Menu

القانون الدولي عاجزٌ عن حماية الفلسطينيين.. أحياءَ وأموات !

الشهيد الطفل حسن مناصرة الذي أعدم ميدايناً ولا يزال الاحتلال يحتجز جثمانه

بيسان الشرافي_بوابة الهدف

"إسرائيل" لا تكتفي بقتل الفلسطينيين عمداً، والتنكيل بهم بعد وفاتهم، وقتلهم ميدانياً مرّة أخرى تبعاً لقاعدة "تأكيد الموت"، بل تتمادى ببطشها لتظلّ تقتلهم كل لحظة، باحتجاز جثامينهم الطاهرة، ليظلّ وجع ذويهم قائمٌ بعدم وداع أبنائهم للمرّة الأخيرة ودفنهم.

احتجاز جثامين شهداء الانتفاضة الحالية، يأتي تنفيذاً لقرار الكابنيت "الإسرائيلي"، استجابةً لاقتراح وزير الأمن الداخلي، جلعاد آردان، بعدم إعادة جثامين الفلسطينيين مُنفّذي العمليات ضد جيش الاحتلال ومستوطنيه.

قرار رادع.. غير رادع !

وزير جيش الاحتلال موشيه يعلون، اعترف، خلال تصريحاته مؤخّراً، بأن "احتجاز جثث الفلسطينيين لا يردع منفذي العمليات الُمفترضين"، كما رأى مسؤولون أمنيّون بـ"إسرائيل" أنّه لا يوجد أي هدف إستراتيجي لمواصلة احتجاز الشهداء الفلسطينيين، و لن يؤثر احتجازهم على مساعي الإفراج عن جثث الجنديين المُحتجزيْن بقطاع غزة.

محامي مؤسسة "الضمير" لحقوق الإنسان، محمد محمود ، وفي تصريح له، أوضح أن المستشار القضائي في دولة الاحتلال ردّ على الاستئناف المصغر الذي قدّمه طاقم من المحامين بأن المستوى السياسي الصهيوني يرفض تسليم جثامين الشهداء ليشكل ذلك رادعاً لغيرهم من الفلسطينيين الذين ينوون القيام بعمليات طعن". لنجد أن دولة القتل والعنجهية، لا تريد من قرارها سوَى غرس خنجر بطشها بزيادةٍ في خاصرة الفلسطينيين وحسب، وذلك بقراراتٍ فارغة، لا تدرِ هي –حتى- ما الهدف منها، بدليل تخبّط تصريحات قادتها.

"بوابة الهدف" علمت أن المستشار القضائي "الإسرائيلي "رفض 3 التماسات قانونيّة قدّمتها مؤسّستىّ عدالة والضمير لحقوق الإنسان، لاسترداد جثامين الشهداء الفلسطينيين المحتجزة، والتي وصل عددها 23 جثماناً، 10 منهم لشهداء مقدسيين، و 11 لشهداء من الخليل، و جثماناً لشهيدٍ من جنين، وآخراً من النقب.

مقابر الأرقام..

دولة الاحتلال تُمارس هذه السياسية الوحشيّة، والتي تخالف كل ما هو إنساني وقانوني وعقائدي، منذ عقود، بحسب العديد من الجهات الحقوقية التي ترصد انتهاكات الاحتلال بحق الفلسطينيين، التي تُرجع بداية هذا الفعل إلى سبعينات القرن الماضي.

ولا يزال الاحتلال يحتجز مئات الشهداء الفلسطينيين ضمن ما تُسمّى بـ"مقابر الأرقام" وهي أماكن سرّية مغلقة عسكرياً يُمنع الوصول إليها، وهي مدافن غير مُجهّزة مُسبقاً للدفن بالظروف المُلائمة، ويقول مختصّون بأنّ العديد من الأضرحة تدمّرت بفعل العوامل البيئية والإهمال من الجانب "الإسرائيلي".

هذا الملف بات الشغل الشاغل لأهالي الشهداء الذين يخرجون يومياً في وقفات احتجاج ومسيرات للمطالبة باسترداد جثامين أبنائهم، وخاصة في مدينتيّ القدس والخليل مركز المواجهات، ومعقل إجرام جنود الاحتلال ومستوطنيه. إضافة لتصدّره تصريحات الساسة الفلسطينيّين، وتأكيدهم عقم المحاولات "الإسرائيلية" بوأد الانتفاضة من خلال احتجاز الشهداء، حيث قال النائب العربي في كنيست الاحتلال طلب أبو عرار، خلال جلسة للكنيست عُقدت أمس الأربعاء "مخطئٌ من يظن أن احتجاز الجثامين يساهم في التهدئة، إنه عمل غير أخلاقي ويخلو من كل معاني الإنسانية، ويخالف كل الشرائع السماوية، والمواثيق الدولية".

القانون الدولي و "جرائم إسرائيل"

المحامي بهجت الحلو، مسئول العلاقات العامة لدى الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أكّد أنه "على دولة الاحتلال أن تأخذ كافة التدابير اللازمة لحماية حقوق الإنسان الفلسطيني في أوقات النزاعات، في المنطقة الجغرافية الخاضعة التابعة لسُلطتها".

وأضاف في حديثه لـ"بوابة الهدف": على دولة الاحتلال الحفاظ على كرامة الإنسان حياً أو ميتاً، وما تقترفه حكومة الاحتلال باحتجاز جثامين الشهداء، هو اختراق للقانون الدولي وما نصّت عليه اتفاقية جنيف الرابعة بوجوب حماية كرامة الإنسان، حياً كان أم ميتاً.

وعن مقابر الأرقام، أكّد الحلو أنّ هذا الأمر برمّته يُعتبر جريمة بحسب القانون الدولي، فدولة الاحتلال مُلزمة بتسليم جثامين الفلسطينيين لذويها، أو دفنها بالاسم إلى حين التعرف عليها من قبل ذويها، ومن ثم تسليمها لهم، وهذا الالتزام غير قابل للانتقاص أو التأجيل أو التأويل، ولا يجوز دفن الشهداء فيما يُسمى بمقابر الأرقام، لأن في هذا انتقاص من كرامة الإنسان.

وعن سُبل التصدّي لانتهاكات وجرائم الاحتلال، أوضح المحامي بهجت الحلو أن هناك التزاماً يقع على الأطراف المُوقعة على اتفاقيّة جنيف الرابعة، بالضغط على الاحتلال للإيفاء بالتزاماته في المناطق التي يحتلّها.

وتابع: بدورها يجب على دولة فلسطين أن ترفع ملف بجرائم "إسرائيل" للأمم المتحدة لأن دولة الاحتلال تنتهك المعايرر الدولية بصفتها عضو فيها، وبالتالي يجب على المنظمة الدولية أن تًلزم دولة الاحتلال باحترام المبادئ التي قامت من أجلها الأمم المتحدة. كما يجب على فلسطين رفع شكوى إلى مجلس الأمن على اعتبار أن ما يقوم به الاحتلال من شأنه تعزيز العنف في المنطقة ويهدد الأمن والسلم الدولييْن.

وأضاف: وكذلك يجب على دولة فلسطين تقديم شكوى تُعزز الشكاوى التي رفعتها مُسبقاً للمحكمة الجنائية، واعتبار ما تُقدِم عليه دولة الاحتلال، جرائم حرب لأنها تقتل الفلسطينيين وتحتجز جثامينهم.

وبناءً على كلّ ما سبق، يجب على السلطة الفلسطينية أن تخرج من عباءة التفاوض مع الاحتلال على استعادة جثامين الشهداء المحتجزة، ومن موقفها التنسيقي معه بتعهّد ضمان جنازات "هادئة" للشهداء في حال الإفراج عنهم، إلى مربع مُقاضاتها على هذا الجُرم، و محاستبها، وتوثيق كل ما تقترفه "إسرائيل" في هذا السياق، فالقوة والحق القانوني هُنا من المفترض أنّه بحوزة السلطة، ولا يُقوّي الاحتلال سوى ظنّه بأنه مًفلتٌ من العقاب.

جديرٌ بالذكر أن كل ما استعرضه هذا التقرير، كان حول قضيّة الاحتجاز فقط، فهناك عشرات القضايا الأخرى التي تنتهك فيها دولة الاحتلال القوانين الدولية فيما يتعلّق بقتل الفلسطينيين، منها التنكيل والتمثيل بجثامينهم، وسرقة أعضاء منهم، علاوة على قتلهم غير القانوني بالأساس.

وتبقى مُطالبات الفلسطينيين بتجريم دولة القتل "الإسرائيلية"، رهنٌ بمدى التزام المجتمع الدولي ومنظّماته العديدة، بما يخطّه من قرارات و يجتمع لأجله على أعلى المستويات و مئات المرّات، لإقرار قوانين ومبادئ لا تخرج من إطار الحبر الذي كُتب به. لأن هذا المجتمع له من المصالح الاستعمارية ما يُلجمه عن اتّخاذ أي إجراءٍ أو قرارٍ أو تصويت قد يلحق ضرر بربيبته "إسرائيل".