Menu

عن الاشتباك وأهله

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

يطرح الاشتباك الجماهيري المستمر مع العدو الصهيوني في جولته الحالية أو على امتداده جملة من الأسئلة والمهمات المركبة والمعقدة، فما كان يجري نقاشه منذ سنوات حول تفعيل المقاومة الشعبية، أو الجدل حول أسباب انكفاء الفعل الجماهيري لم تعد هي موضع النقاش، لاعتبار أساسي وهو أن هذه الجماهير ولمدة تتجاوز العام موجودة بالشارع تخوض اشتباكات ومواجهات متعددة الأشكال مع العدو.

وإزاء فعل جماهيري بهذا التشعب، فإن ما يمكن مسائلته ومخاطبته هو تلك القوى المنظمة، أي الفصائل، القادرة على إنجاز الكثير على مستوى مهمات التوجيه والتعبئة والإعلام والحشد، حتى وإن أخفقت في بعض أدوارها الرئيسية السياسية والتنظيمية والعسكرية، لأسباب ذاتية أو موضوعية، أو قدمت خيارات خاطئة في مقاربتها للفعل الجماهيري، إذ يمضي مسار الفعل الجماهيري نحو الامتداد والانتشار على كامل فلسطين، فيما يبدو الفعل الأكثر مركزية وتنظيمًا؛ مُصر على ترك العديد من عناوين ومساحات الاشتباك، لمصلحة عنوان مركزي، بلغة أوضح لا مشكلة إطلاًقا في إنجاز واجب الحشد لأجل القدس ودفاعًا عن عروبتها وأهلها ومكانتها، ولكن الإشكال في التثاقل فيما يتعلق بدعم نضال الجماهير الفلسطينية في النقب، وإسقاط عنوان الحصار المستمر على غزة، أو الاشتباك في ملف الأسرى أو الاستيطان، أي في الإصرار على مركزة الفعل في ظل صراع تبدو فيه "المركزة" قاتلة للجهد الفلسطيني ومريحة لعدو يمتلك فارق قوة واضح.

إن هذه النقطة تطرح تساؤل حول امتلاك استراتيجية للاشتباك، لأنه فعليًا هناك اشتباك وهناك نوع من الإدارة الفصائلية له، ولا يمكن أن تمضي عملية إدارة الاشتباك هذه دون رؤية واضحة، أو أن تبقى متأخرة عن الحراك الجماهيري أو ساعية لتوجيهه قسرًا لمساحات دون أخرى.

لا يمكن فصل ما سبق عن النقطة الأكثر محورية بشأن الحراك الجماهيري القائم، وهي حقيقة عدم تمثيل البنى الجماهيرية القاعدية المشتبكة مع العدو باختلاف أطيافها ومساحة انتشارها في فلسطين المحتلة، لا تمثيل لهذه الاجسام والحركات الجماهيرية ضمن أي بنية قيادية فلسطينية، لا الرسمية منها، أو حتى الفصائلية على غرار لجان القوى الوطنية والإسلامية.

صحيح أن البيئة الفصائلية ما زالت المنتج الأبرز للفعل الجماهيري، ولكن ليس من المعقول أن تتوقع الفصائل والقوى الوطنية أن تستمر بذات الهياكل والأطر القديمة - الجامعة والمهمة -، وإلا يكون هناك تجديد لبنية هذه الأطر ولا رفد بعناوين وأطراف وشخصيات، تعبر عن أشكال تنظيمية متعددة يخلقها يوميًا الشارع الفلسطيني، بلغة أو بأخرى، فقد بات من الممكن كما هو من الضروري إنجاز بنية قيادية للفعل المنتفض في وجه الاحتلال، تشمل كل تلك المكونات المجتمعية والأشكال التنظيمية البسيطة التي أبدعها شعبنا، وذلك ما يجب أن يتكامل أيضًا مع مسعى لاستعادة البنية السياسية الفلسطينية لفعاليتها وقدرتها ووحدتها.