Menu

قُضاة للهدف "لا صحّةَ لموعدِ تسليم مقارّ المحاكم بغزة".. ومُختصّون: حل مُشكلاتِ القضاء مفتاحُ إنجازِ المصالحة

مقرّ السلطة القضائية

غزة_ خاص بوابة الهدف_ بيسان الشرافي

نفى رئيس المجلس الأعلى للقضاء في قطاع غزة المُستشار عبد الرؤوف الحلبي ما تمّ تداوله، مؤخرًا، حول التوافق على تسليم مقارّ المحاكم بغزّة لحكومة الوفاق الوطني، مُنتصف شهر يناير الجاري، وترشيح أسماء شخصيّات لشغل المناصب العليا في الجهاز القضائي.

وأكّد المستشار الحلبي في اتصالٍ مع بوابة الهدف أنّ "كلّ ما جرى تناقله عبر وسائل الإعلام حول تسليم مقار المجلس الأعلى للقضاء بغزّة، وتسمية شخصيّات لشغل مناصب عُليا فيه مُجرّد فقاقيع، لا أساس لها من الصحّة".

وكانت وكالات محليّة نشرت أنباء نقلًا عن مصادر خاصّة –لم تُسمِّها- حدّدت فيها تاريخ 15 يناير 2018 كموعدٍ لتسليم مقارّ المحاكم بقطاع غزة للسلطة الفلسطينية، إضافةً لترشيح أسماء عدد من القضاة، من غزّة والضفّة، لشغل مناصب: رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ونائبه، والنائب العام. ونوّهت الوكالات ذاتها إلى أنّ هذه التفاهمات جرت عقب زيارة وزير العدل بحكومة الوفاق علي أبو دياك للقطاع مؤخراً.

إحدى الشخصيّات التي تمّت تسميتها كـ"مُرشّح بارز" لشغل منصب رئاسة المجلس الأعلى للقضاء- وفق ما جرى تداوله- قاضي المحكمة العليا بغزّة المُستشار فايز زيارة، الذي نفى بدوره أن يكون جرى التواصل معه بشأن تولّيه المنصب أو ترشيح اسمه لشغلِه.

وقال المُستشار زيارة في اتصالٍ مع بوابة الهدف "لا علمَ لي بالأمر، شخصيّاً أو رسميًا، ولم يتم التواصل معي بهذا الخصوص". مُعتقدًا أنّ الأمر مُجرّد "أخبار صحفيّة".

المُستشار عبد الرؤوف الحلبي، الذي تردّد –عبر الأنباء ذاتها- أنّه سيشغل منصب نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، نفى كذلك وبشكلٍ قاطع صحّة الأمر، وجدّد تأكيده لبـوابة الهدف على أنّ "أيّاً من تفاصيل هذه الأخبار غير صحيح".

"بوابة الهدف" بدورها توجّهت إلى مُختصّين في الجانب القانوني لتبيان مدى تأثير "تسليم مقارّ المحاكم بغزّة لحكومة الوفاق، وكذلك التوافق على الشخصيّات التي ستشغل المناصب العُليا في الجهاز القضائي" على حلّ المُشكلات التي تكتنفه، إذ أوضحوا أنّ التوافق بشأن هذه الإجراءات سيكون تقدمًا هامًا في سياق استعادة وحدة القضاء واختراقًا جيّدًا على صعيد تنفيذ اتفاق المصالحة، نظرًا للارتباط الوثيق بين ملفّ القضاء وغيره من الملفات الأخرى ذات الصلة بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.

وتأكيدًا لما أنِفَ ذكره، فإنّ مصادرَ خاصة من النيابة العامة بالضفة المحتلة قالت لـ"بوابة الهدف" إنّ "أيّ تقدمٍ في ملفّ القضاء، بما يتضمّنه من تسليم المقارّ بغزّة، مرهونٌ بالتوافق أوّلًا على أنّ يكون هناك نائب عام واحد فقط للضفة وغزّة مًعا". بمعنى أنّ التوافق حول "شخص النائب العام الفلسطيني" سيرتدّ بتفكيك وحلّ مُشكلات القضاء بالتدريج.

وكان النائب العام بالضفة المستشار أحمد براك زار القطاع، بتاريخ 19 نوفمبر الماضي، والتقى "نظيره" في غزّة المُستشار ضياء الدين المدهون، بحضور شخصيّات أخرى. وتناول اللقاء وفق تصريحات براك "كيفية عمل النيابة العامة وعودتها بشكل صحيح وفق قانون السلطة القضائية، وآليات توحيد القضاء بين غزة والضفة".

المستشار عبد الرؤوف الحلبي الذي حضر اللقاء، قال لبوابة الهدف "إنّه جرى الحديث خلالَه على أساس أنّ الجهاز القضائي هو مرفق خدماتي لكافة أبناء الشعب الفلسطيني، لذا يتطلّب الأمر أن يتمّ التوافق بين غزّة والضفة لتوحيد القضاء". نافيًا أنّ يكون جرى الحديث خلال زيارة براك لغزّة عن "آليات محددة" في هذا السياق. وتأمّل بدوره أن "يتم في وقت قريب التوصّل لتفاهمات وتوافق في ملفّ القضاء، الذي يستدعي الاستعجال".

المُختصّون الذين تواصلت معهم "بوابة الهدف" أوضحوا كذلك أنّ "أثر التوافق على شُخوص المناصب العُليا في الجهاز القضائي، وفقَ ما يقتضيه القانون الأساسي الفلسطيني، سينعكس بأنّه سيقع على عاتقهم إعادة ترتيب الجهاز القضائي، كلٌ وفق مجال اختصاصه ووفق القوانين والأنظمة المُتبّعة، وبهذا سيكون ملفُ القضاء قد حُلَّ".

وحول وجود مجلس أعلى للقضاء في قطاع غزة، وآخر في الضفة المحتلة، قال المُستشار فايز زيارة "إنّه لا يجوز أن يكون هناك مجلسيْن، فالأصل هو وجودُ مجلسٍ واحدٍ نظرًا لأنّنا دولة واحدة ونظام قضائي واحد في غزّة والضفة، بينما يُمكن أن يُوجد رئيس مجلس برام الله – على سبيل المثال- ونائب له أو مُسير أعمال في غزّة، أو العكس".

وأضاف أنّ "القضاء هو سلطة مُستقلّة، وقد استمرّ بالعمل فيه بعد أحداث الانقسام حتى أواخر نوفمبر 2007، قبل أن تطاله تداعيات الانقسام، ولطالما طالبنا بضرورة وحدة الجهاز القضائي نظرًا لأهمّيته الخاصة، وهذا مطلب أساسي لتحقيق العدالة".

وفرّق المُستشار زيارة بين تعبيريّ "توحيد القضاء" و"وحدة القضاء"، مُوضّحًا أنّ تعيين القضاة يجب أن يكون وفق قانون السلطة القضائية والقانون الأساسي الفلسطيني، وهو ما يُوجِب التوصّل لتفاهمات عالية المُستوى لإيجاد حلول للتعامل مع القضاة العاملين في غزة".

وفي هذا السياق، أوضح المُستشار زيارة أنّ "هناك فرقًا بين القُضاة من جهة وموظفي السلطة القضائية من جهةٍ أخرى" فيما يتعلّق بكيفيّة التعامل معهم في إطار إنجاز خطوات المصالحة الخاصّة بدمج الموظفين واستيعابهم، مُبيّنًا أنّ "موظفي السلطة القضائية الحاليين يشملهم اتفاق القاهرة 2011 والتفاهمات الأخيرة، في حين أنّ القضاة يجب النظر بوضعهم في سياق خاص، نظرًا إلى أنّ القاضي يجب أن يتم تعيينه بموجب قانون السلطة القضائية، وليس قانون الموظفين العام، كما يجب أن يتم تعيين القضاة بشكل عام بمنأى عن أيّة اعتبارات أو تفاهمات سياسّية".

وقال زيارة "يُمكن دمج أو استيعاب عدد لا بأس به من القضاة، العاملين حاليًا بغزّة، في السلطة القضائية الفلسطينية ليكونوا قضاة شرعيين، بمعنى أن يتمّ تعيينهم وفق قانون السلطة القضائية وبتنسيبٍ من المجلس الأعلى للقضاء وإصدار مرسوم رئاسي".

كما رأى المُستشار عبد الرؤوف الحلبي أنّ التعامل مع القضاة وكذلك مُوظّفي السلطة القضائية في إطار الدمج والاستيعاب تطبيقًا لتفاهمات المصالحة "لن يُشكّل عقبة"، وقال "إنّ الحاجة للقضاة، خاصةً في قطاع غزّة، هي بضعف عدد الموجودين حاليًا، وعليه فإنّ إمكانيّة استيعاب الجميع واردة".

جدير بالذكر أنّ "حساسيّة ملفّ القضاء عن غيره من الملفات، تُضفي عليه أهميّة خاصّة" وفق ما نوّه إليه المختصّون، الذين أعربوا في هذا السياق، وخلال حديثهم لـ"بوابة الهدف"، عن أملهم بأن يتم تطبيق قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002م، الناظم لكلّ ما يتعلّق بالمحاكم والقُضاة والمجلس الأعلى للقضاء والنيابة العامة إضافة لوزارة العدل، والذي تُخترق أحكامه في كلٍ من الضفة وغزة، وخاصّة بعد أنّ تمّ تشكيل مجلس أعلى للقضاء في القطاع عقب أحداث الانقسام الداخلي، في خرق صارخ لأحكام القانون المذكور، وهو ما ندّدت به جهات حقوقيّة وقانونيّة عدّة في حينه وأنذروا بمخاطره، باعتباره "انهيارًا للجهاز القضائي". وشدّد المختصّون ختامًا على أنّه "يكفي أن يتم تطبيق قانون السلطة القضائية بكل ما يتضمّنه من أحكام، لحلّ المُشكلات التي تكتنف جُلّ ملف القضاء".