Menu

في هذه المرحلة: ما الذي قد تعنيه السياسة؟

بوابة الهدف الإخبارية

خاص_بوابة الهدف الإخبارية

تحددت نظرة العدو الصهيوني للسلطة الفلسطينية منذ زمن بعيد، وإن كان الخطاب حولها بات أكثر وضوحًا وعلانيةً في هذه المرحلة، ففي الوقت الذي يعلن فيه رئيس وزراء العدو ذرًا للرماد في العيون عن قبوله بحل يسمح بإقامة دولة فلسطينية؛ يدرك العالم بأكمله أن امكانية إقامة هذه الدولة ولو على شبر واحد من فلسطين قد أنهاها الاحتلال بنفسه بالفعل، وأن مفتاح الحل هو هزيمة هذا الاحتلال وكسر هيمنته على أرض فلسطين؛ كسر القوة الغاشمة وأدوات السيطرة في كل شبر من البلاد وفي كل موضع يصمد فيه الفلسطيني، وفي هذا كله لا فارق بين حدود ١٩٦٧ وحدود ١٩٤٨؛ فلم يعد تقسيم مراحل وأدوات النضال حسب تقسيمات القرارات الدولية حول فلسطين مجديًا، فكل ما تنص عليه هذه القرارات قد ضربه الاحتلال بالفعل.

موضع السلطة الفلسطينية في هذا كله، أن تعامل العدو معها وقراره الاستراتيجي بشأنها هو تمامًا مطابق للمحددات الصهيونية بشأن أي بنية كيانية سياسية للفلسطينيين على أرضهم؛ ما دون الحكم الذاتي المُقلص؛ جسم يتكفل بحمل أعباء عن الاحتلال وتسهيل مهماته وتغطية عملية تدميره الكامل للوجود الفلسطيني؛ خصوصًا في الضفة المحتلة، وهنا لا نخوض الجدل السياسي حول مشروع التسوية وخطأ أوسلو وما جلبه -رغم كارثية هذا المسار بأكمله- ولكن نؤكد على حقائق قائمة تتعلق بسياسة الاحتلال وفهمنا لها وما يترتب على ذلك من موجبات بشأن التعامل معها.

في أرضنا المحتلة عام ١٩٤٨، يتم تحديد أدوار أحزاب الكنيست كوسيط محلي بين المُحتل والجماهير الفلسطينية، وأداة لعزل هذه الجماهير عن عمقها الفلسطيني والعربي وحصرها في دور الأقلية والمطالبات بفتات حقوق قد تقدمها دولة المستوطنين والغزاة لمجموعة سكانية؛ فالمساواة والدولة التي تساوي بين مواطنيها هي أحلام مشروعة في أي دولة، لكن هذا يتطلب أن يكون هناك دولة وليس منصة حربية عدوانية غازية، وأن يكون هناك مواطنون مرتبطون معًا ومرتبطون بأرضهم لا غزاة قادمين من وراء البحار؛ أقاموا قاعدة لهم اعتمادًا على القتل والذبح والتهجير، ويقفون في كل يوم ليسنوا الحراب و يكدسوا الذخائر وأدوات الموت للقتال ضد كل محيطهم وفي مقدمته الفلسطيني داخل الأرض المحتلة.

إن الأفق السياسي المتاح أمام الفلسطيني اليوم، لا يتعلق إطلاقًا بتلك الأدوار التي يحددها الاحتلال، ولكن بقدرة الفلسطينيين على انتزاع حقوقهم الوطنية بترجماتها وتفريعاتها الفردية والجماعية؛ حقوقًا ينتزعها مشروع وطني للتحرر من أنياب الغزاة، ودحر مستمر لسلطة وهيمنة العدو على أرض فلسطين، واستنزاف لأدوات القهر وسلطة العذاب والتنكيل بالإنسان الفلسطيني. وهذا يتطلب ما يتجاوز بكثير الخطاب السياسي والبرامج؛ فلقد استنزف العدو رصيدًا هائلًا من الاستحقاق الفلسطيني والشرعية المعترف بها دوليًا، بأدوات القتل وأدوات التسوية والتطويع، وإذ يعيد الفلسطيني مراكمة الرصيد، فإنه يفعل ذلك بالنضال اليومي على أرض فلسطين؛ نضال يحتاج لأدوات لتحقيق وحدته ببرنامج وجسم نضالي وقيادة وطنية نضالية موحدة.