Menu

عن الهراوات والرايات.. قمع المقاومة

بوابة الهدف الإخبارية

بوابة الهدف الإخبارية

تستجيب السلطة للهجمة الصهيونية الوحشية على شعبنا بشكل أو بآخر، فتعمد كما في بيت لحم أمس وفي جنين منذ أيام للهجوم على ضحايا الهجمة الاحتلالية في سلوك لا يمكن تبريره مهما اجتهدنا في التقيد بموجبات وحدة الصف الفلسطيني، فبكل بساطة ووضوح هناك من قرر منذ زمن بعيد خرق هذا الصف، بل وتمزيقه.

الرواية الأكثر تداولًا أن السلطة هاجمت مسيرة تشييع الشهيد في بيت لحم واعتدت على المشاركين فيها لمنعهم من رفع رايات وشعارات القوى والفصائل الفلسطينية المقاتلة ضد الاحتلال، وهذه ليست مثلبة فحسب، بل وكارثة، إذا أخذنا الأمر بمعنى موقف السلطة من حرية العمل السياسي، أو حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، وتنظيم ذاته في فصائل وقوى وطنية، أو حتى بموجب الحد الأدنى من الفهم للعلاقة بين القوى الوطنية تحت الاحتلال، حيث يفترض أن هذه العلاقة وحدوية باستثناء تلك القوى التي قررت الانحياز لصف المحتل.

لا يمكن أن يوصف السلوك الأمني والسياسي للسلطة في بيت لحم وجنين ومخيمها إلا بكونه انحياز للاحتلال، فمن باب الجهل أو التستر أن نتحدث عن قمع لحرية العمل السياسي فحسب، إلا لو كنا صدقنا أن مشكلة السلطة فعليًا مع رايات الفصائل أو شعاراتها، فهذا قد يكون موضع لخطاب مؤسسة حقوقية، أما في حقيقة العمل السياسي الفلسطيني أن الهجوم على المسيرة والهجمات الأمنية الوحشية المتكررة على مخيم جنين تستهدف مظاهر تصاعد المقاومة والتمرد ضد الاحتلال في الضفة الغربية، ويرتبط بالأساس بالترتيبات الأمنية التي لا تخفي السلطة تعهدها بها للاحتلال.

إن الهراوات التي تنزل على رؤوس المشاركين في تشييع شهيد بيت لحم، كما الرصاص الذي يطلق في أزقة مخيم جنين على مقاوميها وأهلها، هي أدوات احتلالية صهيونية، تخدم الاحتلال فقط، وهي تفعل ذلك بطريقة لا تقل وحشية عن دوريات وعصابات الاحتلال، محدثة خلل قد لا يمكن تداركه في النسيج الوطني، باتباعها لمنهج ومسار لا ينتج إلا ممكنات احتراب أهلي مرير يحقق للاحتلال أهدافه.

ما جرى في جنين وبيت لحم وغيرها، ليس محض قمع سياسي حتى تتم معالجته بواسطة بيانات استنكار يتبعها لجنة تحقيق شكلية أو فعلية، ولكنه خروج على كل القيم الوطنية، وتوريط لشريحة واسعة من أبناء شعبنا في العداء تجاه شعبهم، وعزل لهم عن كل المركبات الوطنية التي تسعى جاهدة لتطوير أدوات الفعل ضد الاحتلال.

سيتواصل القتال ضد المحتل في جنين، كما رفح، كما بيت لحم، ولن تفلح سياسات الاحتلال في إسقاط إرادة شعبنا في المقاومة والحرية والاستقلال، كما ستسقط محاولات استخدام الفلسطيني ضد الفلسطيني، ومعها سيسقط كل من راهن عليها، فهذه البلاد كما شعبها، وفية للشهداء ولقرارها الأول بالنصر والحرية.