Menu

مرضى الكلى في غزّة تحت الاستغلال السياسي

حين تكون معاناة الاطفال المرضى عنوان للابتزاز السياسي المتبادل بين طرفي الحكم

خاص_ بوابة الهدف

يقضي كلٌّ من محمّد، ومرح ورأفت، مع عددٌ آخر من نظرائهم المرضى، ساعاتٍ طويلة تحت أجهزةِ غسيل الكلى في مُستشفى الدكتور عبد العزيز الرنتيسي بمدينة غزّة. إلى جانبهم يقفُ آبائهم وأمهاتهم لمتابعة عملية الغسيل التي تمتدُ منذ ساعاتِ الصباح حتى ظهر كلّ يوم، مع احتياجهم الكبير للراحةِ والهدوءِ طوالَ هذا الوقت.

باتَ مؤخرًا يُقلِقُ الأهالي بالإضافة إلى خوفهِم على أبنائهِم من ألم غسيل الكلى، أمرٌ آخر، ألا وهو النقص الذي أصبحوا يرونَهُ واضحًا في "الفلاتر الطبية" التي يستخدمها الممرضون في كلّ عملية غسيل، بشكلٍ يوميّ ومُستمر.

الأزمة
في مؤتمرٍ صحفي لها، الأسبوع الماضي، حذّرت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزّة من نفاذٍ في فلاتر غسيل الكلى صغيرة الحجم الخاصة بالأطفال المرضى. 

وبيّنت الوزارة أن نفاذ تلك الفلاتر يعرّضُ الأطفال المصابين بالفشل الكلوي لخطرِ المَوت. بالإضافة إلى دعوتها الجهات المختصّة، إمداد قطاعِ الصحة بما يلزمُ من أدويةٍ ومدعّمات للحفاظِ على حياةِ المرضى في قطاع غزّة.

في ذات السياق كان مدير مستشفى الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، قد حذّر من توقف خدمات غسيل الكلى للأطفال، جراء نفاذ كمية الفلاتر وأنابيب نقل الدم، مع نهاية الأسبوع الماضي، في مؤتمرٍ سبق مؤتمر الوزارة بيومٍ واحد، عقدَهُ من داخل المُستشفى.

وقال أن هذا النفاذ يعرّضُ حياةَ العشرات من الأطفال للموت، وأعلن بدء دخولهم في مرحلة الخطر جراء النقص، الذي جعل طواقم التمريض تستخدمُ الكميات الضئيلة من أرصدة الفلاتر من نوع F3 , F4.

مديرُ المستشفى كان قد حمّل وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله مسؤولية هذا النقص، موضحًا أنّ سببَ هذهِ الأزمة التي يُعاني منها قسم غسيل الكلى، هو "عدم إرسال حكومة التوافق في رام الله الفلاتر والاحتياجات التي يتطلبها غسيل الكلى، بالإضافة للنقص من قبل الجمعيات الخيرية القائمة على الأمر".

استغلال سياسي وإعلامي
أم محمد، وهي والدة أحد الأطفال المرضى، قالت خلال حديثٍ مع "بوابة الهدف" أن هذا النقص يخيف كافة الأهالي، وهم "يتابعون عملية الغسيل التي يخضع لها أبنائهم من جهة، ونقص الفلاتر الذي وصل إلى ذُروته، قبل أيام، بالتزامُنِ مع مؤتمر مدير المستشفى الذي حضرهُ عددٌ كبير من الصحفيين ووسائل الإعلام".
وألمحت السيّدة، إلى وجود استغلالٍ سياسي لقضية نفاذ الفلاتر في المستشفى، ما بين طرفي الوزارة في غزّة ورام الله، حيثُ بيّنت أن أحد الأطفال المرضى قام بالصُراخ على المصوّرين الإعلاميين خلال المؤتمر الصحفي مناديًا: "انتو بتشحدوا علينا".
سيدةٌ أخرى تجلسُ بجانب طفلتها التي تستمرُ في عملية الغسيل، قالت "لبوابة الهدف"، أنهم "يتابعون بشكلٍ مُستمر التصريحات والأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام، حيث كان آخرها أن وزارة الصحة في رام الله أعلنت إرسال شحناتٍ من الأدوية والدعم لمستشفياتِ القِطاع".
وفي ذلك قال وزير الصحة في حكومة التوافق جواد عوّاد، يومَ الأربعاء، أن وزارته قد أرسلت قافلة من الأدوية والمواد المخبرية والمستهلكات الطبية، إلى مستودعاتها في قطاع غزّة بقيمة مالية تصل إلى 5 ملايين شيقل. 
مبينًا أن الشاحنات تضم أدوية لعلاج مرضى السرطان وزراعة الكلى ومرضى الهيموفيليا والأمراض المزمنة، إضافةً إلى مضاداتٍ حيويّة ومحاليل وريديّة ومواد مخبريّة ومستهلكاتٍ طبيّة خاصّة بغرُفِ العمليات وأقسامِ الطوارئ. 
يرى عددٌ آخر من الأهالي، أن قضية أبنائهم المرضى تُستغلُّ للتضارُبِ السياسيّ بينَ طرفيّ الانقسام. مع استنكارهم لاستغلال أزمة الأطفال في إظهار عجز الوزارة، مبيّنين أنه تمّ عقد مؤتمرٍ صحفي من داخل غرفة غسيل الكلى التي اكتظت بوسائل اﻹعلام، في حين أن الأطفال بحاجة للراحة الكبيرة، خلال ساعات الغسيل.
تقول أم محمّد أنهم يتابعون بقلقٍ كبير القضية "فكلّ جهة ترمي المسؤولية على الأخرى، والمتضرر هُم أبنائنا في النهاية".
يُذكر أن أزمة القطاع الصحي، تُستغل كما العديد من قضايا قطاع غزّة الحساسة، وأزماته المتعددة في أمورٍ سياسية، بينها أزمة الكهرباء، وأزمات المرافق الصحية، وغيرها من أزمة رواتب الموظفين ومعابر القطاع، حيث باتت تستخدم وسيلةً للتراشق الإعلامي وإلقاء التهم بين طرفي الانقسام في قطاع غزّة والضفة الغربيّة.