Menu

في كلمةٍ بذكرى ميلاده..

بالفيديوالمفكّر والباحث الفلسطيني غازي الصوراني يستذكر رفيقه القائد اليمني عبد الفتاح إسماعيل

الرفيق المفكّر غازي الصوراني

غزة _ بوابة الهدف

وجَّه المفكّر والباحث الفلسطيني الرفيق المناضل القومي الماركسي غازي الصوراني التحيّة إلى روح الشهيد المناضل اليمني عبد الفتّاح إسماعيل في ذكرى ميلاده، حيث استذكر الصوراني رفيقه المناضل إسماعيل بأسطرٍ نبش فيه ذاكرته مُتحدّثًا عن مناقب الشهيد الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني وسجاياه.

وعقب رسالةٍ وردت إلى الرفيق الصوراني من الرفاق في الحزب الاشتراكي اليمني طلبوا منه تسجيل كلمةٍ بمناسبة ميلاد الرفيق الشهيد عبد الفتاح إسماعيل، إذ قال فيها إنّ "الوفاء الحقيقي للقائد الثوري الماركسي الرفيق الشهيد عبد الفتاح إسماعيل الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني وللرفيق القائد الراحل الحكيم جورج حبش وكذلك الوفاء للرفيق الشهيد غسان كنفاني وغيرهم من القادة المناضلين الثوريين هو تجسيد للالتزام الذاتي والموضوعي بمبادئ التحرّر والنهوض الوطني والقومي التقدمي من أجل تحقيق أهداف الثورة الوطنية الديمقراطيّة بأفاقها الاشتراكيّة التي أطلقها الحكيم ورفاقه في قيادة حركة القوميين العرب في كل أرجاء وطننا العربي".

ولفت الصوراني إلى أنّ "المناضل اليمني القومي العربي الماركسي عبد الفتاح إسماعيل تميّز دومًا بتواضعه وبدوره الثوري في خضم الصراع ضد الاستعمار الإنجليزي وضد القوى الرجعيّة وكافة القوى اليمينيّة ملتزمًا برؤاه ورسالته الماركسية الثورية من أجل مستقبل الثورة الاشتراكية الديمقراطيّة في اليمن وامتداداها وتواصلها عبر المناضلين الثوريين في الخليج والجزيرة العربيّة، حيث آمن الرفيق إسماعيل وهو ابن مدينة تعز اليمنيّة دومًا بتلك الوحدة الضروريّة بين كافة أطراف الجماهير الشعبيّة في كل الخليج والجزيرة العربيّة وكل الأقطار العربيّة، حينما كان يعمل معلّمًا في مدارس عدن التحق بحركة القوميين العرب، ثم التحق في صفوف قيادات الجبهة القوميّة لتحرير اليمن مع رفاقه أمثال قحطان شعبي وفيصل عبد اللطيف وعبد الله الخامري وكل هؤلاء في مرحلة من المراحل التقوا في القاهرة في مكتب لهم بعمارة الإيموبيليا، ومن حسن حظي أنّني داومت في هذا المكتب في العام 1968 مع الرفاق في جبهة تحرير ظفار واستذكرنا تلك الأيّام مع الرفاق اليمنيين".

وأشار الصوراني إلى أنّه "في تلك الفترة الذهبيّة من تاريخ أمّتنا، تم تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي لإسقاط حكومات المشايخ العملاء، وجهة تحرير ظفار لإسقاط نظام السلطان العماني، والجبهة القومية لتحرير اليمن، والحزب الثوري العربي في الجزيرة العربية لإسقاط نظام الأسرة السعودية العميلة، ما يتطلب من كافة الرفاق اليساريين الماركسيين في بلدان الوطن العربي عموماً ورفاقنا في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين خصوصاً، أن نتواصل مع مسيرة القائد الراحل الحكيم والقائد الشهيد عبد الفتاح إسماعيل وغسان وغيرهم ليس من أجل ضرورة التواصل مع أفكارهم ومبادئهم الثورية التقدمية الوحدوية فحسب بل أيضاً لنجسد بوعي وعبر الممارسة الروح والأخلاق الرفاقية الثورية التي تحلى بها رفاقنا وحرصوا على أن يكون الحزب الثوري الماركسي في كل قطر ٍ عربي حضناً دافئاً لكل رفاقنا كما كان الحزب الاشتراكي اليمني وكانت جمهورية اليمن الاشتراكية حضنًا دافئًا لكل الرفاق، وكنّا نعتبرها فلسطيننا الثانية استناداً والتزاماً واعياً مخلصاً للأخلاق الثورية والعلاقات الرفاقية الديمقراطية مع رفاقنا في اليمن الجنوبي".

وأكَّد الصوراني أنّ "الظروف التي جاءت فيما بعد، وخاصّة بعد وفاة الزعيم جمال عبد الناصر أدت إلى إحداث الكثير من المتغيّرات وصولاً إلى المرحلة الراهنة من حالة الانحطاط الرهيب الذي تعيشه شعوبنا العربيّة، وذلك بعد أن أصبحت أنظمة العرب في معظمها تابعةً وخاضعة إلى الشروط والمشاريع الإمبرياليّة الصهيونيّة في المرحلة الراهنة".

وشدّد الصوراني: "تلك هي روح الثورة ودروسها التي يجب التواصل معها لضمان تقدّم وانتشار الروح الثوريّة في أوساط الجماهير الشعبيّة، كمنطلقٍ رئيسي بما يمكننا من تحقيق مقومات النهوض لأحزاب وفصائل اليسار في مغرب ومشرق الوطن العربي على طريق تحقيق واستعادة دورها الطليعي لكي نعيد معاً تأسيس وبناء الحركة الاشتراكية العربيّة كإطارٍ تنظيمي وسياسي وفكري يلتحم بالجماهير الشعبية الفقيرة في فلسطين وكل أرجاء هذا الوطن العربي لتحقيق أشواقها وأهدافها في التحرر والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتحقيق أهداف الثورة الوطنية الديمقراطية بآفاقها الاشتراكية".

وبيّن أنّ "الرفيق عبد الفتاح هو أحد أهم الذين قاموا بصيغة ما عُرف بالبيان السياسي للجناح اليساري للجبهة، ثم انتخب عام 1969 أمينًا عامًا للجنة المركزيّة للجبهة القوميّة، وفي عام 1970 أصبح رئيسيًا للجنة التنفيذيّة، لكنّه كان دومًا حريصًا على تفعيل أفكاره التقدميّة الماركسية، وقام بدورٍ بارزٍ في هذه الوجهة باتجاه تفعيل كل الأطر القومية، وقد نجح في ذلك وولد الحزب الاشتراكي اليمني عام 1978 وأصبح الرفيق عبد الفتاح رئيسًا لمجلس الرئاسة ثم أمينًا عامًا للحزب، فيما وقفت بعض القيادات اليمينيّة في الحزب بوجه الرفيق عبد الفتاح بالمرصاد ما اضطّره لتقديم استقالته في ربيع العام 1980 وخرج من اليمن إلى روسيا حيث استقبله الرفاق السوفييت والكوبيين الذين كانوا يقدّرونه عاليًا ويحترمونه لوعيه العميق ولقوّة التزامه ومصداقيته تجاه قضايا الجماهير الشعبيّة في اليمن والخليج والجزيرة العربيّة".

وأردف المفكّر الصوراني قائلاً: "في بداية العام 1986 عاد الرفيق عبد الفتاح إلى اليمن وسرعان ما اندلعت نيران الثورة المضادة والخلافات الحزبية من التيارات اليمينيّة داخل الحزب، حيث سقط المئات من الشهداء والضحايا"، فيما ذهب الرفيق الصوراني بعد ذلك قارئًا بعضًا من خواطر الرفيق عبد الفتاح وهو في مستشفى العاصمة الكوبيّة هافانا، إذ يقول الرفيق الراحل عبد الفتاح في خواطره: "رغم عالمي الحلو الجديد شاركت في الأفق البعيد، لكني أرى ولا أرى حيث الحدود بلا حدود، والوعي واللاوعي لا يستطيع أحدهما أن يقود، والصراع يهدأ لكي يعود، أحيانًا الحقيقة تكمن في اللاوعي، واللاوعي حاضر رغم الغياب، لكن الوعي يشدّني يحاصرني عند الشروق والغروب عند الطبيب وشتى أنواع الفحوص والحبوب، واللاوعي لا يسأل ولا يجيب، لكنه يطير بنا إلى الجنوب، إلى عدن وطني الحبيب".

وفي ختام حديثه، شدّد المفكّر الصوراني على أنّه "ورغم إدراك الرفيق عبد الفتاح والرفاق في اليمن عمومًا لأوضاع التخلّف الطبقي والاجتماعي والثقافي وشدّة ضعف التطوّر الاقتصادي في اليمن واستمرار سيطرة النظم والعقليات القبائلية فيه وعدم نضوج الأوضاع للثورة الاشتراكيّة، إلّا أنّ الرفيق عبد الفتاح كان مثقفًا ثوريًا كما يُعرّفه غرامشي، أي المثقف الثوري العضوي، حيث آمن بضرورة أن يأخذ المثقف الماركسي دوره كبديلٍ للطبقة الغائية، وللبروليتاريا الغائبة عن اليمن، وهكذا كان مع العديد من رفاقه الماركسيين في اليمن الذين آمنوا بضرورة أن يأخذ المثقف الماركسي دوره في المسيرة الثورية، وبالفعل استطاع الرفيق عبد الفتّاح اثبات وجوده عبر نضاله وكتاباته وكتبه وخاصّة كتابه في الثورة الوطنيّة الديمقراطيّة، كما أنّه ظلّ وفيًا لمبادئه حتى آخر لحظة من عمره".