Menu

معركة الضفة: فلسطين الوسطى تقاتل

بوابة الهدف الإخبارية

خاص_بوابة الهدف الإخبارية

تمثل الضفة الغربية لنهر الأردن، على صغر حجمها قياسًا بمساحة فلسطين الكلية، عنوانًا محوريًا في الصراع بين العدو الصهيوني وشعب فلسطين ومقاومته، فحيثما وجدت غالبية فلسطينية مقابل المستوطنين، متصلة نسبيًا، أنتج الفلسطينيين مقاومة أدمت المحتل، وفي حالتي غزة وجنوب لبنان أخرجته وحققت التحرير.

وفي حالة الضفة تحديدًا؛ تتشبث هذه الأغلبية بموضعها قريبًا من قلب المركز الاستيطاني للكيان، كل هدف قاتلت غزة أو لبنان لبناء وتنصيب صاروخ قادر على إصابته، طاله فدائي من الضفة الغربية ببندقية أو مسدس أو سكين... حتى وزارة الدفاع الصهيونية لم تسلم من هجمات فدائيي الضفة، وقد صال علي الجولاني صولته على أبوابها في انتفاضة الأقصى، و جال رجال أبو علي مصطفى ليقطفوا رأس وزير صهيوني من قلب الكيان، وحين توفر مدفع هاون أو اثنين من عيار صغير في بيت جالا كانت منظومة أمن العدو بأكملها ترتجف.

لقد عمل العدو منذ عدوان السور الواقي على نحو مكثف لتقويض كل العوامل الكفيلة، بإعادة إنتاج المقاومة؛ السلاح؛ ارادة القتال؛ الهوية؛ الأرض، المال، البيئة الاجتماعية؛ الثقافة والمقولات والنخب وقطاع الأمن الفلسطيني، كل شيء أُعيد مسخه ليحرس أمن الاحتلال ويقطع أي متنفس لاندلاع القتال، لامتشاق السلاح.

هذا الانكسار في خط المقاومة ومنحاها لم يطل كثيرًا، ولم يحتاج إلى تحول استراتيجي في ميزان القوة أو في تسليح من يحمل إرادة القتال في الضفة، الحجارة والسكاكين وزجاجات المولوتوف، شقت طريق انسلت آليه البنادق بصمت، ثم ارتفع صوتها تدريجيًا، ما زالت العمليات الهجومية في معظمها تستند لأدوات بسيطة تنظيميًا وتسليحيًا، ويغلب على الحالة المسلحة سلوكًا دفاعيًا في بضعة من البؤر التي يستخدمها العدو يوميًا؛ الأثمان باهظة، والدم ينزف، هذا هو الحال ربما في بداية كل موجة للمقاومة منذ وجود هذا الغزو على أرض فلسطين والعرب؛

الشكل؛ التكتيك؛ الاستراتيجية؛ الأمن؛ الحرص، الذكاء، الحيلة؛ التخطيط؛ السلاح، كل هذا يتضاءل في صوته وأهميته أمام حضور الإرادة، وانتشار تلك النار.؛ تلك العدوى التي تلهم الناس شغف الاحتراق، وإشعال الأرض بالغزاة.

قد يكون من المبكر كثيرا الحكم على مستقبل هذه الموجة من الفعل المسلح، ولكن المؤكد أن الفعل المقاوم بكافة أشكاله قد تجاوز إلى حد ما مخاضه العسير جدًا، والذي استمر لسنوات بعد انهيار البنية الفلسطينية المقاتلة في الضفة.

لا ينتظر أهل الضفة المحتلة أن تنتظم الفصائل، أو تعيد بناء أجسامها، ففي نهاية المطاف الهدف هو إطلاق الفعل؛ الرصاص؛ والكلمة والمولوتوف، هم يذهبون مباشرة نحو ذلك حين تنقطع أدوات التنظيم وسبل التواصل أو الإمداد.

مع كل هاذا قد يكون التفاؤل وخطاب الدعاية حول الإرادة أداة مضادة تقتل شعبها وتغتال مقاومته، فما زالت هذه البؤر المقاتلة؛ تحتاج للكثير: حواضن الإيواء وسبل دعم صمود هذه الحواضن، وتطوير الفعل وإمداده وتسليحه بشكل أفضل، كل هذا يحتاج للكثير من القوى والفصائل الوطنية، ومن أنصار وداعمي المقاومة في كل موضع، فما أثبته الفلسطيني خلال السنوات الماضية أنه حين يقاتل لا يشاغل الصهاينة، بل يسرع الخطوات ويحرق المراحل نحو قتال حقيقي، يسهم فيه بمعادلة التحرير، الفعل والفاعل لا ينتظر نضج الظروف أو تكامل الأدوات، يستعجل الاشتباك ويجيد صناعته من أقل الممكنات، قد يكون في هذا ضرب من الجنون، ولكن ما قتال هذا العالم إلا جنونّا شجاعا في وجه جبن يردد أراجيف باسم المنطق.