Menu

عن انطوان داوود

صورة لمجموعة من الفدائيين الفلسطينيين قبل النكبة

" وقية كنافة لو سمحت " 
تناولتها بعد ان وصلت الى نابلس من اريحا ، في اليوم التالي توجهت الى رام الله لاقابل عبد القادر الحسيني واعطيه مبلغ ١٠٠ جنيه التي غنمتها من سرقة السيارة التي كان يسوقها يهودي ، كان المال للوكالة اليهودية وسيدفع لشركة " شل " ثمنا للوقود " 
لنعود للبداية ... 
ما ان صاح الحارس " عربي .. عربي " حتى قفزت من السيارة واقفلتها بالمفتاح والقيته بعيدا ، تناولت القنبلة الاولى والقيتها فلم تنفجر فالقيت الثانية فلم تنفجر ، ادرت ظهري للسيارة واستللت المسدسين لاحميها بجسدي حتى لحظة الانفجار ، خمس دقائق فقط املك . 
وجه لي احد الحراس صلية من رشاشه فعالجته برصاصتين ، ضابط اخر من الهاجاناه قفز الى سيارة تقف بجانب المصفحة ليطلق النار عليه فالقيته صريعا برصاصة واحدة . 
يزداد حجم الجنود الذين يحاولون الوصول الي ، ضابط اخر خرج من البوابة على يساري وهو يستل مسدسه ، اطلقت النار عليه فوقع وانطلقت منه رصاصات لتصيب جندي اخر متقدم باتجاهي . 
في تلك اللحظة القيت بنفسي على الارض وتدحرجت لاحتمي تحت المصفحة ومن ثم تدحرجت وفجأة وجدت نفسي في الشارع العام . 
طرت في الهواء وترنحت يمينا ويسارا ، كان السيارة قد انفجرت وانفجر معها براميل المتفجرات التي وضعت امام المبنى مربوطة ببكرة لمنع اي محاولة لاختراق بوابة المبنى بالعنوة عبر اصطدام البراميل باي سيارة ستهاجمه ليموت ١٢ يهودي ويتدمر الجناح الشمالي للمبنى الذي يضم مكتب بيت المال اليهودي ومبنى المجلس المالي اليهودي ، ومقتل واصابة عدد مهم من الشخصيات اليهودية . 
استعدت توازني ووقفت على قدمي وتوجهت الى سيارة يقودها يهودي اصيب بالرعب ، انزلته وسرقت السيارة ، وابتعدت عن المكان . 
ووصلت الى اريحا . 
ليست هذه البداية ... 
كان الميجر انجرونوفيتش ملحق عسكري في القنصلية ، يسكن مع زوجته في حي القطمون ، في احد الليالي كان يقيم حفل ساهر ، لاتسلل الى بيته واختبئ خلف الصخور ، وصلت سيارة فيها يهوديان ، اطلقا صافرة فخرج الميجر ، وسلم كل منهما للاخر شيء لم اعرف ما هو ، بعد نصف ساعة انفجر لغم كبير في القدس
في تلك اللحظة قررت ان انسف مبنى الوكالة اليهودية في القدس ، وفي خطة محكمة استطعت عبر التجسس على الاتصالات من مركز الهاتف في القنصلية الامريكية ان اعلم عن اجتماع في الوكالة اليهودية لحل الخلافات بين الهاجناه والشتيرن والارغون . 
وقد علمت ان احد ضابطين من الجيش الامريكي سيصلان الى الوكالة اليهودية لاعادة تشكيل المليشيا اليهودية . 
في ذلك اليوم توجهت الى عبد القادر الحسيني وابلغته بالقرار ، فطلب من فوزي القطب مسؤول فرقة التدمير ان يصنع المفخخة ، ٢٥٠ كيلو غرام من الجلنلجيت والتي ان تي وقد صنعت بشكل رزم تم وصلها بساعة توقيت . 
باربع علب سجائر امريكية ولغتي الاسبانية الام واتقاني للغة الانجليزية ، وبسيارة من نوع فورد ١٩٤٧ تحمل رقم ٦٦١١ وعلم اميركا عليها ، وبمعلومة وصول ضابطين امريكيين الى الوكالة اليهودية وبصحبة جريدة بالستاين بوست ( تم تفجير مبني الجريدة قبل شهر ) استطعت اجتياز الحواجز البريطانية واليهودية لاصل الى المبنى وادخل البوابة الرئيسية . 
حتى انتبه الحارس اني وحيد ولا ضباط برفقتي . 
ايضا ليست هنا البداية ... 
كنت قد حاولت الانضمام الى الثورة في ١٩٣٦ الا ان عدم اتقاني للغة العربية لم يسمح بذلك ، فانضممت الى البوليس الفلسطيني واصبحت احد رجال الثورة داخل القوة الاستعمارية . 
قمت بتسريب معلومات للثوار وللسكان وبالتبليغ للاهالي عن حملات التفتيش والضبط ، تلاعبت بالادلة والمضبوطات وشهدت بشهادات معاكسة لما كان يشهده اليهود ضد العرب في المحاكم ، وكان هذا بغطاء اني مسيحي كولومبي وهؤلاء مسملون عرب . 
حتى شك الضباط بامري فاوقفوني عن العمل ، حتى وجدت عمل في القنصلية الامريكية . 
وليست هنا البداية ايضا ...
عندما وصلت باريس قضيت سنة عند اقاربنا من عائلة جاسر ( اصحاب قصر جاسر في بيت لحم او ما يسمى فندق الانتركونتيننتال ) ومن ثم قررت الذهاب الى فلسطين، ولم اكن املك اوراق ثبوتية ، توجهت الى مارسيليا وهناك تعرفت على بعض اليهود ، ووصلت معهم الى فلسطين على اساس اني يهودي مهاجر ، في ميناء حيفا سالني الموظف الانجليزي عن جواز سفري لاقول له اني يهودي ، فقال لي انضم الى جماعتك ، لاقيم فترة في تل ابيب ، ومن ثم ذهبت الى يافا فالقدس فبيت لحم مسقط راس عائلتي . 
وما لبث الامر حتى اشتعلت ثورة ١٩٣٦ 
وليست هنا البداية ...
كنت قد اسست شركة طيران مدنية في هندوراس في بداية ١٩٣٢ ، وما ان سمعت عن غزو البيرو المدعومة امريكيا لمسقط راسي كولومبيا حتى شددت الرحال لادافع عنها ، 
وقاتلت في ما يسمى Leticia Incident ، وبعد فترة قصيرة وضعت الحرب اوزارها باتفاقية ريدو جانيرو . 
فقررت التوجه بحرا الى باريس . 
لنعد الى ما قبل ايضا .
انهيت تعليمي في كلية سانت جونز في بوغوتا في كولومبيا ١٩٣٠ حيث ولدت لعائلة تلحمية مهاجرة الى كولومبيا ، وما ان انهيت تعلمي حتى انضممت لجيش اميركا الوسطى لاحارب ضد الجيش الاستعماري الامريكي في معركة جبال "لاسيجوفيا" كقائد لمفرزة الرشاشات وانال ترقية ، ومع بداية بواكير الانقلاب العسكري الديكتاتوري استقلت وتوجهت الى هندوراس . 
وان قد بدأت قصتي مع مولدي ١٩٠٩ في كولومبيا الا انها لم تنته مع تفجيري لمبنى الوكالة اليهودية .
هذه قصة انطوان جميل داوود ، في سنة ١٩٥٠ عاد الى كولومبيا ومن ثم التقى بكاسترو وجيفارا في غواتيملا ليحضر معهما الدفعة الاولى من الثوار التي توجهت الى كوبا ومن ثم دخل معهما الى كوبا على نفس السفينة وشارك في الثورة الكوبية كمدرب متخصص في حرب العصابات ، ورافق جيفارا لاحقا الى بوليفيا وقاتل معه . 
اخيرا مع انطلاق الثورة الفلسطينية انضم للجبهة الشعبية وكان قد خطط لعملية في اواخر شهر اب ١٩٦٩ الا ان المنية قد وافته في ٤ اب ١٩٦٩ في الكويت اثناء زيارة لاقاربه هناك .

 
المصدر: عن صفحة الباحث باسل الاعرج

ملاحظة: لم نتمكن من تحصيل صورة للمناضل انطوان داوود ، ونتمنى على من يستطيع ان يزودنا بصورة له عبر ايميل البوابة