمل إشعال حرب أهلية في لبنان.

 

 

حزب الله يدير الأزمة في مواجهة سيناريوهات التحالف المعادي وأدواته

السيناريو الذي يجري تنفيذه في لبنان من قبل أطراف التحالف المعادي وأدواته المحلية لن يتمكن من تحقيق الأهداف المتوخاة منه لعدة أسباب أبرزها :

1- أن الحزب لا يدير الأزمة لوحده ، بل يستند إلى عموم أطراف محور المقاومة ، وبهذا الصدد نشير إلى لجوء إيران إلى قصف ناقلة نفط إسرائيلية في بحر عمان رداً على قصف طائرات الكيان الصهيوني لموقع للمقاومة في سورية ، وكذلك إعلان حزب الله بأن الرد الصاروخي القادم بالصواريخ الدقيقة قد يكون في الجليل أو في هضبة الجولان.

2- أن الحزب يستند إلى تحالفات داخلية مع أطراف سياسية وازنة مثل التيار الوطني الحر صاحب الكتلة المسيحية الأكبر في البرلمان اللبناني، وحزب المردة وحركة أمل والحزب الشيوعي اللبناني والحزب القومي السوري الاجتماعي والحزب الديمقراطي اللبناني والناصريين بمختلف تشكيلاتهم .

2- عدم تعامل حزب الله مع الاستفزازات المحلية الانعزالية من موقع ردة الفعل ، كما حصل في حادثة خلدة ، إذ أعلن نصر الله بأنه لا توجد عشائر سنية وراء حادثة خلدة بل عصابات إجرامية مرتبطة بقوى سياسية ، وأن الحزب غير عاجز عن الرد ، والكل يدرك مدى قوة حزب الله ، لكنه معني بإفشال الاستهدافات التي يخطط لها التحالف المعادي.

3- أن نصر الله بإعلانه بأنه عازم على توفير البنزين للبنان ، وأن ناقلات النفط الإيرانية في طريقها للوصول إلى السواحل اللبنانية ، وأنه عازم على توفير الدواء الإيراني للبنان ما يكشف حقيقة أنه الحريص على لبنان للخروج من أزمته ، وهذا الموقف يوسع من قاعدته الشعبية ، ويجعل من موقفه العملي عابراً للطوائف ، الأمر الذي يفشل سيناريوهات التحالف المعادي وأدواته ، ويكشف مؤامرة كارتيلات ومافيات النفط والدواء والغذاء التي تتبوأ مواقع في السلطة وفي المعادلة السياسية اللبنانية.

4- والأهم أن الحزب يمثل القوة العسكرية الأكبر في لبنان التي يوجهها ضد الكيان الصهيوني ، وإعلانه أكثر من مرة بأن الرد على التدخل الصهيوني في لبنان سيكون بقصف عمق الكيان الصهيوني بالصواريخ الدقيقة.

كما أن تقديرات موازين القوى في لبنان ، تؤكد بأن أدوات التحالف المعادي لن تتمكن من إشعال حرب أهلية ، بحكم قدرة حزب الله على حسم أي معركة بسرعة قياسية ، وفي الذاكرة كيف تمكن حزب الله من السيطرة على معظم أرجاء بيروت الغربية في التاسع من مايو ( أيار) 2008، حين حاولت الحكومة آنذاك التدخل في مسألة الاتصالات السلكية الخاصة بالمقاومة ، وإجراء تغييرات في الوظائف الأمنية في مطار بيروت. فالحزب في حال اضطراره للتدخل عسكرياً ، لا يستهدف الإخلال بالمعادلة السياسية اللبنانية ، أو الإخلال بنهج التعايش ، بل يستهدف حماية ظهر المقاومة وإفشال المؤامرات التي تستهدف المقاومة وسلاحها