Menu

حرب الشعب كإستراتيجية لهزيمة الاحتلال

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

لن يأتي "العالم" ليخلصنا من المشروع الصهيوني، فرصتنا في مواجهة هذا الغزو الاستعماري تتعلق تحديدًا بالشعب الفلسطيني وقدرة حلفائه وأعداء المنظومة الاستعمارية على إضعاف قدرتها، وأيضًا قدرة الفلسطينيون على إضعاف رهان المنظومة الاستعمارية على المشروع الصهيوني، وافقادها الثقة بإمكانية قيامه بدوره ضمنها، وكلا المسارين متلازمين بالتأكيد، وبينما يملك الفلسطيني قدرة على التأثير في شقه من المعادلة بشكل مباشر وفاعل، فإن قدرته على تغيير موازين القوى في العالم محدودة نسبيًا ودوره في هذه المساحة لا يتجاوز حسن اختيار التحالفات ونبذ أي رهانات تسهم في تغطية أو تقوية المنظومة الاستعمارية، أو اضعاف حلفائه من أعدائها وضحاياها.

إن صمود الفلسطيني وقدرته على ابتداع أدوات المقاومة وتحسين استخدامها واستثمارها لأقصى مدى ممكن، هي مساحته الأولى والرئيسية، التي لا يمكن إخضاعها للمجاملات أو استنزافها بالمشاحنات والكيد وتضخيم التناقضات الفرعية على حساب التناقض الرئيسي مع العدو الصهيوني.

تركت جولة العدوان التصعيدية الأخيرة ضد غزة، كم كبير من الأسئلة والملاحظات حول إدارتنا للمعركة واستعدادنا لها، وما يتجاوز ذلك حول استراتيجيات المقاومة وضرورة تطويرها تبعا لتطور أهدافها وكذلك تطور التحديات التي تلقى على عاتقها، في هذه المساحة كان هناك الكثير من التشويش وتأثيرات الحرب النفسية التي يشنها العدو على شعبنا، ولكن ذلك لا يمكن أن يكون ذريعة أو سبب لإزاحة العمل الضروري عن طاولة المقاومة والمجموع الوطني الفلسطيني.

السؤال المحوري الذي يتحدّر منه كل هذا الجدل بصخبه وفوضاه في الحيز الجماهيري المفتوح، وأيضًا في انتظامه في هيئات وغرف العمل الوطنية المنظمة، هو حول الآليات والاستراتيجيات اللازمة والضرورية لإلحاق الهزيمة بالاحتلال بمعناه الاستراتيجي، وبالمعنى المباشر والمرتبط بهذه المرحلة من الصراع، حول إمكانيات تطور المقاومة وتسليح الشعار المرفوع والهدف المطلوب لهذه المرحلة بالأدوات الملائمة، فإذا كان الشعار هو استعادة وحدة النضال الفلسطيني في كل ساحات الوطن وفي الشتات الفلسطيني، فما هو دور المقاومة المسلحة العنوان الأساسي للكفاح الفلسطيني في إنجاز هذه المهمة، وما هي أدوات التنظيم لهذه الجماهير التي تزداد حرصًا على المكون الفدائي المسلح، وتأييدًا لفعله، وخشية عليه من أي ثغرات قد يُؤتى منها.

لا يحتاج طرح أسئلة المواجهة مع العدو في أي من مراحلها لتقييدها ضمن معسكرات فلسطينية، فحتى المكون السياسي الفلسطيني الرسمي الذي ينبذ المقاومة المسلحة ويسعى لمنعها، هو جزء من هذا الجدل كونه يستأثر فعليًا بموارد مهمة مؤثرة في ميزان المعركة، وأي من البنى الاجتماعية والمؤسسات ليس بمستثنى من المساءلة حول دوره، ولكن السؤال الأساسي موجه للقوى الوطنية المؤمنة بالمقاومة والكفاح والمواجهة كأداة لهزيمة المشروع الصهيوني، وبما يتجاوز سؤال السلاح وأدوات وتكتيكات استخدامه والضرورات التنظيمية والتعبوية لمد مساحة انتشار الفعل المسلح وتوسيع رقعة الاشتباك وزيادة استنزاف العدو وتقليص خسائر شعبنا وقواه المقاتلة. سؤال حول رؤية المكون الفدائي المنظم والمسلح، حول فعل كل طرف فلسطيني بما يحقق أفضل ظروف ممكنة لتعزيز مناعة المقاومة المسلحة، وقدرتها في أي مواجهة مع العدو، وأيضًا سؤال أدواتها واستراتيجيتها لانخراط كل فلسطيني من موقعه وأدواته في المواجهة مع الاحتلال.

إن رفع استنزاف الاحتلال إلى حدوده القصوى، وخفض معدل الاستنزاف الفلسطيني لحدوده الدنيا، يتطلب أولًا معالجة عنوان التعبئة والتنظيم في ظل المهمة المطروحة، وعناوين الدعم والإسناد لبيئات الصمود والاشتباك، فهذه الفصائل والقوى التي انطلقت لأجل تحرير فلسطين لا تقتصر وظيفتها على إطلاق النار، بل صناعة امكانية الانتصار لشعب فلسطين بأسره على الاحتلال، ذات يوم كان جواب الإجماع الفلسطيني هو "حرب الشعب طويلة الأمد"، وهي لم تزل حرب للشعب لأجل وجوده وفرصه ومستقبله وتاريخ طويل من التضحيات التي قدمها في هذا السبيل.